قال هاني محمد الباحث وعضو الامانه الفنية باللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان الأسبق ، فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية وأصبح الرئيس الأمريكي رقم 47 ، من المتوقع أنه سوف ينتهج سياسات مشابهة لتلك التي اتبعها في ولايته الأولى فيما يتعلق بالشرق الأوسط، حيث يولي دعمًا قويًا لإسرائيل وقد يميل إلى تصعيد الضغط على إيران عبر العقوبات وربما توجيه ضربات جوية مستهدفة، ولكن من دون الدفع نحو حرب شاملة. هذا التوجه قد يُحفّز تصعيداً إضافياً، خاصة إذا قدّم دعماً لإسرائيل في حملاتها العسكرية في غزة أو لبنان، وهو ما قد يعمّق من التوترات القائمة.
ترامب قد يُعزّز من تحالفاته مع الدول العربية التي طبعت العلاقات مع إسرائيل ضمن “اتفاقيات أبراهام”، بينما يتوقع أن يتجاهل إلى حد كبير المساعي لحل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي . ورغم أنه انتقد مؤخرًا في تصريحاته استراتيجيات إسرائيلية بأنها بطيئة في مواجهة “حماس”، إلا أنه يُتوقع أن يُقدّم دعماً غير مشروط لها إذا تزايد النزاع الإقليمي. أما بالنسبة لإيران، فقد يعود إلى سياسة “الضغط الأقصى” عبر فرض مزيد من العقوبات وربما دعم عمليات عسكرية إسرائيلية مستهدفة ضدها أو ضد وكلائها في المنطقة، مثل “حزب الله” في لبنان و”الحوثيين” في اليمن، دون إرسال قوات أمريكية برية.
من المتوقع أن تكون رؤية ترامب لإنهاء حرب غزة متأثرة بخطابه المعلن خلال حملته الانتخابية، حيث أعرب عن رغبته في دعم إسرائيل بقوة في صراعها مع حماس، مشيرًا إلى أن الهجوم الذي وقع في أكتوبر “لن يحدث لو كان رئيساً”، كما أكد على تأييده الكامل لإسرائيل لتحقيق أهدافها العسكرية دون تدخل أمريكي مباشر. ترامب وعد بدعم الحلفاء في المنطقة، وفي الوقت ذاته، هناك توجه داخل معسكره نحو تعزيز علاقات السلام الإقليمي عبر تطوير اتفاقيات “أبراهام” لتشمل دولًا عربية جديدة. كما يرى بعض مستشاريه أنه سيدعم “بناء غزة من جديد” وتحويلها إلى منطقة اقتصادية نشطة، وهو توجه يروج له أيضاً جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره.
وفيما يتعلق بمساعي ترامب لدعم إسرائيل، يُتوقع أن يضع استراتيجية “ضغط قصوى” على إيران، ما قد ينعكس على قرارات إسرائيل في المنطقة ويدعم استمرارية التصعيد مع المجموعات المدعومة من إيران، خاصة في قطاع غزة وسوريا. بالمقابل، لا يزال من غير الواضح مدى التزام ترامب بتوفير أي ضمانات مباشرة لحماية المدنيين في غزة، حيث يرتكز أغلب خطابه على مساعدة إسرائيل على “إتمام المهمة” بسرعة.
بالتالي، يبدو أن سياسة ترامب ستدفع نحو حل قد يمنح إسرائيل اليد العليا في إدارة أمنها، بينما يعزز احتمالات الضغط على الأطراف الإقليمية المعارضة، مع احتمال إحياء عمليات إعادة إعمار غزة كجزء من خطة شاملة لتحقيق الاستقرار بعد الصراع.
بشكل عام، فوز ترامب قد يعني تحركات أقل نحو التهدئة وأكثر نحو دعم السياسات التي تؤدي لتصعيد التوترات، خاصة مع إيران والفصائل المدعومة منها، وهو ما قد يجعل المنطقة في حالة من الترقب وعدم الاستقرار المتزايد.
ومع ذلك فوز ترامب بولاية ثانية، قد يكون لموقفه تجاه مصر وأزمة سد النهضة أثر مختلف. خلال ولايته الأولى، أبدى ترامب دعمًا واضحًا لمصر في نزاعها مع إثيوبيا حول سد النهضة في ولايته السابقة ، حتى أنه صرّح بتعاطفه مع موقف مصر واحتمالية “تفجير السد”، وهو ما زاد التوترات بين الأطراف وأثار ردود فعل غاضبة في إثيوبيا. كما لجأ ترامب إلى تعليق بعض المساعدات الأمريكية لإثيوبيا كوسيلة ضغط، في محاولة لدفعها للالتزام بمطالب مصر، لكن هذه الإجراءات لم تؤد إلى حل نهائي وأثرت على علاقات واشنطن بإثيوبيا.
من المتوقع بعد عودة ترامب للرئاسة، أن يستمر في هذا الدعم لمصر، ربما عبر فرض ضغوط اقتصادية أو سياسية إضافية على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد بطريقة تراعي حقوق مصر المائية. لكن هذا الموقف قد يفاقم النزاع، خاصة وأن إثيوبيا تعتبر السد مشروعًا سياديًا حيويًا لأمنها الاقتصادي. عودة ترامب للبيت الأبيض قد تُعيد التوترات التي شابت المفاوضات في عهده، وقد تسعى مصر لاستغلال هذا الموقف الأمريكي في الضغط لتحقيق مصالحها.