وزيرة الهجرة : نتطلع للاستفادة من الخبراء والأكاديميين فى مكافحة الهجرة غير الشرعية

كتبت – محمد مجدي:

شاركت السفيرة نبيلة مكرم عبدالشهيد، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، فى ندوة «ظاهرة الهجرة غير النظامية وكيفية التصدى لها» التى نظمتها وحدة دراسات الهجرة التابعة لمركز الدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بالتعاون مع وزارة الهجرة وتحت رعاية أ.د. محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور محمود السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بحضور ومشاركة الدكتورة عادلة رجب منسق وحدة أبحاث الهجرة، والدكتورة هبة نصار أستاذة الاقتصاد، الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع، الدكتورة أمانى مسعود، أستاذة العلوم السياسية، الدكتور أيمن زهرى، خبير دراسات الهجرة.

وافتتح الأستاذ الدكتور محمود السعيد، عميد الكلية الندوة، مرحبا فى مستهل كلمته بالمشاركين، وفى مقدمتهم السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، المتحدث الرئيسى فى الندوة، وكافة الحضور من الأساتذة والطلاب والإعلاميين والشخصيات العامة.
وقال السعيد إن الدولة تبذل الكثير من الجهد فى هذا الموضوع الهام، وسنطلع على جهودها فى هذا الملف من خلال ما ستعرضه لنا السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة، لاسيما وأن ظاهرة الهجرة غير النظامية تعد واحدة من أكثر المشكلات التى تؤرق المجتمع الدولى، وهى ظاهرة متعددة الأبعاد حيث يسهم فيها عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية وسكانية، ويُعدّ الدافع الرئيسى فى انتشارها هو تزايد الضغط على الهجرة بشكلٍ عام مع ارتفاع تكلفة الهجرة النظامية أو تطبيق سياسات تحدّ من هجرة الأشخاص إلى بلاد أخرى بطريقة قانونية.

وأضاف عميد الكلية، أن ظاهرة الهجرة غير النظامية ما زالت منتشرة وخاصة بين فئة الشباب، ولذا فالأمر يحتاج لدراسات أكاديمية تحدد مواطن الخلل والأسباب التى تؤدى بالبعض إلى هجرة الوطن حتى ولو كانت بطرق غير قانونية وتعرضهم لخطر الوفاة أثناء الهجرة أو بعدها، مضيفًا أن لدينا مجموعة من الأسباب المتعلقة بزيادة نسبة الهجرة غير النظامية، ومنها الاقتصادية وتتمثّل فى البطالة وانخفاض الأجور وتدنّى المستوى الاقتصادى والمعيشى داخل البلدان المُصدّرة للمهاجرين، إضافة إلى الأسباب الاجتماعية المتمثلة فى ضعف أو انعدام الروابط الاجتماعية والأسرية، وكذلك مشكلة الانفجار السكانى وما تسببه من ارتفاع أعداد السكان كالفقر، والتلوّث، ونقص المياه، أما عوامل جذب المهاجرين فتتمثّل فى ارتفاع أجور العمال فى البلد المراد الهجرة إليها، وارتفاع المستوى المعيشى بها ووجود خدمات اجتماعية وصحية أفضل مقارنة بدولة المهاجر.

من جانبها، أعربت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة عن شكرها للدكتور محمود السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وكافة المشاركين بندوة «ظاهرة الهجرة غير النظامية وكيفية التصدى لها» التى تنظمها وحدة دراسات الهجرة التابعة لمركز الدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مثمنة على دور الوحدة فى تنظيم هذه الندوة التى تستمد أهميتها بعد وقوع حادث غرق مركب الهجرة غير الشرعية لشباب قرية تلبانة وهى إحدى القرى التابعة لمركز المنصورة، بهدف الاستفادة من الخبراء والأكاديميين فى التصدى لظاهرة الهجرة غير الشرعية، وفق توجيهات السيد الرئيس فى إطار استمرار جهود الدولة فى مكافحة هذه الظاهرة وما يطرأ عليها من أبعاد جديدة تستوجب التعامل معها على الفور.
وأضافت وزيرة الهجرة أن الدولة المصرية حققت نجاحا كبيرا فى مكافحة الهجرة غير الشرعية خلال السنوات الماضية وفق شهادات المؤسسات الدولة المعنية بهذا الملف، وقد أعلن سيادة الرئيس فى عام 2016 عدم خروج أى مركب هجرة غير شرعية من السواحل المصرية، واستكمالا لهذا النجاح أعلن سيادته فى 2019 عن المبادرة الرئاسية “مراكب النجاة” للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية مكلفا وزارة الهجرة بتنفيذها فى القرى بالمحافظات المصدرة للظاهرة، والتى بلغ عددها 70 قرية فى 14 محافظة، بالتعاون مع عدد من الوزارات ذات الصلة، وضمن هذه الجهود تأتى مبادرة “حياة كريمة” لتطوير الريف المصرى، والتى تساهم بشكل مباشر فى رفع جودة الحياة لمواطنينا بالقرى المصدرة للهجرة غير الشرعية، بجانب العمل على تأهيل وتدريب الشباب فى هذه القرى وفق احتياجات سوق العمل الأوروبية والمحلية، ويتم ذلك من خلال برامج تدريبية مكثفة بالتعاون مع عدد من الجهات المعنية ومن بينها المركز المصرى الألمانى للهجرة.

وأوضحت السفيرة نبيلة مكرم أن الدولة المصرية تنظر للمهاجر غير الشرعى كونه مجنى عليه، والجانى هم السماسرة وتجار البشر، وقد غلظ القانون الصادر فى 2016 العقوبات على مرتكبى هذه الجرائم، وتغير مفهوم التعامل حيث تمد الدولة يد العون للمهاجر غير الشرعى بتوعيته بمخاطر ما سيواجهه خلال رحلته المحفوفة بالمخاطر، وتسليط الضوء على فرص العمل المتاحة بالمشروعات القومية المتعددة، فضلا عن توفير برامج تدريب للشباب حتى يصبحوا مؤهلين للهجرة بشكل شرعى.
وأعلنت وزيرة الهجرة استعداد الوزارة للتعاون والعمل مع وحدة دراسات الهجرة للاستعانة بالخبراء والأكاديميين المعنيين بالهجرة غير الشرعية، لنعيد التفكير من جديد فى الأسباب الدافعة لشبابنا نحو هذه الظاهرة، بعدما نجحت الدولة المصرية إلى حد كبير للتصدى للظاهرة خلال السنوات الماضية، وفى ظل ما تحدثه من تنمية حقيقة داخل القرى والمحافظات لتحسين حياة الأسر فى الريف المصرى، وما نتج عنها من توفير لفرص عمل متنوعة.
فيما تحدثت الدكتورة هبة نصار نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، عن عوامل الطرد والجذب المتسببين فى انتشار ظاهرة الهجرة غير النظامية بين الشباب، والمتمثلة فى الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى السياسية فى بعض البلاد التى يمارس فيها الاضطهاد العنصرى المبنى على الأسس الدينية والاجتماعية، إضافة إلى غيرة الشباب من تجارب العائدين من الهجرة بعد تجربة نجاحهم.

وأضافت نصار: “لدينا العديد من الدراسات النوعية المتخصصة فى بحث الهجرة غير النظامية وأسبابها، والتى ترصد أسباب التصدى لها على المستوى الدولى والإقليمى والمحلى، كما طالبت بضرورة فتح حوار على مستوى دولى تديره وحدة بحوث الهجرة لبحث الأسباب وتكوين استراتيجيات تساعد الدول على مكافحة ومواجهة الهجرة غير النظامية، وأن يكون هناك مرصد قوى يكون قادر على رصد ومتابعة الظاهرة ودراستها تفصيلا وبشكل معمق بما يساهم فى الوصول إلى برامج مناسبة على المستوى القومى فى مكافحة هذه الظاهرة”.
من جانبه، قال الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع، إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية أصبحت ظاهرة عالمية يعانى منها مختلف دول العالم، ومصر لديها تجربة مهمة فى التصدى لهذه الظاهرة، مشيرا للأسباب والجوانب الاجتماعية التى تمثل دافعا لشبابنا من قرى الريف المصرى نحو الهجرة غير الشرعية، وتأتى على رأسها ثقافة التقليد السائدة بين أهالى القرى والرغبة فى تحقيق نموذج المهاجر غير الشرعى الذى استطاع كسب الأموال، حتى أصبح الفرد غير الشرعى هو النموذج السائد والرمز فى هذه الأماكن، دون النظر لما يتعرض له من مآسى تجعل النسبة الغالبة منهم يفشل فى هذه الرحلة الوعرة.

وأضاف زايد أن السنوات الماضية شهدت خلق ثقافة داخلية بالقرى المصدرة للهجرة غير الشرعية تنمو فيها النزاعات المادية والنفور من التعليم، ارتبط نمو هذه الثقافة بالزيادة السكانية والرغبة فى انجاب الذكور حتى يتمكنوا من خوض غمار الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى ضرورة تحويل الهجرة غير الشرعية الى هجرة نظامية بالاتفاق والتعاون مع الدول المستقبلة، وتصدير العمالة المؤهلة للسوق الأوروبية وفق احتياجاتهم، والعمل على تغيير الثقافة السائدة فى القرى تجاه التعليم والتخلى عن ثقافة عدم الإنتاج.

وقالت الدكتورة أمانى مسعود، أستاذة العلوم السياسية، إن العالم يعانى ندرة فى البيانات والمعلومات الخاصة بظاهرة الهجرة غير الشرعية، وهو ما تسبب فى قلة الدراسات المتعمقة بالظاهرة، نحن بحاجة لمزيد من العمل على إيجاد بيانات ومعلومات تكون أكثر دقة من حيث المصداقية والشفافية فى تداول المعلومات والبيانات حول الهجرة غير الشرعية للمساعدة فى المعالجة الرشيدة لهذه الظاهرة.

كما تحدثت عن الثنائية غير المتسقة بين النجاح والغرق التى يظهرها المهاجر غير الشرعى، والتى يتغلب فيها على مخاوفة من مواجهة الغرق والموت فى سبيل تحقيق الذات والمرتبطة فى حالته بكسب المال، مؤكدة أن الهجرة غير الشرعية تتسبب فى خلق صورة مغايرة للعادات والتقاليد داخل مجتمعنا مع الوقت، تتعلق بنموذج المهاجر غير الشرعى الذى يرى فى عدد من الشباب مثلا يحتذى به.
فيما ثمن الدكتور أيمن زهرى على جهود الدولة المصرية للتصدى لظاهرة الهجرة غير الشرعية، وما تقوم به وزارة الهجرة واللجنة الوطنية لمكافحة الظاهرة من جهد للحفاظ على شبابنا، مشيرا لضرورة التحدث مع الشباب وتعريفه بتحديات دولته والفرص المتاحة بسوق العمل المصرى، الذى يدخله 800 الف شخص سنويا، موضحا أنه ليس هناك حل سحرى للقضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية بشكل تام.

وأشار زهرى إلى دور الإعلام الهام فى التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ضمن خطط التصدى للظاهرة، وقد شهدت السنوات الماضية نوع من التشتت الإعلامى، ما جعلنا فى احتياج لمزيد من الأعمال الدرامية حول الهجرة غير الشرعية، وسيكون لذلك مردود إيجابى إذا أحسن العمل عليه، مضيفا أننا فى حاجه الى دراسات انواع الهجرة الجديدة وأنماطها لأن لمصر ثلاث جاليات مصرية فى الخارج والمتمثلة فى الهجرة القديمة إلى أوروبا وأمريكا والهجرة المؤقتة أو هجرة العمل والمتمثلة فى الخليج والهجرة الثالثة والتى ظهرت فى التسعينات والمتمثلة فى الهجرة غير النظامية، ولفت إلى أن 90٪ من المهاجرين المصريين يعودون إلى مصر بعد فترة لأن هدفهم الرئيسى هو البحث عن فرصة عمل أفضل، مؤكدا أهمية الدور الذى تلعبه الدولة والمنظمات الدولية فى الحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية لأنه لا يمكن القضاء عليها بنسبة 100٪ وإنما يمكن الحد منها بشكل كبير من خلال القدرة على أخذ خطوات استباقية، لافتا إلى أن ثقافة الهجرة استطاعت غزو الريف المصرى ثقافة العمل بالخارج وغالبية هذا النوع يعود مرة اخرى لوطنه بعد فترة من العمل.

وتعقيبا على مداخلات المشاركين بالندوة، دعت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة للتعاون مع وحدة أبحاث الهجرة ودمج شباب الباحثين بها فى زيارات الوزارة للمحافظات والقرى المصدرة للهجرة غير الشرعية، للتعرف عن قرب على أسباب الظاهرة والتحدث مع شباب هذه القرى للحصول على المعلومات والبيانات المتعلقة بالظاهرة، وثمنت طرح الدكتور أحمد زايد الخاص بضرورة العمل على تغيير ثقافة الهجرة بهذه القرى، والتعاون مع وزارة الثقافة لنشر الرواية الخاصة بالدكتور أيمن زهرى التى تتحدث عن مخاطر الهجرة غير الشرعية ونشرها فى القرى المصدرة للظاهرة.

وتابعت أن الوزارة تهتم بالإعلام فى عملية التوعية، حيث وجدت أن أغلب الشباب الراغب فى الهجرة غير الشرعية لا يشاهد التليفزيون بشكل مستمر، إنما يستمع أكثر إلى الراديو بحكم طبيعة أعمالهم، وعملنا على الوصول لهذه الشريحة من خلال المحطات الإذاعية وبث الرسائل الخاصة بالتوعية، مؤكدة على ضرورة تسليط الضوء على النماذج الناجحة من القرى والتى استفادت من جهاز تنمية المشروعات، وتصدير هذه النماذج يمثل اتزانا فى معادلة النموذج والمثل بالقرية.

وأدارت الندوة، التى نظمتها وحدة دراسات الهجرة عبر تطبيق زووم، ا. د. عادلة رجب منسق وحدة أبحاث الهجرة، والتى أعربت عن سعادتها للتعاون القائم بين الوحدة ووزارة الهجرة، مؤكدة أن ندوة ظاهرة الهجرة غير النظامية وكيفية التصدى لها، تمثل البداية لسلسلة من الفعاليات إلى تهدف للوصول إلى توصيات واستراتيجية متكاملة يمكنها التعامل مع هذا الموضوع الكبير والخطير، كما وجهت التعازى لأسر ضحايا حادث قرية تلبانة، كما وجهت الشكر إلى الوزيرة نبيلة مكرم على سرعة دعوتها لمناقشة هذا الموضوع الهام مع وحدة بحوث الهجرة وهى أول وحدة علمية متخصصة فى هذا الموضوع.

الجدير بالذكر أن وحدة دراسات الهجرة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية تأسست فى يونيو 2021م بالتعاون بين مركز البحوث والدراسات الاقتصاد والمالية (CEFRS) بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية و بعثة منظمة الهجرة الدولية بالقاهرة كأول وحدة دراسات فى جامعة حكومية وتحت رعاية وزارة الخارجية المصرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى