الصحةمنوعات

نوبات «الرعب الليلي» أحد اضطرابات النوم المقلقة

زينب حسن

يعد الرعب الليلي أحد اضطرابات النوم وتعانيه نسبة كبيرة من الأطفال، حيث يصاب الطفل بالفزع والرعب، وعلى الرغم من انتشاره بين الأطفال، إلا أنه يمكن أن يحدث للمراهق أو البالغ.
والشخص عند مروره بمشاعر الخوف أثناء النوم يقوم فزعاً على إثرها، ويكون غير واع بشكل كلي، ولا تعتبر نوبات الرعب الليلي كوابيس بالمعني الحقيقي، بل هي نوبات من الخوف تحدث بشكل فجائي أثناء الانتقال بين مراحل النوم.
وفي أثناء النوبة يجلس الطفل على فراشه ويبدأ في الصراخ، وتتسارع أنفاسه، ويمكن أن يفرز كمية عرق كبيرة، ويبدو الطفل خائفاً، وتنتهي النوبة بعد عدة دقائق ليعود مرة أخرى إلى النوم.

ويعتبر أفضل علاج للطفل في هذه الحالة هو تواجد الوالدين بجانبه وتهدئته وطمأنته ليستكمل نومه، وفي الغالب فإن هذه النوبات لا تسبب للطفل أي مشكلة، ويمكن أن يصاب بنوبة واحدة أو عدة نوبات قبل أن تتوقف تماماً.
وفي هذا الموضوع سنتناول مشكلة الرعب الليلي بالتفاصيل، والعوامل والمسببات التي تؤدي إلى حدوثها، وكذلك طرق الوقاية من هذه الحالة وأساليب العلاج المتاحة.
الحرمان من النوم

تؤدي مجموعة من العوامل إلى التعرض للرعب الليلي، سواء كان المصاب طفلاً أو بالغاً، ومن أبرز هذه العوامل الحرمان من النوم والإجهاد الشديد، وفي حالة التعب الشديد أو المرض أو الضغوط المختلفة.
وعلى سبيل المثال حدوث مشاكل في المنزل أو المدرسة، وكذلك الضغوط التي تحفز إصابة شعوره الباطن بالخوف والتوتر والفزع، والنوم في بيئة غير مألوفة كأن ينام بعيداً عن البيت أو في مكان جديد، والأضواء أوالضوضاء وامتلاء المثانة عن آخرها.
ويؤدي التنفس المضطرب أثناء النوم إلى التعرض للرعب الليلي، وهو مجموعة من الاضطرابات التي تتميز بأنماط تنفس غير طبيعية أثناء النوم، ومن أشهرها انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، ومتلازمة تململ الساقين.
ويتعرض الطفل للرعب الليلي بسبب الإصابة ببعض الأمراض، فعندما يكون الطفل على الأخص مصاباً بالحمى يمكن أن يصاب بهذه الحالة، كما أن هناك بعض الأدوية التي تؤثر على المخ والحبل الشوكي، وتؤدي إلى توتر الطفل وخوفه ليلاً.
وهناك بعض الباحثين يعزون هذه الحالة إلى فرط نشاط الجهاز المركزي أثناء النوم، ويحدث فرط النشاط لأن الجملة العصبية المركزية وهي المتحكمة في وظائف الدماغ أثناء النوم، ما زالت في طور النمو.
وتشير بعض الدلائل إلى انتقال الذعر الليلي والمشاكل النومية عبر الوراثة، حيث يبلغ الأفراد مصابون بهذا الاضطراب، عن أحداث سابقة لدى أفراد في العائلة.

فترة النوم العميق

تحدث أعراض الرعب الليلي خلال فترة النوم العميق، وفي العادة بعد الاستغراق في النوم بحوالي ساعتين أو 3 ساعات، وفي المتوسط بعد نحو 90 دقيقة من النوم، وفي حال تعرض الشخص لها سواء كان طفلاً أو بالغاً، فإنه يجلس فجأة في السرير ويصرخ بصوت عال، أو يتقلب في فراشه وتبدو عليه علامات الجهد، مثل التعرق وسرعة ضربات القلب والتنفس بسرعة.
ويمكن أن يقوم بالسير في أرجاء البيت دون وعي منه، كما يمكن أن يشتكي من رؤية خيالات مخيفة تشاركه الغرف، وليس لها وجود في الواقع.
وربما يتورط في سلوك عدواني، وينتشر هذا بين البالغين بكثرة، ويعود مرة أخرى للاستغراق في النوم، حيث إن كل هذه الأعراض تتم وهو نائم، وعند محاولة الوالدين إمساكه فإنه يتشاجر معهما.
وتستغرق نوبة الخوف الليلي بضعة دقائق، ويمكن أن تستمر فترة أطول تصل في بعض الحالات إلى 30 دقيقة، وينسى الطفل أي شيء مما حدث أو قام به عندما يستيقظ، في حين أن البالغين يمكن أن يتذكروا جزءاً من الحلم الذي راودهم أثناء النوم.

هناك فرق

يوجد اختلاف بين الكوابيس والرعب الليلي، فالكوابيس تحدث في العادة خلال النصف الثاني من النوم، وهي مرحلة النوم السطحي، بينما تحدث نوبة الرعب أثناء النوم في النصف الأول من الليل، وهي مرحلة النوم العميق.
ويرى الشخص أثناء النوم حلماً مزعجاً، تتلوه حالة من الصحو، وربما يتذكر بعض تفاصيل الكابوس الذي رآه، ويمكن أن يخاف أن يعود للنوم مرة أخرى، في حين أن نوبة الرعب الليلي تعكس مشاعر الخوف التي تنتاب الشخص دون وجود صورة محددة أو مرئية.
ولا يتذكر المصاب بهذه النوبة عند استيقاظه من النوم سبباً لهذا الخوف، وبعدها يعود للنوم بشكل هادئ، وفي الصباح التالي لا يتذكر شيئاً مما حدث، والرعب الليلي ليس بالأمر الخطير الذي يمكن أن يصيب الوالدين بالقلق على طفلهم المصاب.
غير أن هناك حالات يمكن اعتبارها مضاعفات لهذه الحالة، منها أن يؤذي الطفل نفسه أو الآخرين، وكذلك المشاكسات مع أفراد العائلة، وعند تقطع النوم وفرط النوم أثناء النهار، ما يؤدي إلى مشكلات بالنسبة للعمل والدراسة والمهام المكلف بها. وعامة ينصح باللجوء للطبيب إذا تكررت مشاعر الرعب والخوف بشكل مستمر، وعند اتباعها نموذجاً معيناً، وإذا لم تترك الطفل في حالة من الاستقرار والهدوء أثناء النوم، وسببت له الأرق والقلق.
وعند ظهور سلوك ينذر بالخطر مثل تعرض الطفل للإصابة نفسه بأي مكروه، وعند مصاحبة الرعب أو الخوف لأعراض أخرى. ويتم التشخيص في المنزل، حيث يقوم الطبيب بفحص جسدي ونفسي، لتحديد أي حالة صحية أخرى يمكن أن يكون لها اتصال بهذا الشعور الذي ينتاب الطفل أثناء نومه، وإذا قام الطفل بإيذاء نفسه أثناء نوبة الرعب، فسيحتاج الطبيب إلى ملاحظة الطفل أثناء نومه.

تهدئة الطفل

يعد أساس علاج الرعب الليلي هو البقاء بجانب الطفل حتى يهدأ ويعود إلى الاستغراق في النوم مرة أخرى، وعلى الوالدين مراقبة الطفل حتى لا يؤذي نفسه وينتظرا حتى تنتهي النوبة، ويمكن أخذه إلى غرفة أخرى تكون درجة الحرارة بها مختلفة، ما يمكن أن يؤدي إلى استيقاظه.
كما أن الحديث معه بعنف والصراخ بجانبه يأتي بنتيجة عكسية ويزيد الأمر سوءاً. وفي المعتاد فإن هذه النوبات تتوقف دون الحاجة لأي علاج، وعندما يرتبط الأمر بحالة صحية أو عقلية، فيكون العلاج في هذه الحالة لتقديم حل لهذا الاضطراب الذي يصيب الطفل بالفزع.
وإذا كان الضغط والقلق مسؤولان عن هذه الحالة، فإن الطفل يحتاج إلى علاج نفسي، ومن النادر أن يحتاج المصاب بالفزع الليلي إلى وصف دواء معين، غير أنه يمكن وصف بعض الأدوية كنوع من المساعدة، وذلك على المدى القصير حتى يقل عدد النوبات. وبالنسبة للأطفال، فإن مضادات الاكتئاب تفيدهم في حالة تأثر المستوى الدراسي أو الأنشطة اليومية.

إجراءات مفيدة

ويمكن اتباع بعض الإجراءات التي تفيد في منع حدوث نوبة الفزع الليلي، وعلى سبيل المثال تقليل الضغوط على الطفل، فلا يشاهد أفلاماً تصيبه بالخوف والرعب، والتحدث معه حول مشاكله في المدرسة ومع أصدقائه حتى يتم الوصول إلى حلول لها، والحفاظ على استقرار الأسرة، وعدم تعرض الطفل لتعب شديد ببقائه مستيقظاً لوقت متأخر.
ويمكن تحديد ميعاد ثابت لنومه بحيث نضمن راحته، وحصوله على قدر كافٍ من الراحة والنوم، مع توفير مكان هادئ منخفض الرطوبة، والسماح بترك باب الغرفة مفتوحاً في الليل.
ويمكن أن يلاحظ الوالدان توقيت حدوث نوبات الرعب، فإذا كانت تتكرر في نفس التوقيت، فيجب محاولة إيقاظ الطفل قبل وقت النوبة المتوقع بحوالي 15 دقيقة، مع إبقائه مستيقظاً وإبعاده عن السرير، ويستمر هذا الأمر أسبوعاً، ما يؤدي إلى تغيير نمط نوم الطفل، واعتراض نوبة الرعب الليلي.
وعلى الوالدين ضمان أمان الطفل، فيتم إغلاق الأبواب وتأمين السلالم ببوابة، وإبعاد الأدوات الحادة عن متناول يديه.

الذكور الأكثر إصابة

تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن نوبات الرعب الليلي من الاضطرابات قليلة الحدوث، حيث تحدث عند حوالي 5.5% من الأطفال بعمر بين 4 سنوات و12 سنة، وبنسبة 15% في الأطفال بعمر 4 سنوات و6 سنوات، وعلى الرغم من أن هذه النوبات يمكن أن تظهر في عمر أصغر من ذلك.
وتشير الإحصاءات إلى أن هذه النوبات تصيب الذكور أكثر من الإناث، وفي أكثر من 75% من الحالات يكون هناك أكثر من طفل يعاني هذه المشكلة في نفس العائلة.
وكانت دراسة حديثة أشارت إلى أن معاناة الطفل من اضطرابات النوم تجعل الأهل يعانون أيضاً صعوبات واضطرابات، وذلك بسبب الحرمان منه، وطالبت الدراسة بالاهتمام بعلاج مشكلات اضطرابات النوم عند الأطفال، لتقليل التداعيات على بقية الأسرة.
وكان أحد الأبحاث أشار إلى أهمية تهيئة البيئة المحيطة بالمصاب بالرعب الليلي، وذلك من حيث الجوانب المتعلقة بالسرير وسهولة الخروج منه، وعدم إحكام غلق باب غرفة النوم، ووجود ضوء خافت يرى به الأشياء من حوله.

– See more at: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/2233ad60-486e-4420-b3f0-48e85940c3d3#sthash.AjWhei5N.dpuf

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى