المرأة العربية

نساء كبيرات السن يطالبن بسماع أصواتهن وتمكينهن وحمايتهن من العنف والإهمال والإيذاء

زينب حسن

تشارك كبيرات السن الأردنيات وبمناسبة اليوم الدولي للمرأة آلاف النشطاء والناشطات حول العالم في إطار حملة منظمة HelpAge International والتي تحمل إسم (ADA)، للمطالبة بالمساواة وإنهاء كافة أشكال التمييز والعنف ضد كبيرات السن، ويرفعن أصواتهن عالياً للتعبير عن رفضهن لكل أشكال ووسائل العنف والإهمال والإيذاء.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن كلمات “أم محمود” وهي امرأة تبلغ من العمر 67 عاماً ولديها إبناً واحداً و3 أحفاد وتعمل على بيع أصناف الخضرة أمام احد مخابز العاصمة عمان، تعبر عن معاناة بعض كبيرات السن سواء في إطار الأسرة أو في المجال العام، لكنها رغم كل ذلك ما زالت متفائلة في قدرتها على تحدي الصعاب والسير قدماً في عملها الذي ربطته بإستقلالها المالي وقدرتها على الإنتاجية والعمل.
تقول “أم محمود” : “توفي زوجي وأصبحت وحيدة بعد زواج إبني الوحيد، لم أكن أعمل في السابق، وطلب مني إبني ترك منزلي والعيش في منزله بشرط أن أقوم بكافة أعمال المنزل من تنظيف وطبخ وغسيل ورعاية اطفاله وعددهم 3 أطفال، وإذا لم أوافق فلن يصرف علي فلساً واحداً.”
وتتابع :” قلت له أنني سأبقى في منزلي حيث أشعر بالراحة والإستقلالية، ولن أعيش في منزلك، ومنذ ذلك الوقت لم يزورني، وشعرت بالوحدة حتى أحفادي لم أراهم. وقررت الأخذ بنصيحة إحدى جاراتي وبدأت العمل في بيع الخضار المبكتة على أحد أرصفة الشوارع فهي لا تحتاج الى رأس مال. وصممت على تحدي الصعاب وتمكنت من جني المال رغم مصادرة موظفي الأمانة “البسطة” لأكثر من مرة، ورغم سماعي الكثير من الكلمات البذيئة من المارة، إلا أن ذلك لا يمكن مقارنته مع زيادة ثقتي بنفسي بانني امرأة قادرة على العمل والإنتاج ولست بحاجة الى من يصرف علي.”  
وتضيف “أنا مرتاحة من قراري، لكن ما يؤلمني هو إهمال إبني لي وتنكره لما أقوم به، لا يأتي لزيارتي ويتصرف كانني ميتة، لماذا يريد التحكم بحياتي حتى يكون راضي عني، يريدني خدامة وأنا لا أريد منه سوى الإحترام والسؤال عني وعن أحوالي، على كل حال الله يوفقه ويغفر ذنوبه.”
وتشدد “تضامن” على أن النساء كبيرات السن يتعرضن أكثر من الرجال إلى العنف والتهميش والإساءة نظراً للتمييز السائد ضد النساء ولقلة مواردهن المالية وضعف مكانتهن في الأسرة والمجتمع كما أن كبار السن رجالاً ونساءاً يستحقون التمتع بشيخوخة آمنة مستقرة من خلال تقديم المزيد من الخدمات الصحية والتقاعدية والإيوائية ، وأنه لا بد من مجابهة كافة أشكال العنف الذي يتعرضون له. فإذا كان عالمنا يتجه نحو إطالة عمر الإنسان ، فلا بد وأن يترافق ذلك مع إحترام كامل لكرامة وحقوق كبار السن الإنسانية ، كما لا بد من التعامل معهم كمصدر للخبرة والمعرفة التي تتناقلها الأجيال . وأن المستقبل الذي نريد لما بعد عام 2015 هو المستقبل الذي تراعى فيه أولويات كبار السن بشكل عام وكبيرات السن بشكل خاص.
ويعاني العديد من كبار السن في الأردن من مشكلات وإنتهاكات متعددة وعلى رأسها العنف الأسري والفقر بما فيه التخلي عن الرعاية والإيواء وعدم تمتع نصفهم بأي مظلة للتأمين الصحي ، مما يؤثر على صحتهم وحالتهم النفسية وعلى إمكانيات المساهمة في صياغة مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم.
في الأردن…يحتفل 114 شخصاً من كبار وكبيرات السن بعيد ميلادهم الـ 60 كل يوم
وفقاً للتعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015، فإن 114 شخصاً من سكان الأردن البالغ عددهم 9.53 مليون نسمة، يحتفلون كل يوم بعيد ميلادهم الـ 60 وبما يعادل 41.8 ألف نسمة سنوياً منهم 54 امرأة (19.8 ألف امرأة سنوياً).
ومن بين هؤلاء، فإن 85 أردني يحتفلون بعيد ميلادهم الـ 60 يومياً منهم 41 أردنية (31.2 ألف نسمة سنوياً)، فيما يحتفل 29 من غير الأردنيين بعيد ميلادهم الـ 60 يومياً من بينهم 13 امرأة (10.3 ألف نسمة سنوياً).
وتفيد آخر الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة لعام 2016، بإرتفاع العمر المتوقع عند الولادة في الأردن ليصبح 73.6 عاماً (82.9 للذكور و 74.3 للإناث)، مما يثير التساؤل عن كيفية إستغلال سنوات العمر الإضافية، مع التأكيد على أن الإتجاهات العالمية تشير الى إعادة جدولة المراحل العمرية لضمان أن تكون هذه السنوات ضمن سنوات الإنتاج وليس سنوات الشيخوخة.
نسبة كبار وكبيرات السن بين سكان الأردن 5.4% وبين الأردنيين 6.1%
وتضيف “تضامن” بأن عدد كبار وكبيرات السن بين سكان الأردن بلغ 518757 فرداً وبنسبة 5.4% من مجموع السكان (9531712 فرداً)، فيما بلغ عدد كبار وكبيرات السن من الأردنيين 405101 فرداً من مجموع الأردنيين (4578636 فرداً) وبنسبة 6.1%.
وبتقسيم كبار وكبيرات السن الأردنيين حسب الفئات العمرية، فإن 127558 فرداً في الفئة العمرية 60-64 عاماً (64258 ذكور و 63300 إناث)، و 104604 أفراد في الفئة العمرية 65-69 عاماً (51104 ذكور و 53500 إناث)، و 79711 فرداً في الفئة العمرية 70-74 عاماً (79711 ذكور و 41883 إناث)، و 52023 فرداً في الفئة العمرية 75-79 عاماً (26488 ذكور و 25535 إناث)، و 41205 أفراد في الفئة العمرية +80 (20196 ذكور و 21009 إناث).
85 ألف إمراة كبيرة سن ترأس أسرتها في الأردن
وتشير “تضامن” الى أن 324420 أسرة في الأردن يرأسها كبار وكبيرات السن، حيث يرأس كبار السن الذكور 238520 أسرة عدد أفرادها 1014016 فرداً، أي أن كبار السن الذكور يرأسون 14% من الأسر في الأردن التي يرأسها ذكور (1692662 أسرة) ويرأسون 12% من أفراد تلك الأسر (8435775 فرداً).
فيما ترأس كبيرات السن 85900 أسرة عدد أفرادها 217420 فرداً، أي أن كبيرات السن يرأسن 34.4% من الأسر في الأردن التي ترأسها نساء (249241 أسرة) ويرأسن 25.3% من أفراد تلك الأسر (857278 فرداً).
كبار وكبيرات السن الأردنيين يشكلون 43.7% من الأميين الأردنيين
تبلغ نسبة الأمية بين الأردنيين 8.5% وبعدد 309359 فرداً ويشكل كبار وكبيرات السن ما نسبته 43.7% من الأميين وبعدد 135210 أفراد.
إلا أن نسبة الأمية بين الإناث أعلى من نسبة الأمية بين الذكور (5.7% للذكور مقابل 11.2% للإناث)، كما أنها أعلى أيضاً كبيرات السن (34.3% للذكور مقابل 48.6% للإناث).
8% من حملة شهادة الدكتوراة بين كبار السن الأردنيين هم نساء
بلغ عدد حملة شهادة الماجستير من الأردنيين 48977 فرداً منهم 5682 فرداً من كبار السن (4967 ذكور و 715 إناث)، كما بلغ عدد حملة شهادة الدكتوراة من الأردنيين 21319 فرداً منهم 4969 فرداً من كبار السن (4568 ذكور و 401 إناث).
وتضيف “تضامن” بأن 11.6% من حملة شهادة الماجستير الأردنيين هم من كبار السن، إلا أن كبيرات السن منهم يشكلن فقط 12.5%، في حين أن 23.3% من حملة شهادة الدكتوراة الأردنيين هم من كبار السن، ولا تشكل كبيرات السن سوى 8% منهم.
97.5% من كبيرات السن الأردنيات خارج قوة العمل
وتشير الأرقام بأن 51879 فرداً من كبار السن الأردنيين يعملون (48408 ذكور مقابل 3471 إناث)، و 7466 فرداً عاطلين عن العمل (5742 ذكور و 1724 إناث).
وبحسب النسب، فإن 14.6% من كبار السن نشيطين إقتصادياً (26.5% ذكور و 2.5% إناث)، بينما 85.4% من كبار السن خارج قوة العمل وعددهم 345205 فرداً (73.5% ذكور و 97.5% إناث).
28.5% من أعضاء مجلس الوزراء الأردني من كبار السن
هذا وقد قامت “تضامن” بإجراء دراسة تحليلية لمعرفة مدى مشاركة كبار وكبيرات السن في مواقع صنع القرار خلال شهر آب 2017، وعلى وجه الخصوص في مجلس الوزراء ومجلسي الأعيان والنواب، وتبين بأن 28.5% من أعضاء مجلس الوزراء هم من كبار السن، و 70.7% من أعضاء مجلس الأعيان و 15.3% من أعضاء مجلس النواب هم أيضاً من كبار السن.
وتنوه “تضامن” الى أن أعداداً أخرى ستضاف الى فئة كبار وكبيرات السن خلال مدة إنعقاد مجلس الأمة بشقيه والتي تمتد الى عام 2020. 
وفي هذا الإطار فإن “تضامن” تدعو الأردن الى المشاركة بفعالية في الجهود الدولية الرامية الى إقرار إتفاقية دولية لحقوق كبار السن، فحماية هذه الفئة وإن كانت مشمولة في عدد من الإتفاقيات الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلا أن أغلبها بالإضافة الى إتفاقيات حقوق الإنسان الأخرى لا تعط التمييز على أساس السن (العمر) إي إعتبارات قانونية ولا توفر لكبار وكبيرات السن الحماية الكافية بشكل شمولي أو ممنهج، مما يزيد من “الفجوة المعيارية” و “الفجوة في التنفيذ” كما عبرت عنها وثيقة “دعم حقوق كبار السن – نحو معاهدة للأمم المتحدة” والصادرة عن عدد كبير من المنظمات الدولية ذات العلاقة.
كما تدعو “تضامن” الأردن وبصفته رئيساً للقمة العربية الى إتخاذ ما يلزم من إجراءات للدفع بإتجاه إقرار إتفاقية عربية لحقوق كبار السن، فعلى الرغم من الجهود العربية (مع وجود إختلافات فيما بينها) التي عملت على توفير الرعاية والحماية والأمان الإجتماعي لكبار وكبيرات السن الى جانب الإحترام التقدير النابعان من الخصوصية الثقافية والدينية والإجتماعية، إلا أن تزايد أعداد المسنين والمسنات (6% من مجموع السكان في الدول العربية) وضعف العديد من التشريعات الوطنية والسياسات والإستراتيجيات والبرامج الموجهة لهم، والتحول الحاصل في مفهوم حقوق كبار السن القائم على حقوق الإنسان والمشاركة والتمكين لا على الرعاية والحماية وتقديم الخدمات فقط، كل ذلك يجعل من وجود إتفاقية عربية لحقوق كبار السن بما تتمتع به من صفة إلزامية ضرورة هامة لتحقيق التقدم المطلوب لجعل مرحلة الشيخوخة مرحلة فعالة ومنتجة، وتساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى