بعد تبني دول مثل السويد واليابان والمملكة المتحدة مبدأ “الحد من الأضرار” في مواجهة التدخين التقليدي، يؤكد خبراء وعلماء حول العالم ضرورة الاعتماد على مبدأ “الحد من الضرر” وتطبيقه لمواجهة خطر التدخين، باعتباره أزمة تهدد الصحة العامة للأفراد والمجتمعات، خاصة بعد ظهور منتجات التبغ البديلة مثل السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن، والتي أثبتت الدلائل العلمية أهميتها كبديل أقل ضررًا، واعتبارها فرصة جيدة للمدخنين البالغين الذين لا يرغبون في الإقلاع.
صرح البروفيسور أنجيل غونزاليس أورينيا، أستاذ الكيمياء الفيزيائية، أن الخيار الأفضل دائمًا هو الإقلاع التام عن التدخين خاصة وأن النيكوتين قد يؤدي إلى الإدمان، مشيرا إلى منتجات التبغ البديلة مثل: السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن للمدخنين البالغين الذين لا يرغبون في الإقلاع لما تشكله من بدائل أقل ضررًا من السجائر التقليدية، و تشير الدلائل العلمية إلى أن المواد الضارة الناتجة عن احتراق التبغ في السجائر التقليدية تكون أقل في حدود 94% أو 96٪ عند التحول إلى استهلاك التبغ المسخن أو السجائر الإلكترونية. وأن السبب الرئيسي للأمراض المرتبطة بالتدخين هو ارتفاع مستويات المواد الكيميائية الضارة الموجودة في دخان السجائر، فعند إشعال السيجارة، تصل درجة الحرارة إلى 900-950 درجة مئوية مما يولد دخان يحتوي على 6 آلاف مادة كيميائية ضارة، والتي تسبب العديد من الأمراض وعلى رأسها السرطان؛ بينما في حالة التبغ المسخن أو السجائر الإلكترونية، فلا تتجاوز درجات الحرارة بشكل عام 320-350 درجة مئوية؛ بما يؤدي إلى تفاعلات كيميائية وحرارية أقل، وبما ينعكس على تقليل العديد من المواد الكيميائية الضارة والمسببة للسرطان الموجودة في منتجات التدخين التقليدية.
هناك 4 أنواع من المنتجات البديلة الخالية من الدخان، أولها منتجات التبغ المسخن والتي تعتمد على تسخين لفائف التبغ فقط بدلا من حرقه، وتمنح الجسم النيكوتين المطلوب، وكذلك السجائر الإلكترونية التي تعتمد على تبخير السائل المضاف إليه محلول النيكوتين لتكوين رذاذ ذو نكهات مختلفة، بالإضافة إلى منتجات “تبغ المضغ” وهي أيضا تحتوي على النيكوتين ومصممة للاستخدام عن طريق “المضغ”، وكذلك أكياس النيكوتين، التي تستخدم عن طريق الفم أيضا، لكنها لا تحتوي على التبغ، وجميعهم لا ينتج دخانا أو رمادا حيث لا يعتمدون على الحرق أبدا. مع التأكيد على أن هذه المنتجات ليست خالية تمامًا من المخاطر، ولكنها تقدم للمدخنين البالغين خيارًا أفضل من الاستمرار في التدخين التقليدي وفقا للدراسات العلمية المثبتة.
شدد “أورينيا”، على ضرورة دفع الحكومات لتطبيق مبدأ “الحد من الضرر”، باعتباره السبيل لحماية ما يزيد عن مليار مدخن حول العالم، لافتا إلى قيام بعض الدول مثل السويد واليابان والمملكة المتحدة بتعزيز التدابير واللوائح المنظمة لتداول منتجات التبغ الأقل ضررًا، في حين لازالت دول أخرى تبتعد عن انتهاج الحلول المبتكرة لتقليل مخاطر التدخين التقليدي، مثل: المكسيك، التي تفتقر إلى تقييم تلك الحلول الجديدة رغم اهتمامها بتنظيم ومكافحة التدخين، كما لا تقبل أسبانيا بالأدلة العلمية حول انخفاض مخاطر المنتجات البديلة، رغم ما كشفته نتائج بحثية لجامعتي كمبلوتنسي ومدريد أن العدد الإجمالي للمكونات الضارة الموجودة في الهباء الناتج عن التبغ المسخن والسجائر الإلكترونية يعد أقل بكثير من المواد المصاحبة لدخان التبغ التقليدي.
تجدر الإشارة إلى أن آخر الدراسات العلمية أثبتت أنه يجب أن يكون الشخص محاطًا بـ 100 شخص من مستخدمي السجائر الإلكترونية، ليتأثر بالمستوى نفسه عند التعرض للنيكوتين الذي يتعرض له مدخن سيجارة تقليدية واحدة، مع الوضع في الاعتبار أن تلك الدراسات قد أجريت في مناطق مغلقة، وليس ضمن الأماكن المفتوحة أو شبه المفتوحة، مثل المتنزهات أو الملاعب وغيرها.