ترامب يبدي مرونة بالانتقال من الحمائية التجارية إلى المفاوضات في حربه التجارية

تقرير – محمد عيد:
منذ بداية حملته الانتخابية تعهد ترامب باستعادة الوظائف التي التهمتها حرية التجارة، فالعديد من الأمريكيين فقدوا وظائفهم نتيجة فتح حدودهم لبضائع رخيصة الثمن قضت على صناعات محلية على مدار العقود الماضية.
سلاح ترامب الرئيسي كان الحمائية التجارية، ففرض رسوم جمركية مرتفعة على بضائع المنافسين يجعل البضائع الأمريكية تنفرد بالساحة.
ولكن صحيفة فايننشال تايمز وجدت أن الرسوم الجمركية الجديدة تواجه معارضة شديدة من قادة الأعمال في البلاد.
وقال 40% من قادة الأعمال الذين استطلعت الصحيفة آراءهم إن الإجراءات الحمائية ستضر بأعمالهم، لأنها ستؤدي لصعوبة وصول المنتجات الرخيصة، أو وجودها محملة بالرسوم المرتفعة، وسيمرر المنتجون المحليون زيادة التكلفة للمستهلك عبر زيادة أسعار المنتجات النهائية، كما أن الدول التي تفرض الولايات المتحدة رسوما على صادراتها لم تقف مكتوفة الأيدي.
فالكنديون واجهوا تهديدات ترامب التجارية بمقاطعة السلع الأميركية، وفرض الاتحاد الأوروبي رسوم استيراد بواقع 25 في المئة على مجموعة من المنتجات الأمريكية، وكذلك فرضت روسيا جمارك إضافية على واردات أمريكية مختارة، فيما فرضت الصين رسوما على منتجات أمريكية قيمتها 50 مليار دولار.
ولأن “لا أحد يفوز في حرب تجارية” فاستراتيجية ترامب تغيرت، حيث أبرمت الولايات المتحدة وكندا اتفاقا أمس الأول لإنقاذ اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) كاتفاق ثلاثي مع المكسيك، لينقذا بذلك منطقة تجارة حرة بحجم 1.2 تريليون دولار كانت على وشك الانهيار بعد نحو 25 عاما على قيامها، نتيجة تعنت ترامب.
ترامب استخدم الحمائية كورقة ضغط وليس غاية، وفي انتصار كبير لخطته، أجبر كندا والمكسيك على قبول مزيد من القيود على التجارة مع شريكتهما الرئيسية في التصدير.
وسيصعب الاتفاق على شركات إنتاج السيارات العالمية صناعتها بثمن رخيص في المكسيك، وتقليص الفجوة مع جارتيها اللتين تدفعان أجورا أعلى، على أن يتم إعفاء حوالي 2.6 مليون سيارة فقط يتم تجميعها في كندا من الرسوم الجمركية الأمريكية.
وفي رد سريع على نجاح الاتفاقية أعلنت مجموعة “بي اس ايه” الفرنسية المنتجة لسيارات بيجو وستروين للعودة إلى الولايات المتحدة بعد تعديل الاتفاقية.
وانتعشت أسواق الأسهم عالميا بسبب الاتفاقية لأنها أظهرت مرونة لترامب في الانتقال من التصريحات الهجومية للتفاوض الجاد، ويتوقع كثيرون أن تسير علاقات أمريكا التجارية مع باقي العالم على النهج ذاته، لأن الاعتماد على الحمائية فقط في إدارة العلاقات التجارية سيؤدي في النهاية إلى عزل الدولة عن محيطها، الأمر الذي أدركه ترامب مؤخرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى