منوعات

لوحة “الحرية” Delacroix – La liberte للفنان الفرنسي يوجين ديلاكروا

كتبت_ميار ترك

 

يوجن ديلاكروا كان أكثر رسام ارتبط أسمه بالحركة الرومانسية فى الفن والأدب ،وقد اقتفى خطى الشاعر بايرون ،فصور بخياله مشاهد عنيفة ومؤثرة من حرب الاستقلال اليونانية ،هذه اللوحة ربما تكون أشهر أعماله وأكثرها احتفاءً ،وقد أصبحت رمزاً للثورة والحرية ،وفيها يصور الفنان انتفاضة الشعب الفرنسي عام ١٨٣٠ ضد حكم عائلة دى بوربون على أمل أستعادة النظام الجمهورى الذى نشأ مباشرةً بعد اندلاع الثورة الفرنسية الأولى عام ١٧٨٩م.

الشخصية المحورية فى اللوحة هى رمز الحرية نفسه ،وقد رسمه ديلاكروا على هيئة أمرأة فارعة الطول وحافية القدمين وقد أنزلق رداؤها عن صدرها فى خضم المعمعة وانشغالها بحشد الناس من حولها استعداداُ للمعركة، النهاية التى ستقود إلى الحرية والخلاص ،تبدو المرأة هنا وهى ترفع العلم بيدٍ وتمسك بالأخرى بندقية وقد أشاحت بنظرها جهة اليمين كما لو أنها غير آبهة بأكداس الجثث أمامها ولا بما يجرى حولها من جموح وغضب .

ومن بين سحب الدخان فى الخلفية تظهر أبراج كنيسة نوتردام التى رسخ اسمها فى الأذهان بعد رواية فيكتور هوغو لتصبح فيما بعد رمزاً للرومانسية الفرنسية.

ولم ينسَ ديلاكروا أن يرسم نفسه فى اللوحة إذ يبدو فى يسارها مرتدياً قبعة طويلة وممسكاً ببندقية ،كانت عادة الفنانين والشعراء منذ القدم أن يرمزوا للحرية والعدالة بنساء جميلات ،وقد كرس الفرنسيون هذا التقليد بإختيارهم ماريان رمزاً للحرية الفرنسية ،واختيار الفنان لأمرأة عارية الصدر كرمز للحرية قد يكون أراد من خلاله الإشارة إلى أن الثورة تنطوى على إغراء وفتنة،وإلى أن العنف الذي يصاحبها هو جزء لا يتجزأ من الإيمان بالتغيير الجذرى وحكم الجماهير ،الثوار المنتفضون فشلوا فى إعادة الجمهورية آنذاك،لكنهم أستطاعوا إنهاء الحكم الملكى المطلق واستبداله بملكية نيابية.

ومضمون هذه اللوحة العنيف إلى حدً ما ،قد لا يعبر عن النتيجة التى آلت إليها الثورة فى النهاية، إذ أنتهت بظهور نخبة بورجوازية عاقلة أستلمت الحكم وأعادته تدريجياً إلى الشعب. الحرية تقود الشعب ،قد تكون تجسيداً للحرية التى تخالطها الفوضى ،ومن المرجح أن يكون ديلاكروا قصد أن يكون المشهد بعموم تفاصيله وشخصياته تعبيراً عن معنى الثورة فى بعدها الرمزي والفلسفي ،أى ذلك المزيج من الجموح والشهوة والجريمة والعنف.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى