في الأمسية الخامسة من “الشارقة للشعر العربي” شعراء ينشدون للسلام والمحبّة والإنسانيّة ويتغنّون بالشارقة

زهير بن جمعه الغزال

يواصل مهرجان الشارقة للشعر العربي فعاليات دورته العشرين، حيث احتضن قصر الثقافة بالشارقة الأمسية الشعرية الخامسة مساء السبت 13 يناير 2024، والتي أحياها الشعراء: يوسف الكمالي من سلطنة عمان، آمدو علي من النيجر، أحمد المفتاح من قطر، معين الكلدي من اليمن، جبريل آدم حبريل من تشاد، خالد عبد الودود من موريتانيا، و سمية دويفي من الجزائر، وقدمهم الشاعر والإعلامي عمر أبو الهيجاء.

حضر الأمسية عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، ومحمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية، والشاعر محمد البريكى مدير بيت الشعر، وضيوف المهرجان وجمهور من الشعراء والمثقفين والمتابعين للفعاليات الثقافية.

تنوعت قصائد الشعراء وتناولت مواضيع متعددة تجلّت في الوطن والوجدانيات والحب والقضايا الإنسانية، وفي تقديمه للأمسية تحدث الشاعر والإعلامي عمر أبو الهيجاء عن أهمية الشارقة كعاصمة للثقافة والشعر يحج إليها المثقفون من مختلف البلاد. و أشار إلى أهمية مبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في دعم الثقافة العربية ورعاية الفعاليات في العديد من البلاد.

استهل القراءات الشاعر العماني يوسف الكمالي الذي سافر على أجنحة القصيدة نحو فضاءات تناول فيها هموم الذات والإنسان حيث قال في قراءته:

 

 

على شَعرِها البنّيّ تسدِلُ شالَها

لتحجبَ عن لَونِ المشيبِ عيالَها

 

وتُسفرُ عن قلبٍ يفيض طفولةً

وعن دعواتٍ.. قدّس الله حالَها

 

حبيبةُ.. من كانتْ مزارًا مُقدّسًا

إليه قلوبُ الناس شدّتْ رِحالَها

 

حبيبةُ.. هل نال المسمّى من اسمهِ

نصيبًا كما نال الهوى حينَ نالَها؟

 

ثم قرأ الشاعر آمدو علي من النيجر، مجموعة من القصائد التي اتسمت باللغة العالية والشاعرية الرقيقة، وقد تفاعل معها الجمهور بالتصفيق، نختار من أبياته:

 

ليلان مَرّا بالقصيدة.. كلّما

هَمّا بها اغتَرفت مِن المشكاةِ

 

ماذا يُكنّ العزفُ للآتين من

لهف الرّباب وخيبة السّنواتِ؟

 

ولِمَ العروجُ إلى السّماء مؤجّلٌ؟

والأرض ساهيةٌ عن المِرقاةِ؟

 

يا شعرُ يا كلَّ الذين تغرّبوا

في اسمي وشبّوا النّارّ في مأساتي

 

أما الشاعر القطري أحمد المفتاح فقد قرأ مجموعة من القصائد التي عبرت عن مكنونات ذاته، وقد افتتحها بأبيات وجهها للشارقة وأهلها، ثم واصل قراءاته التي تنوعت في العشق والحياة والحكمة، من أبياته:

يا مهجة الروح يا أطياف عاشقةٍ

ويا غناءً تلاقى عند ألحاني

 

يا منية البوح يا أصوات ملهمةٍ

ويا نداء الهوى في عزّ أشجاني

 

أنت الملاذ الذي قد كان أوهنني

أنت الصباح الذي أرعاه، يرعاني

 

وأنت عشق النهار، الليل أرّقني

وأنت صوت الصدى ألقاه يلقاني

 

الشاعر معين الكلدي من اليمن، أنشد قصائد اتّسمت بلغة عالية وبناء محكم، حيث قرأ في قصيدته “بوصلات الخوف”:

 

كما يثرثر صنبورٌ إذا نضحا

والماء يشرح معنى أنه اتضحا

 

كما مراياك ..لا تخفي ارتباكك أو ..

تنسيك كهلا وتبدي حاضرا شبحا

 

كرملة ..ترسم النسمات رحلتها

وتنتهي قبل أن تستشعر الفرحا

 

تمضي التجاعيد فوق الخد أحجية

تحدّث العمر ما أضحى وكم برحا

 

تمضي الأغاني ..بلا لحن سوى وتر

يهتز من همهمات الليل ..فانجرحا

 

ومن دولة تشاد جاء الشاعر جبريل آدم جبريل الذي قرأ قصائد سافر من خلالها عبر الذاكرة والتأمل في جوانب الحياة وأصالة الكلمة والموسيقا الشعرية، مرسلاً تحية محبة وإجلال إلى الشارقة.

نختار من قصيدته “درويش على خيوط الأمل”:

 

لَاحَ الضَّبَابُ وَعَيْنُ الشَّمْسِ تَنْغَلِقُ

وَرَقْصَةُ الْغَيْمِ لَمْ يَظْفَرْ بِهَا الْوَرَقُ

 

يَكَادُ يَنْدَى لِأَنَّ الْمَاءَ أَوْعَدَهُ

أَنْ يَحْتَوِيْهِ وَلَكِنْ ضَلَّهُ الشَّفَقُ

 

نُبُوءَةُ الضَّوْءِ وَالْأَرْجَاء مُظْلِمَةٌ

وَفِي الْخَفَاءِ رَسُولُ الْوَرْدِ يَنْعَتِقُ

 

وَلَوَّحَتْ لِدَمِ الْأَشْجَانِ سَاحِرَةٌ

بِكَفِّهَا الْمَوْتُ وَالْآمَالُ تَخْتَنِقُ

 

تُصَافِحُ الرِّيحَ تُعْطِيهَا أَسَاوِرَهَا

لِتَجْرِفَ الْحُبَّ وَالْأَوْجَاعُ تَسْتَبِقُ

 

الشاعر الموريتاني خالد عبد الودود الذي ينشد للحياة ويحاور خزائن القلب الملأى بالمشاعر الكثيرة، فق تنقّل عبر إيقاعات القصيدة ومرايا لغته الثرية بالصور الرقيقة والتعابير الرصينة، فبعد توجيهه التحية للشارقة وحاكمها وثقافتها، قرأ قصائد عبّرت عن تجربة شعريّة غنيّة، واختار أيضاً أن يضيف على الأمسية عطراً من المديح النبوي فقال في قصيدته “معارج الكلمات”:

 

طه .. تبدو المفردتُ حَيــارَى

لَمّا لَبستُ من الضياءِ .. إِزَارَا

 

أحْرمتُ من ميقاتِ قلبي ناسكا

وخلعتُ طِمرَ النفسِ والأوزارَا

 

وهزَزْتُ جذعَ الحرفِ ألتَمِسُ الذّرَى

فاسّاقطَتْ رُطَبُ المديحِ .. عَذارَى

 

فَطفِقْتُ أخصِفُ مِنْ خمائلِ أَحرُفِي

كَيْ أُشعِلَ الجُمَلَ الّندِيَة .. نَــارَا

 

مَا الأبْجَدِيّــةُ كُلّها .. إلاّ يَـــد ٌ

تَمْـتَدُّ نَحوَكَ كَيْ تَنــال َ..سِوَارَا

 

ثمّ اختتم القراءات الشاعرة الجزائرية سمية دويفي، التي حلّقت بقصائدها نحو فضاءات تليق بشاعريتها ولغتها، وقد أشادت أيضاً بالشارقة وأهلها وحاكمها مثمّنةً الأيادي البيضاء والرعاية الكريمة التي يشمل بها صاحب السمو حاكم الشارقة الشعراء العرب، وقرأت مجموعة من القصائد القصيرة بأداءٍ عالٍ وشعرية متقنة، نختار منها:

 

أشرعتُ قلبي كان صمتًا شاردا

ليلا يلوذ بضوئي المذبوح

 

أنصت قليلا كل حزن ضج بي

هو أنت لما صرتَ صوت جروحي

 

هذا النزيف الماء أوجهك التي

أبدا حجبت لكي يراك وضوحي

 

وجعُ السؤالِ مؤبّدٌ كالليلِ بي:

ماذا اقترفتُ لكي تَحِلَّ بروحي؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى