قضية “غرفة عمليات اعتصام رابعة العدوية” تكشف غياب مصر عن الإعلام العالمي لتحسين الصورة الدولية

تقرير – محمد عيد:
غياب الدور الفاعل للدولة في التواجد على الساحة الإعلامية العالمية والمحلية بالقدر الكافي، كان واحدة من النتائج التي كشف عنها الحكم القضائي الأخير الخاص بقضية “غرفة عمليات اعتصام رابعة العدوية”، والذي تلته موجة من الانتقادات الحقوقية والدولية لمصر، هي غياب الدور الفاعل للدولة في التواجد بالقدر الكافي على الساحة الإعلامية العالمية.
ورغم ما يبدو من سيطرة قوية لأجهزة الدولة على الساحة الإعلامية الداخلية، وتدخلها بصورة أو بأخرى في تحديد أجندة وسائل الإعلام المختلفة وأولويات القضايا التي تطرحها، إلا أن تلك السيطرة الداخلية تقابل بغياب على الساحة الدولية، فالأدوار التي تقوم بها السفارات المختلفة، وكذلك الهيئة العامة للاستعلامات من خلال مكاتبها المعدودة في عدد من العواصم الدولية، لا تقدم الجهد المطلوب بذله من أجل تحسين صورة مصر في الخارج، ومواجهة عمليات الاستهداف المتعمدة من جانب خصوم متمرسين في مجال التعامل مع الميديا العالمية، وهو ما يمكنهم من تسجيل أهداف مؤثرة في المرمى المصري، لاسيما خلال السنوات الأخيرة.
صحيح أن ذلك الغياب لم يكن الأول من نوعه، لكنه صار اليوم يمثل نقطة ضعف حقيقية في آداء الدولة وأجهزتها، الأمر الذي يتطلب تحركا حتى تتحسن القدرة على مواجهة تحركات خصوم مصر المتعددين على الساحات السياسية والإعلامية المختلفة على المستوى الدولي.
قصور الإمكانات المداية والفنية على حد سواء، هو أحد الأسباب في قصور الدور الإعلامي المصري على الساحة الدولية، وعدم كفايتها لإحداث تواصل جاد ومستمر مع مراكز صنع القرار الإعلامي ونقاط التأثير في الميديا الدولية سواء كبرى الصحف أو محطات الإذاعة والتلفزيون العالمية، فضلا عن تحقيق تواجد ملموس ومؤثر في مجتمع السوشيال ميديا العالمية.
والحقيقة أن ذلك السبب قد يكون مقبولًا إذا لم تكن هناك بالفعل ميزانيات ضخمة تنفق من أجل تمويل مكاتب ومهام عمل تكبد ميزانية الدولة ملايين الدولارات، لكنها لا تحقق الهدف المنشود، نتيجة غياب الكوادر المؤهلة والمدربة على التواصل مع تلك الأوساط الدولية، فلو أعيد النظر في حجم ما تتكلفه الدولة من إنفاق على المكاتب الإعلامية الخارجية والملحقين الإعلاميين في العديد من الدول المهمة، مقارنة بما يقدمونه من تقدم ملموس في تحسين صورة مصر الخارجية، لاتضحت ضرورة مراجعة الموقف، وإعادة النظر في تلك المبالغ التي تنفق دون طائل يذكر.
وتحسين صورة مصر في الخارج لم يعد ترفا، او مصلحة سياسية لخدمة نظام أو حكومة، بل بات ضرورة وطنية ملحة، لارتباطها بالعديد من الملفات الاقتصادية والسياحية المهمة، التي ينبغي على الدولة أن تهتم بها وتستثمر فيها خلال الفترة المقبلة، فصناعة القرار الاستثماري من جانب المؤسسات الدولية أو حتى من جانب المستثمرين الأفراد، لا ترتبط بالنوايا الحسنة التي تبديها الحكومة، لكنها تعتمد على العديد من المصادر المؤثرة، من بينها التقارير الدولية، والصورة الرائجة في الإعلام، ومؤشرات الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وبالتالي، فإن تشوش تلك الصورة المقدمة عن مصر، أو تشويهها، يمثل خسارة اقتصادية وسياحية محققة، ما لم تبادر وتسارع الدولة إلى العمل وفق استراتيجية مدروسة على أعلى المستويات، وتقوم على استخدام كوادر حقيقية مؤهلة، تتجاوز فكرة الالتزامات الوظيفية والبيروقراطية التقليدية، فالتواجد على الساحة الإعلامية العالمية يتطلب مرونة وحركة سريعة ولغة يفهمها العالم، وتجاوبا فوريا مع متطلبات الإعلام العالمي، وإدراك حقيقي لآليات عمله، فضلا عن ضرورة التواجد القوي على ساحة السوشيال ميديا العالمية، ساعتها سيكون من الأسهل الحديث عن بناء صورة مختلفة لـ”مصر الجديدة” في العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى