“من أراد السياسة فليبتعد عن الأعراف” .. حكاية “سيدة أعمال” حفرت اسمها بقلوب التونسيين

-وداد بوشماوي امرأة أنعشت الاقتصاد التونسي .. و تحدت رجال الأعمال و نجحت في الحصول علي جائزة نوبل للسلام

– ساعدت تونس في الظروف الصعبة على تقديم صورة مشرقة عن بلدها .. وتؤكد أن الكرامة والعيش الكريم لكل التونسيين مسؤولية رجال الأعمال

 

تقرير: سعاد محمد – محمد الأنصاري

“المرأة التي هزت عرش الاقتصاد التونسي للأعلي” ليست جملة من فراغ ولكن ما حدث خلال السنوات الماضية يوضح و يكشف مدي حبها لوطنها العزيز ..مدت يدها للجميع قدمت رأيتها للخروج من الكبوة الاقتصادية تحملت علي عاتقها مهام لا يقدر رؤوسا كثيرين تحملها .. صاحبة أشهر مقولة في الوسط التونسي وهي “من يريد ممارسة السياسة فليفعل ذلك بعيدا عن المؤسسات التي يعمل بها” .. صلابة مواقفها وثباتها ودفاعها عن قيم المجتمع التونسي جذب الجميع لها.. لم تبخل وداد بوشماوي الرئيسة السابقة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وقت تقلدها المنصب بنصيحة واحده عن محيطيها فكانت الأم وقت الضيق والأخت وقت المشورة و الصديقة وقت التعب لذلك استحقت الاحترام من الجميع فخرجت من منصبها مرفوعة الرأس.

و قالت وداد بوشماوي عقب خروجها من الاتحاد إنها قامت بدورها وإنه ربما تكون هناك أخطاء لكن هناك العديد من الأشياء الإيجابية في فترة توليها رئاسة منظمة الأعراف 6 سنوات وقفت “بوشماوي” شامخة وسط المحافل الدولية تمثل تونس الحبيبة علي قلبها و استطاعت حصد العديد من التكريمات.

وداد بوشماوي أول امرأة عربية ترأس غرفة أصحاب الأعمال، حيث تمكنت بوشماوي من توظيف الخبرة التي اكتسبتها في إدارة مؤسسات عائلتها التي تنشط منذ عشرات السنين في قطاع النفط والنسيج، في تسيير منظمة الأعمال التي تعكس الثقل الاقتصادي للبلاد.

هاجمت “المرأة الحديدية” من يحاول إيجاد العمل بالتجارة الموازية وللإقتصاد غير القانوني الذي أضر باقتصاد حيث قالت في حوار سابق لها أننا بحاجة إلى مراقبة أفضل لحدودنا وتشجيع جدي للشباب على العمل المنظم كما يجب إقناع الشعب بأن دفع الضرائب هو عمل مواطني وأخيرا، يجب على الإدارة التونسية، التي لعبت في الماضي دورها بشكل جيد، أن تسترجع الصورة التي كانت تتحلى بها سابقا، حتى نجدد ثقتنا فيها.

“الرئيسة” الصفة التي أطلقها عليها أبناء منظمتها خريجة كلية التسويق والتجارة الدولية والتحقت بعد تخرجها من الجامعة بمؤسسات عائلتها لتساهم مع أشقائها في إدارة مجموعة الشركات الناشطة في قطاعي النسيج والبترول.

ورغم أن المهتمين بالشأن الاقتصادي وصفوا وداد بوشماوي بالمرأة المحظوظة لأنها سجلت اسمها في التاريخ أول امرأة ترأس منظمة الأعمال ولأن المنظمة حصدت في عهدها جائزة نوبل للسلام سنة 2015 بوصفها طرفا في الرباعي الراعي للحوار إلاّ أن العارفين بكواليس المنظمة يدركون جيدا أنها في موقع لا تحسد عليه.

وتعتبر رئيسة منظمة الأعراف السابقة توفير مقومات الكرامة وأسباب العيش الكريم لكل التونسيين مسؤولية رجال الأعمال، وذلك للقضاء على الفقر والتفاوت بين المحافظات، لافتة إلى أن طريقا طويلة تنتظر التونسيين لإحداث نقلة نوعية في مكافحة الإرهاب وأن تونس تعوّل على كفاءاتها وقدراتها الذاتية لتحقيق النمو الاقتصادي، رغم تطلعها إلى دعم ومساندة أصدقائها من كافة أنحاء العالم.

لقد ترأست وداد بوشماوي المنظمة بعد الثورة، وواجهت العديد من المصاعب والمشاكل والانتقادات، بسبب تدهور الوضع الأمني وصعوبات المناخ الاستثماري عموما، وهو ما جعل المتربصين بها يضعون لها الزلات، خاصة إذا تعلق الأمر بتقديم تنازلات في المفاوضات حول الزيادة في أجور العمال فتكتفي بالرد: “إنها معركة مناصب وهناك من استكثر علي المنصب”.

ولأن وداد أصلية الجنوب التونسي (محافظة قابس جنوب شرقي العاصمة)، يغلب عليها الطابع المحافظ الهادئ ذات القسمات الهادئة والطلة الكلاسيكية الذي يحبذه الرجال في المرأة التونسية فساعدتها هذه المميزات بالإضافة إلى خبرتها الطويلة في إدارة مؤسسات عائلتها الشهيرة في عالم المال والأعمال بتونس لوصول سدة الحكم في منظمة رجال الأعمال رغم صعوبة الظرف الذي تولت فيه هذه المسؤولية.

ففي مايو 2011 تقدمت وداد بوشماوي لمنافسة عدد من أرباب الأعمال من أجل قيادة المنظمة وحظيت بالإجماع رغم صعوبة السباق الذي فرضه منافسوها من الرجال للحصول على هذا المنصب.

وفي 2013 اختيرت وداد بوشماوي أفضل سيدة أعمال في الوطن العربي كما كللت مسيرتها سنة 2014 بالحصول على جائزة مؤسسة الأعمال التجارية للسلام.

وأشرفت باسم منظمة الأعمال، إلى جانب ثلاث منظمات وطنية، نهاية سنة 2013، على الحوار الوطني، الذي أنهى التجاذبات السياسية في تونس وتوج بتشكيل هيئة الانتخابات والتوقيع على الدستور واختيار حكومة تكنوقراط مهمتها تسيير مرحلة ما قبل الانتخابات العامة أكتوبر 2014 وهي العملية التي استحقت بها المنظمات الراعية للحوار جائزة نوبل للسلام.

وبالرغم من التتويجات التي حصدتها وداد، ذات السبعة وأربعين عاما، فإن طريقها لم يكن سهلا، فاتحاد الصناعة والتجارة ليس منظمة مدنية فقط، فهو سلطة المال ومركز القرار الاقتصادي وحتى السياسي في بعض الأحيان، وهو ما يجعل رئيسها مطالب بتوفير المناخ الاستثماري الملائم والامتيازات الاقتصادية والدفاع عن مصالح منظوريهم وحثهم في الآن ذاته على القيام بدورهم الوطني في دفع الاقتصاد التونسي، في هذا الظرف الصعب.

لم يكن من السهل أن يتقبل رجال الأعمال التونسيين أن تترأسهم امرأة فمنظمتهم (اتحاد الصناعة والتجارة الصناعات التقليدية) التي تأسست سنة 1947 ظلت منذ ذلك التاريخ إلى غاية سنة2011 ، محكومة بالعقلية الذكورية إلى أن أتت الرئيسة الحالية وداد بوشماوي لتقلب المعادلة.

ولإثبات حسن نية منظمتها، أمضت وداد بوشماوي مع الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي سنة 2012 اتفاق شراكة وصف بالتاريخي، من أجل السلم الاجتماعية وتحسين ظروف العمال، وهو ما أسس لمرحلة تشاركية توطدت برعاية المنظمتين للحوار الوطني الذي قاد تونس للحصول على جائزة نوبل للسلام في أوسلو.

ومنذ توليها رئاسة اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، لم تتورط وداد بوشماوي في تصريحات مستفزة لأي طرف من شركائها، من النقابيين أو سلطة القرار أو الأحزاب، حيث حافظت على مسافة بين مختلف هذه الأطراف مكتفية بإطلالات إعلامية مدروسة وتصريحات يغلب عليها الطابع الدبلوماسي، تسعى من خلالها تلميع صورة رجل الأعمال واعلاء دوره في دفع الاقتصاد والمساعدة على إيجاد حلول لوضع البلاد الصعب.

وخلال مدة ولايتها، زارت وداد بوشماوي الكثير من البلدان، داعية رجال الأعمال والعرب منهم خاصة، للاستثمار في تونس، وتبشرهم بقانون استثماري جديد يعتمد الشفافية والبعد عن البيروقراطية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى