الصحةالمرأة العربية

سكري الحمل يؤدي لتضخم حجم الطفل المولود

عرّف الأطباء «سكر الحمل» بأنه أحد أنواع مرض السكري؛ حيث يصيب نسبة من النساء الحوامل أثناء فترات الحمل، ويعد من أكثر الأمراض انتشاراً لدى السيدات.
ومن المعروف أن الجهاز الهضمي يقوم بتحليل الطعام، الذي يتناوله أي شخص إلى جلوكوز ثم يدخل إلى مجرى الدم، ويتحول الجلوكوز إلى وقود لخلايا الجسم من خلال هرمون الأنسولين، الذي يفرزه البنكرياس. وفي حالة حدوث مشكلة بإنتاج الأنسولين أو عدم استجابة الخلايا له، فيبقى الجلوكوز في الدم ولا تستفيد منه الخلايا كطاقة.
في حالة الحمل؛ ونتيجة للتغيرات الهرمونية، التي تحدث، تصبح خلايا الجسم أقل استجابة للأنسولين، ولا يستطيع البنكرياس أن يواكب زيادة طلب الأنسولين، وبالتالي يزيد معدل السكر في الدم، وهو ما يُسمى بـ«سكري الحمل».

تشفى غالبية السيدات ويزول «سكري الحمل» بعد الولادة، غير أن احتمال عودته في أي حمل مستقبلي تكون كبيرة، كما أن هناك احتمالاً بأن يتطور في وقت لاحق إلى مرض السكري، سواء من النوع الأول أو النوع الثاني.
في الغالب فإن من يصبن بـ«سكري الحمل» يكن أكبر عمراً أو من ذوات الأوزان الزائدة، وفي هذا الموضوع سوف نتناول تفاصيل مشكلة «سكري الحمل» بالتفاصيل، والعوامل والأسباب التي تؤدي إليها، ثم نبين طرق الوقاية والعلاج الممكنة والمتبعة.

هرمونات المشيمة                           

يربط بعض الباحثين بين الإصابة بمشكلة «سكري الحمل» والهرمونات التي تفزرها المشيمة، مثل هرمون الاستروجين والبروجسترون، التي تقلل من تأثير الأنسولين في خلايا الجسم؛ وذلك يؤدي إلى زيادة إفراز الأنسولين من البنكرياس.
كما تشير الأبحاث الحديثة إلى أن هناك مواد إضافية مثل التسيتوكين واللبتين والرزستين يمكن أن تتسبب في «سكري الحمل».
وهناك بعض التأثيرات الوراثية المختلفة على سبيل المثال الإصابة بخلل في بنية الأنزيم جلوكوكيناز، الذي يتوسط عملية إفراز الأنسولين من البنكرياس.
وتشمل عوامل الخطر في الإصابة بـ«سكري الحمل» في سن متأخرة، فإذا كانت المرأة الحامل فوق 35 عاماً تزيد فرص الإصابة لديها.
كما أن زيادة الوزن والسمنة المفرطة من العوامل، والإصابة بالسكري قبل الحمل، والتاريخ العائلي لوجود المرض، والمقصود أحد أفراد العائلة؛ مثل الأب أو الأم أو أحد الإخوة.
وتكون فرص الإصابة بالسكري مرتفعة إذا كانت الحامل قد أصيبت به في حمل سابق، وكذلك عند ولادة طفل بتشوه خلقي أو طفل بوزن 4 كيلو جرامات وأكثر، يرفع ذلك من معدل الإصابة بهذا المرض، وزيادة سوائل الجنين من ضمن عوامل الخطورة.

الفحص الفمي

تنعدم أعراض «سكري الحمل» لدى أغلب الحوامل المصابات به؛ ولذلك ينبغي القيام بفحص سكر في الفترة من الأسبوع 24 وحتى الأسبوع 28؛ وذلك لتحديد إذا كانت الحامل مصابة به أم لا؛ لتفادي مضاعفات المرض.
ويعرف هذا الاختبار بـ«الفحص الفمي» لردة الفعل المناعية على الجلوكوز، ويتم أخذ عينات من الدم على فترات؛ للتأكد من مستويات السكر في الدم، وتقوم طبيبة التوليد في بعض الأحيان بفحص السكر في البول في كل زيارة لمتابعة الحمل؛ حيث إنه علامة على الإصابة بـ«سكري الحمل».
ويمكن أن تصاب الحامل بأعراض للمرض؛ منها الشعور بالتعب والإرهاق، والإحساس بالعطش الشديد بشكل مستمر، إلى جانب جفاف في الفم والجلد، ودخول الحمام بصورة متكررة، وعلى الأخص أثناء الليل.
وأيضاً تصاب الحامل باضطراب في الرؤية وعدم وضوحها، والتهابات متكررة مثل عدوى الخميرة، وأيضاً التهابات الجلد، وتعاني «سكري الحمل» الكثير من النساء.
وفي حالة عدم العناية بصورة جيدة يمكن أن يؤدي إلى مستويات سكر غير منضبطة، وبالتالي مضاعفات على الحامل والجنين.
ويتسبب في هذه المضاعفات عبور السكر الزائد في جسم الحامل إلى الجنين، وهو ما يؤدي إلى أن يفرز الجنين كميات عالية من الأنسولين، ويمكن اعتباره هرمون نمو يتسبب في نمو الجنين بشكل مفرط.
وتسمى هذه الظاهرة بـ«عملقة الجنين»، وتسبب الأجنة الضخمة مضاعفات أثناء الحمل والولادة، إضافة إلى تمزقات في قناة الولادة والحوض، وبالتالي يفرض على الحامل أن تكون الولادة قيصرية؛ وذلك إذا وصل وزن الجنين إلى أكثر من 4 كيلو جرامات، وأيضاً الولادة المبكرة، التي يمكن أن تؤدي لمشاكل صحية مختلفة بالنسبة للطفل خصوصاً المتعلقة بالتنفس.

الأطفال والإصابة

تزيد فرص إصابة أطفال الأمهات اللاتي عانين «سكري الحمل» بالسمنة والسكري من النوع الثاني؛ وذلك في مرحلة الطفولة والبلوغ مستقبلاً، كما أن «سكري الحمل» أحد عوامل ارتفاع ضغط الدم في الحمل.
ويمكن أن يتسبب في حدوث مشكلة تسمم الحمل، ومن الجائز أن تتعرض الأم للإصابة بالنوع الثاني من السكري بعد الولادة، إذا لم يتم علاج سكري الحمل في وقته، وكذلك يمكن أن يتعرض المولود لانخفاض في السكر ويتبعه مضاعفات تصل إلى الغيبوبة.
وفي حالات نادرة ينتج عنه تلف في الدماغ، ويمكن أن يتعرض لمشاكل في التنفس عند الولادة، ويكون عرضة للإصابة باليرقان، وفي حالة عدم السيطرة على السكر في الدم يمكن أن يصاب الطفل بنقص في الكالسيوم أو زيادة في كريات الدم الحمراء أو حدوث مشاكل بالقلب.
ويجب على الأم الحامل فور علمها بالإصابة بسكري الحمل، أن تتابع مستوى السكر باستمرار عن طريق الجهاز المنزلي لفحص السكر، وتتم السيطرة على السكري من خلال اتباع نظام غذائي جيد التخطيط.
ويفضل أن يكون واضع البرنامج مختص تغذية حتى يحدد الوجبات الأساسية والأخرى الخفيفة المرافقة، وهذا النظام يتم وفقاً للطول والوزن ومعدل النشاط، ويجب أن تكون الحمية الغذائية متوازنة؛ من حيث البروتين والدهون والكربوهيدرات، وتحتوي أيضاً على المعادن والفيتامينات الضرورية
وتكون محسوبة السعرات الحرارية، ومن الضروري عدم إهمال الإفطار؛ لأهميته القصوى في مثل هذه الحالة، مع تجنب الحلويات والدهون والمياه الغازية.
وتؤدي ممارسة التمارين بصورة معتدلة بالحفاظ على مستوى الدم بالسكر، ومن أمثلة هذه التمارين المشي واليوجا والسباحة، ويجب أن تكون تحت إشراف متخصص.
وبالنسبة لذوات الوزن الزائد قبل الحمل، فالنصيحة الأساسية هي تقليل السعرات الحرارية مع ممارسة الرياضة يومياً لمدة 30 دقيقة.
وفي بعض الحالات لا يكفي النظام الغذائي وممارسة الرياضة لضبط سكري الحمل، وهذا الأمر يحدث في حوالي 15% من المصابات، وعندها تحتاج إلى تناول دواء حتى تستطيع التحكم بمستويات السكر في الدم.

بعد الولادة

يطرح السؤال نفسه هل الحوامل اللاتي أصبن بسكري الحمل ستعاني السكري بعد ولادة طفلها؟ والإجابة أنه في العادة يزول سكري الحمل بعد الولادة، وتعود مستويات السكر في الدم إلى طبيعتها.
ويعتقد أن واحدة من بين كل 5 مصابات بسكري الحمل كن في الواقع مصابات بمرض السكري من النوع الثاني قبل حدوث الحمل، دون أن تعلم، والاحتمال الوارد أن تعاني من أصيبت بسكري الحمل من قبل في الحمل المستقبلي؛ ولذلك يطلب منها مراقبة نسبة الجلوكوز في الدم بشكل دوري، أو الخضوع لاختبار ردة الفعل ما بين الأسبوعين 16 و 18 من الحمل، ويمكن الخضوع للاختبار مرة أخرى في حال جاءت نتيجة الاختبار طبيعية، وذلك في الأسبوع الـ28 من الحمل لمزيد من الأمان.
وفي حال استخدام الأنسولين تكون نسبة الإصابة بالمرض مرة أخرى أكبر، وبالنسبة للمصابة بمرض السكري وتخطط لحدوث الحمل، فعليها أخذ جرعة إضافية من حمض الفوليك في الوقت الذي تحاول فيه أن تكون حاملاً، وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.

الرضاعة والتوحد

أكدت دراسة حديثة أن الأطفال الذين يولدون لأمهات عانين سكري الحمل، سوف يصبحون أكثر عرضة للتشوهات أو زيادة كبيرة في الوزن أو للإصابة بالصفراء.
وكشفت المتابعة أن هؤلاء الأطفال كانوا أكثر عرضة للإصابة بمخاطر نقص السكر في الدم عند الولادة بمعدل 10 مرات، وكذلك زادت نسبة تعرضهم للصفراء بمعدل 36 مرة.
وفي دراسة أخرى أوضحت أن عدداً من الأمهات اللاتي أصبن بسكري الحمل مسبقاً توقفن عن إرضاع أبنائهن مبكراً، وذلك بسبب نقص الحليب، كما كشفت الدراسة أن هؤلاء الأمهات يستغرقن وقتاً أطول للبدء في إرضاع أطفالهن، وعزا الباحثون القائمون بالدراسة ذلك إلى الأنسولين، حيث يقل هذا الهرمون بنسبة 25%، ويحتوي حليب الأم على عنصر الفركتوز وهو أحد أنواع السكر، ومن هنا نجد أن الرضاعة الطبيعية تشير إلى خسارة السكر وانخفاض الجلوكوز
وفي دراسة ثالثة كشفت أن إصابة الأم بالسكري في بداية الحمل يزيد فرص إنجاب طفل يعاني مرض التوحد، ووجد الباحثون أن مخاطر إصابة الأجنة بمرض التوحد كانت في أعلى مستوياتها عند إصابة الأم خلال فترة نمو مخ الجنين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى