بالنظريات العملية.. لماذا يجب الكلب الإنسان؟

كتبت: منار محمد

منذ القدم نشأت علاقة وطيدة بين الإنسان وأنواع مختلفة من الحيوانات، لكن التعامل بين الكلب والإنسان اتضح أنه له قواعده الخاصة، بل أنه عالم أخر يقوم على الوفاء والحب، وكثيرًا ما انتشرت قصص حول تعلق الكلاب بأصحابها.

اختلفت أنواع الكلاب، لكن الحب واحد، وهذا ما ظهر في قصة الكلب ” كابتن ” الذي قرر عدم مفارقة صاحبه، فجلس على قبره في الأرجنتين لمدة 6 سنوات، وانتشرت تلك القصة عام 2012.

وقالت مديرة المقبرة في ذلك الوقت، إن الكلب يأتي في الصباح الباكر ليجلس عند قبر صاحبه “ميغيل” الذي توفى عام 2016، وعندنا يحين الليل فأن الكلب ينام فوق المقبرة، ولن يتخلي عن تلك التصرفات على مدار 6 سنوات.

حب الكلاب للإنسان والتعلق بينهم لم يكن مجرد تصرفات، فالأمر خضع لعدة دراسات علمية، أثبتت أن الكلب يشعر أنه طفل رضيع ووالدته هو الشخص الذي يربيه.

في نهاية عام 2016، أجرى علماء من السويد دراسة شملت 437 كلب صيد أثبتوا من خلالها أن السبب وراء حب الكلاب للإنسان هو مجموعة من الجينات داخل الحامض النووي للكلاب، تجعل الكلاب تفكر في الإنسان كأول حل Scientific Reports وأوردت الدورية العلمية، عندما تواجه موقف تحتاج فيه إلى المساعدة، ما جعلها بشكل فطري مرتبطة عاطفيًا بالإنسان وملازمة له أينما ذهب.

وأجرى العلماء السويديون تجربتهم على مجموعة كلاب صيد تم تربيتهم داخل المختبرات، حيث وضع كل كلب بمفرده داخل غرفة مع أحد الباحثين، الذي يرى الكلب لأول مرة، وعرضوا أمام كل كلب ثلاثة أطباق تحتوي على طعام للكلب مغطاة بغطاء بلاستيكي شفاف وجعل الباحثون الغطاء سهل الفتح في طبقين فقط أمام الثالث فيصعب فتحه على الكلاب.

رصد العلماء تصرف الكلاب في هذا الموقف بكاميرات تصوير، وحاولت الكلاب في البداية بشتى الطرق فتح الغطاء البلاستيكي الصعب، وتباينت ردود فعل الكلاب في الموقف ذاته حيث حاولت مجموعة من الكلاب إقامة نوع من التواصل البصري مع الباحث الموجود بالغرفة والتقرب إليه جسديًا في إشارة إلى طلب المساعدة، بينما أبدت مجموعة أخرى اهتمامًا أقل بالباحث الواقف إلى جوارها.

وقارن الباحثون بين الحامض النووي لكلتا المجموعتين، وتبين للعلماء من خلال الفحص أن هناك خمسة جينات مسؤولة عن تحديد العلاقة بالإنسان، 4 من هذه الجينات قد تخضع لاضطرابات شبيه باضطرابات التوحد لدى الإنسان، ما يعني أن هذه الجينات في حالتها الطبيعية تؤدي إلى ميل الكلاب لطلب المساعدة من الإنسان وبالتالي التعلق به.

وسبق تلك الدراسة، واحدة أخرى أجراها باحثون يابانيون، فكشفوا سر العلاقة الخاصة بين الإنسان والكلب، التي جعلت من الكلب حيوانا وفيا يحب الإنسان ويحبه الإنسان، على عكس الذئب القريب من فصيلة الكلاب. سر العلاقة مع الكلب هو أيضا سر فرح الرضيع بأمه والعشاق ببعضهم.

عندما تتلاقى نظرات الإنسان مع نظرات الكلب تحدث تغيرات في كيمياء الدماغ لكل منهما. وتزيد نسبة هرمون الأوكسيتوسين. سواء في دم البشر أو الحيوان، علما بأن هذا الهرمون ينقل الشعور بالثقة والانتماء، وله تأثير مهديء ومزيل للقلق.

كما يمكن ملاحظة نفس الزيادة في الأوكسيتوسين عند تلاقي نظرات الأمهات مع أطفالهن الرضع أو تلاقي نظرات الأحبة والعشاق، حسب ما أفاد الموقع الالكتروني لصحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” التي ذكرت أيضا أن باحثين يابانيين يتوقعون أنه بهذا الشكل يمكن عموما فهم العلاقة الخاصة بين الإنسان والكلب.

واستطاع الباحثون أيضا إثبات التأثير المشترك بين الإنسان والكلب من خلال تجربة قاموا فيها برش الأوكسيتوسين في أنف كلاب. وبدت إناث الكلاب على الأقل تبحث بشكل متزايد عن التواصل البصري مع أصحابها، الذين ارتفعت في دمائهم أيضا نسبة الأوكسيتوسين من خلال نظرات عيون الكلاب. ولم يستطع الباحثون إثبات تغيرات في نسبة الأوكسيتوسين لدى الذئاب عندما التقت مع الإنسان، حسب “زود دويتشه تسايتونغ”.