الكثير يراها مجرد خيوط مرسومة بأشكال مختلفة، في حين إنها رسومات تراثية ذات قيمة أثرية وفنية كبيرة، تتجسد في لوحات ذات ألوان متناسقة وموزونة، حاكتها أنامل ذهبية لفنان ذو موهبة خاصة، مخطوطة على الأقمشة أعدت خصيصا لتصبح غطاء لقطع أثاث وانتيكات باهظة الثمن، يستخدمها ملوك وامراء واثرياء كتحف وديكورات في منازلهم ليمنحهم نوع من الرقي والرفاهية، إنها مهنة الابيسون.
استمعنا لتفاصيلها وطبيعتها الجميلة في إحدى حارت منطقة وسط البلد بالقاهرة.. هنا يجلس الاسطي راضي فهمي الشعار الشهير بـ “عم تيتو” أشهر ابيسوني في مصر، الذي روى لنا بالتفصيل طبيعة هذه المهنة وعُشقه لها الذي دام 55 عاماً منذ أن ورثها من عائلته في ترميم الروسومات المنقوشة بقطع الصالونات واللوحات الأثرية المصنوعة من خيوط الصوف الفرنسية لتعليقها على جدران القصور والفلل.
قال عم تيتو،انها ليست حرفة كما يظنها البعض، لكنها فن نادر وعشق لتلك الرسومات واللوحات البالية التي لا انتبه للوقت الذي اقضيه في ترميمها حيث أقضي ما يزيد عن 10 ساعات متواصلة في اليوم في إصلاح ركناً صغيراً من أركان قطعة واحدة، مؤكداً على أنها مهنة تحتاج إلى دقة في التعامل وصبر وحب، لان البعض لايستطعون قضاء كل هذا الوقت بين الخيوط والاقمشة خاصة أن هذه الروسومات البالية التي تعود إلى مئات السنين تستغرق سنه وأكثر في تجديدها.
وأضاف أنه يعتمد في في مهنته على قدراته الذهنية والابداعية باستخدام الخامات الأولية المستوردة من فرنسا التي لا تقبل تغيير او استبدال بخامات أخرى، والتي لا توجد إلا في أماكن معينه، مشيراً الي أن تاريخ هذه التحف يعود إلى الحملة الفرنسية التي جلبت معاها العديد من اللوحات في فترة الملك لويس الـ 16، و لويس الـ 17 والموجودة حالياً في الزمالك وجاردن سيتي عن بعض العائلات التي كانت تسكن هذه الأحياء قديماً.
وتابع انه قام بترميم بعض المقتنيات في قصر الطاهرة، وقصر عابدين، ووزارة الخارجية، إضافة الي ترميم بعض الاعمال للملوك والامراء في المملكة العربية السعودية التي تستخدم كتحف أثرية ودليل علي الرقي والفن والرفاهية .
ذكر عم “تيتو” أن مصر لايوجد بها إلا 5 ورش لمهنة الابيسوني وانه يعاني من نقص العمال مما يهدد هذه المهنة بالانقراض، كما أشار إلى زيادة أسعار الخيوط قائلا كان ثمن شلة الخيط جنية ونصف، اليوم شلة الخيط الواحد تزيد عن 17جنيهاً،
وطالب أخيراً بأنشاء نقابة للعاملين في هذه المهنة تضمن لهم حقوقهم وتطالب بحل مشكلاتهم.