محمد زناته يكتب” زواج الصفقة”

يعد زواج القاصرات من الظواهر الاجتماعيّة الموروثة التي تشغل الري العام علي مدار العصور ، وترجع الأسباب الرئيسية لهذه الظاهره الي الأوضاع والظروف الاقتصاديّة السائدة، إضافةً إلى الجهل المتفشّي في المجتمعات حول عواقب ومخاطر هذا الزواج، فانعدام الوعي الفكري، وعدم إدراك خواطر هذه الظاهره علي الأسرة و المجتمع و حياة وشخص الزوجين اولا و ما يترتب على تلك الظاهره من كوارث مستقبلية علي الحياة الأسرية التى دائما ما تودي بها الي الفشل ، و يرجع ذلك الي الفكر السائد بأنّ زواج الفتيات القاصرات هو تحصين لهُنّ ، وفي الواقع هذا الأمر غير صحيح ، حيث يعتبر تدميراً لبراءة الأطفال ، بسبب عدم نضوجهم ، وإحاطتهم بالمعنى الحقيقي للزواج و جهلهم الي ما تتطلبه الحياة الأسرية التي لا يعرف لها الزوجين معنى بسبب عدم اكتمال التكوين العقلي و الجسدي ، ولأن الأسرة هي اللبنة الأساسيّة لأي مجتمع، وجب الاعتناء بأسس تكوينها من قِبَل المجتمعات ، إضافةً إلى السعي والتأكيد على أسس ترابطها، وذلك بهدف تماسكها، وضمان استمراريتها منذ اللحظة الأولى لعقْد القران بين الزوجين ، ولهذا وجب وضع ضوابط لتأسيس أي أسرة، بدءاً من اللحظة الأولى لاختيار الأزواج المقبلين على بناء الأسرة و رعايتها ، ومن هنا يُمكن إدراك مدى أهميّة وخطورة زواج القاصر .

و يعد من أهم أسباب زواج القاصرات الجهل الذي ينتشر بين أولياء الأمور يدفعهم لتزويج بناتهم في سنٍ مبكّرة دون إدراكهم بأنها ما تزال صغيرة ، ولن تتمكّن من تحمّل الزواج بكافة مسئوليته من رعاية بيت، وزوج، وحمل، وإنجاب، وتربية، وتكوين أسرة، دون أدنى اهتمام بمستقبل تلك الصغيرة، و ما يترتب علي ذلك من نتائج مجحفة لها .

 و الفقر أيضا من الأسباب المُهمّة والرئيسية التي تدفع الأهل لتزويج بناتهم ، وذلك للتخفيف من العبء المالي لفرد من أفراد الأسرة.

 الخوف كذلك هاجس يُلاحق الاباء بسبب تفشّي وانتشار ظاهرة العنوسة ، الأمر الذي يدفعهم لتزويج بناتهم، للتخلّص منهنّ دون الخوف عليهنّ من المستقبل الذي ينتظرهنّ..

وأمّا عن الحديث عن سنّ الزواج في الإسلام ، فلم تضع الشريعةَ الإسلاميّة عمراً محدداً للزواج، ولم يقيد الزواج بسنّ معين؛ بل وضع شروطاً وأحكاماً معيّنة تحدد ذلك، منها بلوغ الرشد ومقياسه في الزواج هو البلوغ الجنسي الفعلي للرجل والمرأة ، ويقدر ذلك بخمسة عشرة سنة، وكذلك المصلحة الأخلاقيّة التي تدعو لذلك ، وغيرها من الأمور التي تؤخذ بعين الاعتبار في عقد الزواج.

ونظرا لخطورة هذا الامر وما يترتب عليه من تخبط وضياع للحقوق سنّت العديد من الدول قوانين ضمن قوانين الأحوال الشخصيّة لإضافة هذا النوع من الزواج ، بحيث يحدد هذا القانون سنًّا معينةً بالنسبة للذكور والإناث تؤهلهم فيها للزواج ، وعدم السماح للقضاة الشرعيين بسماع أيّة دعوة للزواج يقلّ فيها سن أحد الزوجين عن العمر الذي حدّده القانون بثمانية عشر عامًا ، و قد نصت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من مشروع القانون أنه “لا يجوز تزويج مَن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة” .

و قد رتب القانون عقوبه علي مخالفة سن الزواج تتمثل في الحبس مده لا تقل عن ثلاثة اشهر و لا تزيد عن سنة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى