رغم الإختلاف المذهبي “سلطنة عُمان” تنجح في تحقيق السلام
رغم الإختلاف المذهبي نجحت "سلطنة عُمان" في تحقيق السلام
كتبت : ميار ترك
سلطنة عُمان دولة عربية تقع في غرب آسيا تبلغ مساحتها حوالي 309,500 كيلو متر مربع الأمر الذي جعلها تشكل المرتبة الثالثة من حيث المساحة بمنطقة شبه الجزيرة العربية ، يوجد بداخلها في الدين الواحد عدة مذاهب دينية وطوائف متعددة من الشعب العماني ذاته ، ومع ذلك نجحت عُمان في تحقيق التعايش بينهم بسلام وأمان.
ففي المساجد يراعي الفروق المذهبية أثناء أداء فريضة الصلاة ، ليصلي كل واحد تبعاً لمذهبه الذي يستخلص منه أدلته ، وذلك ما ينهي الخلاف ، فيجسد المشهد داخل مساجد سطلنة عُمان مقولة أن “العمانيون يدينون بدين الإسلام وليس بدين المذهب” ، لتجد شخصان قد يقفان يصليان بجاور بعضيهما رغم الأختلاف في الطريقة ، ليمثل تعايش كل مواطن منهم علي مذهبه.
ولا يتحقق مراد الشعب من تحقيق السلام والوعي ألا مع دور مؤسسات الدولة ،وقد يتسأل البعض عن كيفية تحقيق توازن هذه المعادلة من التعايش مع الإختلاف المذهبي من جانب مؤسسات الدولة العُمانية ؟
فيبدأ زرع فكرة تقبل الآخر والمذاهب المختلفة في عقل الأطفال في بداية الصفوف الإبتدائية بالمدرسة ، من خلال تدريس الإختلاف وكيفية تقبله والتعامل معه ، بحيث ينشأ جيلاً لا يثار بين أفراده مسئلة التفرقة من حيث الطائفية ، أو الجنس ، أو الفئوية.
كما تهتم المؤسسات التعلمية للدولة في تأسيس المفهوم بكتاب التربية الإسلامية في الصف الحادي عشر ، الذي يوجد بداخله درساً بعنوان : ” دروس الاخوة” ، الذي يشرح الحديث النبوي الشريف ” إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ، ولا تحسسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عبد الله أخواناً”.
وتشرح سطور الدرس بأنه : ” لن تتحقق تلك الأخوة الإسلامية إلا بترك التعصب ، سواء كان لوطن ، أو إلي قبيلة ، أو للون ، والبعد عن عوامل الفرقة وأسبابها”.
ويستعين المعلمون خلال عملية التدريس بإستخدام بعض الفيديوهات التي تستطيع توصيل الفكرة للإطفال الذين يبلغون من العمر 7 سنوات التي تنص علي تقبل الإختلاف وتخاطبهم مع الصور لتريهم الأختلافات التي من الممكن قد شاهدوا من زملائهم في الدراسة بأدائهم للصلاة بطريقة مختلفة ، وخاطبت فيهم روح التوحيد رغم الإختلاف ،وأن رغم هذا الإختلاف لكن في النهاية الجميع يوضع ضمن إطار الدين الحنيف ، فغرس الصفات المشتركة بينهم.
ومن جانب محاربة الفتنة الطائفية والمذهبية لم تكتفي السطلنة بغرس بذور الأفكار المضادة لعقول الأطفال ، بل أيضاً قد فعلت قانون علي المعلمين القائمين علي أعمال التدريس المدربيين ، الذي ينص علـــي:
أن لا يتدخل المعلم أثناء أداء مهمة التدريس في الأمور السياسية والقضائية ، ولا تدخل لهم في الأمور المذهبية ،وإذا روج أحدهم بالطائفية ولذلك لأن ليس دور المعلم أن يروج لمذهبه، ولو تخطي المدرس أحدي هذه البنود ، فالقانون العماني يعاقب المتخطي بعقوبة تصل إلي 10 سنوات سجناً.
بالرغم من نجاح سلطنة عمان بتحقيق هذا الإنجاز العظيم ، إلا أن مازلت معظم الشعوب العربية تعاني من ذات الوباء داخلها ، وهو المذهبية والطائفية ، التي قد تتسبب في سفك الدماء ، لنكتشف أن معظم المشاكل لديها ليست مشاكل فقهية ، بل هي مشاكل قلبية فيذكر حديثاً نبوياً : ” إن لا في الجسد لمضغة ،إذا صلحت صلح الجسد كله”..، لأن المذهبية وأختلافتها من المؤكد أنها ستستمر إلي آخر روح ستفارق جسدها وتصعد إلي منشأها الأصلي في السماء ، ولكن هناك فرق بين إختلاف المذاهب ، والقلوب الصافية من حيث تقبل الآخر، وبين الذين يستخدمون المذاهب كغطاء لمصالحهم الشخصية .
ويذكر أن الحرم المكي والمدني قد حقق هذه المعادلة بتحقيق تقبل الإختلاف المذهبي ، فتجد أكثر من مليون مصلي في مكة ، ليس جميعهم علي نفس المذهب ، بل يجمع بين مذاهب متفرقة ومتشعبة ، وجميعهم يدخلونه تحت راية الشهادة الإسلامية فقط ، وليس تفرقتها ومذاهبها ولا طوائفها.