مرأةمنوعات

تمكين المرأة والشباب في قطاع الطاقة: رحلة جتساي سانتابوترا من الشغف إلى التأثير العالمي

في عالم يحتاج إلى قيادة جريئة ورؤى متنوعة والتزام بالشموليّة لمستقبل الطاقة، تتقدم جتساي سانتابوترا الصفوف، بصفتها المؤسس المشارك لمبادرة الشباب من أجل الطاقة في جنوب شرق آسيا (Y4E-SEA) وناشطة دولية في مجال الطاقة المستدامة، تعيد جتساي تشكيل السرد حول أدوار المرأة والشباب في صنع القرار.

 

قصة جتساي حافلة بالرؤية والمرونة والتأثير، وهي تذكير قوي بأن التغيير يبدأ عندما نجرؤ على تخيل عالم أفضل.

 

مسيرة متجذرة في الشغف

 

لم تكن مسيرة جتساي نحو قطاع الطاقة مباشرة، في البداية، كانت مهتمة بعلم الاجتماع والجغرافيا، حيث ركزت طموحاتها الأولى على فهم المجتمعات ودعمها.

 

لكنها أدركت لاحقًا أن الطريقة الأكثر فعالية لحماية الناس والكوكب تكمن في مواجهة تغير المناخ. وقد أصبح قطاع الطاقة، بفرصه المتنوعة في مجالات الاستدامة والوصول والتحول، نداؤها الحقيقي.

 

تقول جتساي: “أدركت أنني لا أحتاج إلى أن أكون مهندسة للعمل في مجال الطاقة. أثناء فترة تدريبي في إحدى شركات الطاقة الشمسية خلال دراستي الجامعية، انفتحت عيني على الطبيعة المتعددة الأوجه لهذا المجال. الأمر لا يقتصر على الخبرة التقنية، بل يتعلق بإحداث تأثير، وهناك العديد من الطرق لتحقيق ذلك”.

 

تحقيق الأهداف والإنجازات

 

تميّزت مسيرة جتساي بالعديد من الإنجازات التي تعكس التزامها بتحقيق التغيير. ومن بين إنجازاتها البارزة، تأسيس مبادرة الشباب من أجل الطاقة في جنوب شرق آسيا (Y4E-SEA) عام 2023، كمنصة تجمع القادة الشباب للعمل معًا نحو انتقال عادل للطاقة.

 

وتعيينها من قبل منظمة الطاقة المستدامة للجميع (SEforALL) ومبادرة TED Countdown كـ “سفيرة الشباب العالمية لأهداف التنمية المستدامة 7″ لمنطقة جنوب شرق آسيا لعام 2023-2024، مما أتاح لها رفع أصوات الشباب في المحافل الدولية.

 

كما حصلت على جائزة “الثوريون: جائزة ستيف ساوير التذكارية 2024″، وهي جائزة مرموقة تقدمها مجلس الطاقة الريحية العالمي (GWEC)، والسلام الأخضر الدولي (Greenpeace International)، ومنظمة REN21.

 

كما انضمت إلى فريق التأثير 2050 التابع لمؤسسة روساتوم، مما يبرز تأثيرها على استراتيجيات الطاقة العالمية وفتح مسارات مهنية للشباب المهتمين بقطاع الطاقة.

 

وتشكل هذه الإنجازات شهادة على خبرتها ودافعها المستمر لإحداث فرق ملموس في مجال تحول الطاقة.

 

تمكين أصوات الشباب

 

في عام 2023، شاركت جتساي في تأسيس مبادرة الشباب من أجل الطاقة في جنوب شرق آسيا (Y4E-SEA) برؤية إنشاء منصة يتعاون فيها الشباب على تحقيق انتقال عادل للطاقة. تقول جتساي: “كان من المحبط عدم وجود مساحات تتيح للشباب المشاركة في نقاشات الطاقة. لذا قررنا إنشاء هذه المساحة بأنفسنا. Y4E-SEA ليست مجرد منظمة، إنها حركة تهدف إلى الاتصال والتعلم والمناصرة”.

 

من خلال مبادرات مثل الدراسات البحثية التي تمولها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ (UN ESCAP) والشراكات مع الهيئات الحكومية والدولية، تضمن جتساي أن تُسمع وجهات نظر الشباب حول تحول الطاقة وأن تُؤخذ في الاعتبار.

 

كسر الحواجز

 

مثل العديد من المجالات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، يظل قطاع الطاقة ميدانًا يسيطر عليه الذكور.

 

وقد واجهت جتساي تحديات تتراوح بين القوالب النمطية الجنسانية والتفاوتات الهيكلية، تقول: “إحدى العقبات الكبرى هي الفكرة السائدة بأن العمل في مجال الطاقة يقتصر على المهندسين، ومعظمهم من الرجال. هذا التصور يحد من رؤية مسارات مهنية متنوعة داخل الصناعة ويعزز التحيز الذي يربط هذه المهنة بالرجال فقط”.

 

على الرغم من هذه العقبات، ترى جتساي في هويتها كامرأة ميزة تضيف قيمة لعملها. تقول: “التعاطف والبحث عن أرضية مشتركة أمران محوريان في مناصرتي. النساء غالبًا ما يستخدمن هذه المهارات بدافع الضرورة، وأنا أجلبها إلى كل نقاش”.

 

رؤية للتغيير

 

بصفتها ناشطة في مجال الطاقة الشبابية، مثلت جتساي أصوات رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) في محافل دولية مثل مؤتمر الأطراف 29 (COP29)، وأسبوع المناخ في نيويورك، ومنتدى الطاقة في فيينا، ومنتديات التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC). بالنسبة لها، الأمر لا يتعلق فقط بالتواجد في الغرفة، بل بجلب الآخرين معها.

 

تقول جتساي: “أنا أمثل أولئك الذين لا يستطيعون الحضور—المجتمعات الأكثر تضررًا من تغير المناخ وغياب الطاقة. التحولات العادلة تتطلب أصواتًا متنوعة وسياسات شاملة طوال العملية”.

 

يقوم عمل جتساي على البيانات والتعاون، سواء من خلال إجراء استطلاعات لتقديم توصيات سياسية أو استضافة ورش عمل، فإنها تؤكد أهمية تمثيل وجهات نظر جماعية. تقول: “الأمر لا يتعلق فقط بأفكاري؛ بل بتضخيم احتياجات وتطلعات الكثيرين”.

 

إلهام الجيل القادم

 

للفتيات الطموحات لدخول مجالات الطاقة أو العلوم والتكنولوجيا، تقدم جتساي نصيحة بسيطة، ولكنها عميقة، إذ تقول: “ثقي بنفسك وأحلامك. لا تحتاجين إلى شهادة في العلوم أو الهندسة للمساهمة في حلول الطاقة. الطريق ليس ثابتًا—احتضني التغيير، تعلمي، تطوري، واحلمي بشكل أكبر”.

 

رؤية جتساي لقطاع الطاقة تتمثل في بناء مستقبل تكون فيه الشمولية والمساواة أسسًا راسخة. تقول: “أريد أن أرى المزيد من النساء في أدوار صنع القرار، ليس فقط على المستوى التشغيلي، ولكن في المناصب القيادية في المؤسسات والوزارات والشركات”.

 

الهدف الأسمى لجتساي هو تطبيع وجود النساء والشباب في قيادة قطاع الطاقة. تتخيل عالمًا ترى فيه الشابات رحلتها ويفكرن: “يمكنني أن أفعل ذلك أيضًا”. عملها هو شهادة على قوة الشغف والمثابرة في إحداث تغيير—منارة أمل لمن يسعى لخلق مستقبل مستدام وعادل.

 

كما تقول جتساي: “تحول الطاقة لا يتعلق فقط بالتكنولوجيا أو التمويل؛ بل بخدمة احتياجات الناس. لهذا السبب نحتاج إلى أصوات متنوعة خلال عملية التخطيط واتخاذ القرار، فكلما كانت تلك الأصوات أكثر تنوعًا، كانت حلولنا أفضل”.

 

قصة جتساي ليست مجرد مصدر إلهام؛ إنها دعوة للعمل—للنساء، للشباب، ولكل من يجرؤ على الحلم بمستقبل أكثر إشراقًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى