صوت العربعاجل

بوسالم: من “سوق الخميس” إلى مدينة التاريخ والخصوبة

كتبت- سعاد محمد الصالح

تقع مدينة بوسالم في ولاية جندوبة شمال غرب تونس، وتُعدّ واحدة من أبرز مدن الشمال الغربي بفضل تاريخها العريق وسهولها الخصبة.

الجذور التاريخية: من العصور القديمة إلى العصر الروماني

تشير الدلائل الأثرية إلى وجود الإنسان في منطقة بوسالم منذ العصور الحجرية، خاصة في جبال بلطة. في العهد الروماني، كانت المنطقة موقعًا لممتلكات إمبراطورية تُعرف باسم “Saltus Burunitanus”، حيث وُجدت نقوش لاتينية تُظهر تواصل الفلاحين مع الإمبراطور كومودوس بشأن الفساد وسوء المعاملة.

“سوق الخميس”: النشأة والتطور

في أواخر القرن التاسع عشر، تأسست نواة مدينة بوسالم حول محطة السكة الحديدية، وكان يُطلق عليها “سوق الخميس” نسبةً إلى السوق الأسبوعي الذي يُقام يوم الخميس. في عام 1966، تم تغيير اسم المدينة إلى “بوسالم” بموجب الأمر عدد 186 لسنة 1966.

الحقبة الاستعمارية: البنية التحتية والتنوع الثقافي

خلال الاستعمار الفرنسي، شهدت بوسالم تطورًا ملحوظًا في البنية التحتية، حيث تم تأسيس بلدية سوق الخميس في 25 يوليو 1905. تميزت المدينة بتنوعها الثقافي، حيث سكنها الفرنسيون، الإيطاليون، المالطيون، الجزائريون، الليبيون، والمغاربة، وتعايشوا بسلام. كانت المدينة من أوائل المدن التونسية التي تمتعت بالكهرباء والماء الصالح للشرب، واحتضنت أول فرع للبنك التونسي.

بوسالم اليوم: الزراعة والثقافة

 تُعدّ بوسالم مركزًا زراعيًا هامًا في تونس، بفضل سهولها الخصبة التي تُنتج الحبوب والخضروات. كما تحتضن المدينة فعاليات ثقافية متنوعة، مثل افتتاح السنة الثقافية تحت شعار “تونس مدن الأدب والكتاب” في عام 2017، وتأسيس صالون “الفردوس للثقافة والإبداع” في عام 2016.

معالم بارزة: الجامع الكبير

يُعتبر الجامع الكبير ببوسالم من أقدم المساجد في الجهة، حيث تم تشييده في بداية القرن العشرين خلال الحقبة الاستعمارية. كان المسجد مركزًا للعبادة والحياة الاجتماعية، حيث عُقدت فيه مجالس المشايخ للبت في قضايا السكان.

بوسالم، بتاريخها العريق وتنوعها الثقافي وسهولها الخصبة، تظل شاهدة على تطور تونس عبر العصور، وتُعدّ مثالًا على التعايش والتقدم في قلب الشمال الغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى