مقالات
أخر الأخبار

الفجوه النفسية التي تدفع “المدمن” للإدمان

الفجوه النفسية التي تدفع "المدمن" للإدمان

 

 

كتبت : ميار ترك

 

أنتشرت ظاهرة الإدمان بشكل كبير داخل مجتمعنا ، مما أدي إلي أرتفاع نسبة الجريمة وغيرها من الأمور السلبية ، وأعلم أن أول ما فد لحق في ذهنك عند ذكر كلمة [إدمان] ، تخيل شخص يقوم بتناول المخدرات ، ولكن في الحقيقة إن أدمان المخدرات هو أقل أنواع الإدمان ضرراً ،ولكنه أشهرها، فهناك العديد من أنواع الإدمان ومنها إدمان الجنس وهو ما يعني أن الشخص يقوم بممارسة الجنس بإستمرارية مما يبلغ الحد عن النطاق الطبيعي.

وهناك إدمان العمل فهنا تجد الشخض يعمل كثيراً وبشكل مبالغ فيه ، إلي أن يصل للتقصير في حق نفسه ، وحقوق الآخرين عليه ، إدمان العلاقات الغير سوية المؤذية ، وهو أن يقوم المدمن للبحث عن علاقة يتعرض فيها إلي الأذي النفسي ، أو الجسدي ، أو العاطفي ، وبعد إنتهاء هذه العلاقة يبحث هذا الشخص بشكل لا إرادي علي شخصاً  آخر يحمل ذات المواصفات القاسية ، ويكرر معه نفس التجربة بتفصيلها.

وإدمان لعب الأدوار وهذا يعني أن يدمن الشخص لعب دور معين في سياق حياته كإدمان لعب دور الضحية في جميع علاقاته ، أو دور المنقذ الذي يحتم عليه إنقاذ جميع البشر ، أو دور الجاني القاسي.

وغيرها الكثير والكثير من أنواع الإدمان لتشمل إدمان الأموال ، إدمان الإنترنت ، إدمان القراءة ، إدمان الخوف ، إدمان الوحدة ، إدمان السفر ، إدمان للعلم ددون تعلم حقيقي له ، إدمان للتدين المزيف السطحي بدون تدين أصيل ذات معني عميق ، وإدمان للحب وهنا يتعلق شخصاً ما بالطرف الآخر بطريقة ربط قوية حتي يشعر المدمن أنه لن يستطيع العيش بدون المحبوب ، لتصل حياة المدمن إلي أن تفقد الطعم والمعني ، بلا إستثناء فهناك إدمان لكل شئ في الحياة.

ولكن يبقي السؤال المُلح لماذا وعن ماذا يبحث المدمن في الشئ الذي قد أختاره ليدمنه ؟

 

يعتقد البعض أو المعظم أن المدمن يبحث عن مادته المخدرة سواء كانت المخدرات بأنواعها أو الشهوة الجنسية ، أو المال وغيرها… لكن في الحقيقة أن كل هؤلاء الأشياء ما ألا مجرد بدائل فاشلة وضعيفة.

لكن أكتشف علماء النفس ، والأبحاث العلمية ،أن المدمن يبحث دائماً علي شئ آخر ، شئ قد فقده من وقت بعيد جداً من حياته ، يمتلك المدمن بداخله فجوه بالغة الإتساع ، ويحاول دائماً ملئ هذه الفجوة بأي طريقة كانت.

المدمن لديه إحتياج نفسي عميق وأساسي ، وهذا الإحتياج الحل الوحيد لإصلاحه يتمثل في علاقة مع شخصاً ما ، ولكنها ليست كأي علاقة ، علاقة من نوع خاص ، فتكون شكل هذه العلاقة أن لا يرفض هذا الطرف أفعاله ويقول له كلمة (لا) علي كل شئ ، مثلما ما كان يفعله والديه في مراحل حياته.

يحتاج المدمن شخص يتواجد معه وله دائم عندما يحتاجه، ويهتم به بشكل مستمر، دون أعذار للغياب ، ويحاول إسعاده وأن يوصل الفرحة إلي قلبه بدون شروط ، حتي إذا كان المدمن في أضعف وأتعس حالاته الإنسانية ، ولا يحتاج تماماً إلي أحد يعطي له دروس أو شروط صارمة ليأخد إحتاجاته من تلك العلاقة.

يحتاج إلي شخص يقوم بتخفيف إحساسه العميق بالألم ، ويساعده علي أن تطيب جروحه ، ولا يحتاج إلي من يجرحه ويشعره بالذنب بشكل دائم في كل نفس يتنفسه ، كما يحتاج بشدة إلي من يرضيه ويشبع حرمانه وإحتياجاته التي قد فقدها في السنين الأولي من عمره ، إلي أن يصل إلي فقد الوعي من الشبع والرضا ، مثلما يفعل الطفل الصغير في أحضان أمه ، ولا يحتاج من يسلبه ما ذُكر.

فالمدمن في النهاية قد حُرم من علاقة واحدة في حياته هي التي أدت به إلي هذا الأمر ، حتي وجد كل هذه الأمور في مادة إدمانه ، بغض النظر عن مسمها أو طبيعتها ، لأن هذا الشئ الذي أدمنه لا يقول له كلمة (لا) ، كما أنه يجدها في الوقت الذي يحتاج إليها ، وتقوم بإسعاده وهو في أضعف وأوهن حالاته ، كما أنها تخفف عنه إحساسه العميق بالألم ، فإذا أدمن شخص شيئاً فإنه يدمن لأنه يحتاج إلي علاقة تقدم له كل هذه الأمور.

فسيظل المدمن يدمن طالما لم تتواجد هذه العلاقة حياته ، لكن في حالة وجود هذه العلاقة بشكل حقيقي ، سيتوقف علي الفور عن الإدمان وللأبد ، العلاج في علاقة حقيقية غير مشروطة ، يوجد فسها القبول والإحترام والصفح ، والتفهم ، والإستيعاب ، مهما حدث.

علاقة توصل له الإحترام والتقدير ، والقرب و الإهتمام ، وتكون مليئة بالصدق والرحمة ، في جميع الظروف والحالات.

هل شعرتم الآن بمدي الأسي والأوجاع التي يعاني منها المدمن ؟

كم مرة رأيتم مدمناً في الشوارع والمنازل وأماكن العمل ؟

هل سأل أحدكم نفسه ماذا يحتاج ؟ ولماذا يدمن ؟

وإذا كنت مصاب فعليك أن تقوم لتبحث عن تلك العلاقة الحقيقة لتتعافي الآن !!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى