“نهوض وتنمية المرأة”: في اليوم العالمي للمرأة أزمة قانون الأحوال الشخصية هي الأهم وفى أولوية قضايا المرأة التي علينا مناقشتها

كتبت: جنى محمد

يأتي الاحتفال بيوم المرأة العالمي، تقديرًا لدورها في جميع مناحي الحياة، وفي كل عام نتحدث في جمعية نهوض وتنمية المرأة عن أهم مكاسب المرأة التي تم تحقيقها، ونستعرض أهم القضايا العالقة على أجندتها، ولكن مع دخول عام 2021 ، نجد أننا في مصر نرجع خطوات إلى الوراء في تحقيق مكاسبها، على الرغم من مساندة فخامة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي ودعمه للمرأة المصرية والطفل، كما فعل منذ توليه للرئاسة وحتى الآن، وتشديده على عدم ظلمه لسيدات مصر في جميع المحافل، مطالبًا جميع مؤسسات الدولة بحماية حقوق المرأة والطفل على حد سواء .

ونشير إلى أن هناك من يحاول الوقوف كعائق نحو تحقيق هذا الهدف، والذي ظهر جليًا في مسودة قوانين الأحوال الشخصية، التي تم الإعلان عنها مؤخرًا، والتي سيتم مناقشتها قريبًا أمام مجلس النواب والتي أثارت استياء وذعر عشرات الآلاف من أمهات مصر.

ونحن في جمعية نهوض وتنمية المرأة نؤكد أن هذه القضية تعتبر كارثة على جميع المقاييس، وعبئًا جديد على القضايا التي تهم المرأة في مصر بصفة عامة، وعشرات الآلاف من أمهات مصر بصفة خاصة، ونضعها في بؤرة إهتمامنا ، ومن أهم أولوياتنا .

فقد تلقت جمعية نهوض وتنمية المرأة الآلاف من الإستغاثات من أمهات مصر، اللاتي يبدين ذعرهن من تطبيق مسودة قوانين الأحوال الشخصية ، لذا نستنكر العديد من بنود هذه المسودة الأخيرة الخاصة بقوانين الأحوال الشخصية، والتي وجدنا أنها ظالمة للمرأة والطفل المصري.

وفي عيدها العالمي، وبإسم عشرات آلاف من الأمهات الحاضنات، تطالب جمعية نهوض وتنمية المرأة بقانون للأحوال الشخصية عادل ومنصف للمرأة الأم ولطفلها، ففي الوقت الذى تتقدم فيه بعض الدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية والتي قدمت مسودة قانون منظمًا للعلاقات الأسرية ويحفظ للمرأة حقوقها بدرجة كبيرة لإستناده إلى رؤى فقهية مستنيرة تساهم بحق في الانصاف للمرأة، يطل علينا مجلس النواب المصري بمسودة قانون غير مطابقة للشريعة الإسلامية، غير واقعية، وتساهم في هدم الأسر المصرية ليس بناءها.

ونوضح أنه لإقرار قانون منصف للأحوال الشخصية يحقق المصلحه الفضلى للطفل والأسرة المصرية يجب أن يتم الإنتباه إلى البنود التالية:

يجب إلغاء بند الاستضافة وعدم التطرق إليه، فعشرات الآلاف من أمهات مصر يرفضون هذه المادة تمامُا، وهذا الرفض ليس من فراغ، فنؤكد بأنه لا يوجد بالشريعة الإسلامية لفظ الإستضافة في القرآن أو السنة النبوية، أو تحديد فترة لها، ولكن يُستدل على الحق الشرعي للرؤية بقوله تعالي “لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ” الآية رقم 233 من سورة البقرة، كما يدعم هذا الرأي قرار مجمع البحوث الإسلامية بجواز الإستضافة بشرط إذن الحاضن بذلك، وأخذ رأى المحضون ويكون ذلك بالتراضي بين الطرفين.

أما من الناحية الاجتماعية فمن خلال البحث الميداني الذي أجريناه في جمعية نهوض وتنمية المرأة على آلاف الحالات الاجتماعية ، وجدنا أن الآباء يقوموا بإستغلال قانون الرؤية لمجرد العند مع الأم ولإغراقها في القضايا والمشاكل تاركين مصلحة الطفل، مع أنهم لا يلتزمون بالرؤية، مستغلين الثغرة في القانون الحالي بعدم وجود جزاء للأب الذى يتخلف عن الرؤية والأكثر يستغلونها في التخطيط للخطف وتهريب الأطفال للخارج، ولهذا يظهر تخوف الأمهات من الاستضافة من خطف الطفل مثلًا وعدم رجوعه للحاضن- وهناك الآلاف من الحالات التي تعرضت لذلك.

أما من الناحية النفسية، فيؤكد المتخصصون في علم النفس أنه في ظل الخلافات بين الأبوين تكون الاستضافة ضررا كاملا على تنشئة الطفل في منزلين مختلفين مما يجعلنا نرفض قرار الاستضافة.

والأهم من ذلك أن القانون لم يعطي ضوابط لضمان عدم خطف الطفل، إلا عقوبة الحبس لمدة 6 شهور للطرف غير الحاضن اذا لم يقوم بارجاع الطفل في الميعاد المحدد، وهذه النقطة لا تضمن لنا سلامة الأطفال من عدم خطفهن خلال فترة الاستضافة مثلما يحدث في بعض الحالات، في خطف الآباء للأطفال داخل أو خارج البلاد وعدم القدره إلى الوصول اليهم حتى لو بقرار قضائي.

كما يجب الإبقاء على ترتيب الحضانة الموجودة في القانون الحالي والمطابق للشريعة الاسلامية.

ونضيف إلى أهمية تنظيم مواد الطلاق، وأن تكون مساوية بالقانون السعودي في هذه المسألة، والذي أقر بأن يكون الطلاق أمام القاضي، حتى يحسم جميع المسائل القانونية المتعلقة بالطلاق سواء نفقة أو حضانة أو مسكن للزوجية وغيرها من هذه الأمور كما فعلت السعودية في قانونها الجديد للأحوال الشخصية.

كما ننادي بأهمية أن تكون هناك ضوابط تحكم النفقة حتى تضمن عدم التلاعب في دخل الزوج، إلى جانب سرعة تنفيذ الأحكام الخاصة بالنفقة، حتى لا تستغرق سنوات مثلما يحدث في محاكم الأسرة للعديد من الحالات، مما يعود بالضرر المادي والمعنوي والنفسي على الطفل في المرتبة الأولى وعلى الأم في المرتبة الثانية.

كما يجب الإحتفاظ بحق المرأة وأهليتها ومساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات أمام القانون، وإلى أهمية ولاية النساء على أنفسهن وأطفالهن.

ففي الاحتفال بعيد المرأة، نناشد معالي فخامة رئيس الجمهورية، بإسم عشرات آلاف من الأمهات بانقاذ الأطفال والأمهات من هذه المسودة التي نشرت أخيرا، ووضع مسودة أخرى لقوانين الأحوال الشخصية، تراعي مصلحة الطفل في المرتبة الأولى ومصلحة الأم في المرتبة الثانية، فنحن نريد قانون ينصف الطفل والمرأة كما حدث في السعودية.

ونؤكد إلى أهمية أن يتم أخذ رأي كافة الجهات المعنية بالمرأة وعلى رأسها المجلس القومي للمرأة ، والمجلس القومي للأمومة والطفولة ، والجمعيات النسوية المعنية بالمرأة، إلى جانب رجال الدين وعلى رأسهم الأزهر الشريف ، فكيف يمكن أن يتم تعديل القانون دون الرجوع للجهات المتخصصة ؟! حيث يعد ذلك مخالف للدستور وللشرع. فإذا تم تطبيق قانون الأحوال الشخصية بطريقة عادلة ومنصفة، ستتغير الكثير من قضايا المرأة، مما يجعلنا نأخذ خطوات للأمام في تحقيق مكاسب جديدة للمرأة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى