محفوظ في القلب.. قراءات نقدية وتجليات مسرحية في احتفالية ثقافية خالدة

تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وبإشراف الدكتور أشرف العزازي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، نظم المجلس احتفالية بعنوان “محفوظ في القلب”، تخليدًا لذكرى الأديب العالمي نجيب محفوظ، تضمنت الفعالية معرضًا لكتبه، إضافة إلى جلستين نقاشيتين.
الجلسة الأولى تناولت قراءات نقدية في أدب محفوظ، وأدارها الدكتور شريف الجيار، أستاذ النقد والأدب المقارن بجامعة بني سويف، مشيرًا إلى البنية الصوفية والفلسفية في تكوين محفوظ الأدبي. شارك في الجلسة الدكتور حسين محمود، الذي أشار إلى النزعة التشاؤمية التي اتسمت بها شخصيات محفوظ إبان الاستعمار، معتبرًا أنها دعوة للمقاومة المستمرة، كما أشار إلى انتمائه لمدرسة الحقيقة في الأدب، مثل جوفاني فيرجا وتشارلز ديكنز.
الكاتب والناقد الدكتور سيد الوكيل تحدث عن لقائه بمحفوظ في أحد مقاهي الإسكندرية، مؤكدًا أن هذا اللقاء شكّل فارقًا في تجربته القصصية، مشيرًا إلى أن محور إبداع محفوظ هو الإنسان، مستعرضًا شخصيات مثل سعيد مهران وكامل رؤبة لاظ وجعفر الراوي، ولافتًا إلى أن محفوظ لم يكن يصنف أعماله عند نشرها.
الدكتورة رشا صالح تناولت رواية “رحلة ابن فطومة”، مشيرة إلى تعدد مستويات القراءة فيها، لا سيما الفلسفية منها، من خلال تشكّل الفراغات الزمانية والمكانية، والصراع بين اليقظة والحلم لدى البطل قنديل، معتبرة الرواية رحلة معرفية تبحث عن الوطن اليوتوبيا.
الدكتور شريف الجيار قدّم مداخلة حول “ليالي محفوظ والليالي العربية”، موضحًا كيف حوّل محفوظ “ألف ليلة وليلة” إلى نص سياسي، منتصرًا للشعب، ومؤكدًا أن محفوظ لم يتعامل مع التراث بعشوائية، بل انطلق من خلفية ثقافية متشابكة ضمت الحضارات الفرعونية والإسلامية والحديثة، إضافة إلى التراث الشعري العربي والفكر الغربي.
وأكد أن الحارة عند محفوظ ليست مجرد مكان، بل رمز لقيم إنسانية كونية، كما أشار إلى توظيفه الواقعية السحرية في “ليالي ألف ليلة وليلة”.
الجلسة الثانية حملت عنوان “محفوظ والمسرح”، وأدارها المخرج عصام السيد، الذي أشار إلى أن محفوظ هو أكثر كاتب قُدمت أعماله على خشبة المسرح، وأن نصوصه أقرب إلى المسرح العبثي، حيث تهيمن عليها الغرابة والغموض.
ولفت إلى أن محفوظ بدأ علاقته بالمسرح كمشاهد قبل أن يكتب نصوصًا ذات طابع حواري.
أشار الكاتب إبراهيم الحسيني إلى أن محفوظ كان شغوفًا بالمسرح قبل احترافه الأدب، وظل حب المسرح يسكنه حتى بعد الهزيمة في 1967، إذ شعر بمسؤوليته كمثقف في مخاطبة الجمهور عبر المسرح، مستعرضًا عددًا من مسرحياته مثل “يميت ويحيي” و”النجاة”، لكنه أشار إلى أن محفوظ في المسرح يأتي بعد عدد من الكبار، رغم مكانته البارزة في الرواية.
ألقى الشاعر محمد بهجت قصيدة كان قد كتبها في عيد ميلاد نجيب محفوظ ونشرت في جريدة الأهرام، مشيرًا إلى صداقة محفوظ مع والده، وإلى تواضعه واستمتاعه بالحياة.
ونقل عن محفوظ قوله إنه لا يصنف نفسه ككاتب مسرحي، وإن بعض أعماله القصصية ذات الطابع الحواري هي ما دفع النقاد لاعتبارها نصوصًا مسرحية، مؤكدًا أنه لم يتابع الحركة المسرحية بعد الستينيات. واختتم حديثه بالإشارة إلى أن أعمال محفوظ تحمل دراما قابلة للمسرحة، وأن الحديث عنه لا ينتهي.