بسرعة علي المدرعات يارجالة .. ملحمة تاريخية للأسطورة القائد منسي ورجاله

كتبت – مروة بدار :

“بسرعة علي المدرعات يارجالة” هكذا بدأ أحمد صابر المنسي كلماته تلبية لاستغاثة علي اللاسلكي من عساكر الشرطة المدنية عليهم تعامل شديد جدد، وكما ذكر في شعره: “قاعد ف الكتيبة سمع إستغاثة علي اللاسلكي من عساكر شرطة مدنية عليهم تعامل شديد جدا، حدد المكان، خرج بصوته الجهور ” بسرعة علي المدرعات يا رجالة نلحق إخواتنا “، وصل المكان لقي عساكر الشرطة شبه بتموت، وزع رجالته اقتحم المنطقة وقف قاتل بكل قوة وشجاعة وقلب مؤمن، أخلي عساكر الشرطة المدينة كلها من المكان، عسكري النص بوصة إتصاب وعليه تعامل شديد، جري عليه شده من مكانه أخلي العسكري حس بلسعه خفيفة ف ذراعه الشمال مركزش معها اساسا، أخلي رجالته وعساكر الشرطة بسلام من غير ما يخسر عسكري واحد.

رجع الكتيبة ذراعه بينزف نشوف في إيه، أه دي رصاصة عملت سيكتيرما “خبطت ف العربية وغيرت إتجاها ودخلت ف ذراعه”، جيه الدكتور هطلعهالك يا قائد، محاولات كتير منفعتش، ياقائد لازم تنزل المستشفي تطلعها مش هينفع هنا، لا مستشفي ايه دكاترة أنا ورايا مداهمات مهمة جدا الكام يوم اللي جايين، أقولك خيط علي كدا وبعدين نشوف موضوع الرصاصة دي متعطلناش ورانا شغل مهم، الدكتور تنح وخيط وسكت، راح اتصال بأخو القائد يحكيلوه ما هو ضابط طبيب برضه وفاهم، أخوك يا دكتور ف رصاصة ف ذراعه ومرضيش ينزل المستشفي يطلعها وقالي اخيط علي كدا، يرد أخوه أيوة وفين المشكلة ما تسيبها ياعم يإما الجسم يرفضها وتطلع لوحدها يا هتعمل تليف حواليها وخلاص.
الدكتور قفل الخط وهو مذهول.
خلص القائد مداهمات ونزل أجازة وأخوه فك الغرز وخرجت الرصاصة والحمد لله، وكان لسه ليه عمر عشان يرعب الكلاب.

ويعد الشهيد البطل الجسور أحمد صابر منسى، أحد أبرز المقاتلين في القوات المسلحة والذى استشهد هو ورجاله الأبطال بعد ملحمة شرسة ضد كلاب أهل النار من الإرهابيين فى الـ 7 من يوليو عام 2017، بعد هجوم خيسي استهدف كمين البرث جنوب رفح والذى كانت تتولى مسؤولية تأمينه الكتيبة 103 صاعقة بالعريش فى شمال سيناء، والتى كان يقودها البطل منسى.

ولقد تابعنا جميعا خلال السنوات الأخيرة الماضية، قصة لا يمكن أن تتخيلها إلا في الحبكة الدرامية، أو الأفلام السينمائية؛ وبرغم أني مضيت هذه الأعوام في متابعة إخبارية على مدى اليوم إلا أننى تأثرت في كل مرة سقطت فيها نقطة دماء طاهرة من دماء شهداء الوطن الذين يضحون؛ بالغالى، والنفيس من أجل الأرض الطيبة بوطنى مصر.

العرق في التدريب يوفر الدماء في المعارك هذا هو بداية القصة من مصنع الرجال، وحدات الصاعقة المصرية أحد أهم الركائز الأساسية بالجيش المصري العظيم الذى طالما كان السند، والدرع المنيع للشعب المصري، وسيظل عقيدة أبنائه؛ هو الدفاع عن الشعب، وحماية أراضيه، وهذه العقيدة الراسخة دليل الوفاء الذى نتحدث عنه اليوم في هذه المقالة، والتى ستحوى مدلولية عميقة؛ للوفاء، والإخلاص الكامل للأرض، وللأسرة الكبيرة “الشعب” وللأسرة الصغيرة “الأهل”.

حيث أن الحديث عن قصة الشهيد البطل لا تستوعبها الكتب بل المجلدات ذلك أننا نتحدث عن أسطورة بمعنى الكلمة، وليس مجرد شخص عادى .. نتحدث عن شخص استطاع أن يكتب اسمه مرات عديدة فى سجلات التاريخ بمداد من الذهب .. صولاته وجولاته تقف شامخة فى سجلات العسكرية المصرية .. أدبه وأخلاقه تقف مشرقة فى سجلات الإنسانية .. ناهيك عن عطفه على الفقراء والمساكين وكثرة أعمال الخير التى لا تعد ولا تحصى بخلاف بسمته الجميلة التى لا تفارق وجهه صباحا ومساء فى الضيق وفى الفرح فى الحرب وفى السلم فى البيت وفى الشارع.

ولعلنا في هذه الملحمه واستشهاد هذا الأسطورة العظيم، الذى يعتبر أيقونة وسلسلال طيب لشهداء عظام سبقوه مثل الشهيد العظيم البطل الأسطورة إبراهيم الرفاعى وغيره، نتحدث بإيجاز شديد عن مسيرته منذ أن كان طالبا وحتى استشهاده ليتعلم الأجيال كيف تكون التضحية والفداء مع الأخذ بأسباب العلم والتدريب وبذل الغالى والنفيس من أجل الدين والوطن.

ولد الشهيد البطل أحمد منسى فى 4 أكتوبر عام 1978 فى مدينة منيا القمح التابعة لمحافظة الشرقية، ثم انتقل إلى مدينة العاشر من رمضان بسبب تنقلات والده الطبيب صابر محمد على منسى،والذى كان من أكبر وأطيب وأعظم أطباء الأطفال فى الشرقية.

التحق الشهيد البطل بعد أن تدرج فى سنوات تعليمه المختلفة بالكلية الحربية، إلى أن تخرج منها ضمن الدفعة 92 حربية، وبعد التخرج عمل كضابط بوحدات الصاعقة وخدم لفترة طويلة فى الوحدة 999 قتال وحدة العمليات الخاصة للصاعقة بالقوات المسلحة والتى تعتبر أشرس الفرق القتالية فى العالم.

بعدها التحق الشهيد البطل بأول دورة للقوات الخاصة الاستشكافية المعروفة باسم “SEAL” عام 2001، ثم سافر للحصول على نفس الدورة من الولايات المتحدة الأمريكية عام 2006.

حصل الشهيد البطل على ماجستير العلوم العسكرية دورة أركان حرب من كلية القادة والأركان عام ٢٠١٣، وتولى رئاسة عمليات الكتيبة 103 صاعقة فى 2016 قبل أن يغادرها إلى مدرسة الصاعقة ويعود إليها قائدا لها بعد عدة أشهر وتحديدا بعد استشهاد قائدها العقيد الشهيد البطل رامى حسنين بعد انفجار عبوة ناسفة فى مدرعته.

وللشهيد البطل صولات وجولات عديدة حيث استطاع قتل عديد من التكفيريين، وإحباط عديد من الهجمات الإرهابية، والقبض على المئات من المجرمين والإرهابيين فى سيناء.

كان يكتب الشعر كما روت زوجته في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بالذكرى الـ44 لانتصارات أكتوبر، ومن بين أشعاره: “شجرة إنتي يا مصر من عمر التاريخ، أعلم أنكِ فانية، فلا شيء باقٍ، ولكنكِ باقية حتى يفنى التاريخ”.

ورغم أن القصايدة لا تحتاج إلى تعليق، لكن من الواجب الحديث عما تحتويه من معانى وطنية، تثبت وضوح رؤية أحمد المنسى، وألفاظه التى تتحدث عن الوطن والفداء والتضحية، ورغم بساطة الكلمات لكنها مناسبة تماما لجندى يبعد عن “البلاغة” المعهودة ليعبر بصورة بسيطة لكنها قوية ومؤثرة عما يريد قوله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى