قراءة للدستور على مقاسهم

بقلم: شكري المثلوثي

يصف البعض انتفاضة رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد على منظومة الحكم التي يصفها غالبية الشعب التونسي بالفاسدة و المهترئة بانها انقلاب على الدستور و انقلاب على الشرعية او بانقلاب عسكري سيؤدي بالبلاد الى مصير المجهول يبدو و مما لاشك فيه ان لهؤلاء قرأه احادية الزاوية و مؤكد انها قراة “تتوافق” مع مصالحهم و منهجهم حتى انهم ينكرون سوابقهم في الخروقات الدستورية التي هم عنها غافلون.

لنذكر هؤلاء “الفقهاء” ان دستور تونس 2014 نص على إحداث المحكمة الدستورية وحدد مهامها وأعضائها وذلك في الفصول من 118 إلى 124 و نص على ضرورة تأسيسها بعد عام من اقراره إلا أن تأسيسها عرف مماطلة من قبل الكتل البرلمانية أسهمت في تأخيرها لاهداف عديدة منها اهداف غير بريئة رغم أن البرلمان التونسي توصّل في ديسمبر 2015 إلى المصادقة على قانون أساسي يضبط صلاحيات المحكمة الدستورية، ومهام أعضائها وطرق عملهم، الا إنه لم يتم إلى اليوم تحقيق تقدم في اتجاه تنصيب هذه المؤسسة الدستورية و ذلك رغم اهميتها القصوى و رغم خطورة غيابها بالنظر إلى الصلاحيات الكبيرة التي خصها القانون بها و تتمثل أهميتها مثلا في رفع الجدل حول بعض القانونين (الموجهة حسب الطلب) و التي يجب الحسم في دستوريتها و نشير أنه في غياب هذه المحكمة لا يمكن الطعن في العديد من التشريعات والقوانين التي تمس الحقوق والحريات الفردية مثلا و منح المشرّع التونسي للمحكمة الدستورية صلاحيات هامة في مجال مراقبة دستورية القوانين، والرقابة على السلطات التنفيذية اضافة الى مراقبة النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب هذا و نذكر ان القانون منح للمحكمة الدستورية، النظر في النزاعات القائمة على مستوى الصلاحيات بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى النظر في لوائح اللوم التي يتقدم بها نواب الشعب ضد رئيس الجمهورية في حال تجاوزه لأحكام الدستور الم يكن لهذه المؤسسة الدستورية دور في فض الجلل و فض اشكال تعطل تفعيل التحويرات الوزارية المشبوه التي رفضها الرئيس و نذكر ايضا ان لهذه المؤسسة مهمة معاينة الشغور على مستوى رئاسة الجمهورية، والنظر في تمديد الحالات الاستثنائية التي تعلنها الرئاسة.

و تحيلنا هذه المسالة بالذات حول مدى احترام الدستور من عدمه في تطبيق الفصل 84 وذلك إثر وفاة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي اليوم الخميس 25 جويلية 2019 حينما تم تنصيب محمّد الناصر (رئيس مجلس النواب التونسي انذاك) رئيسا للجمهورية وفقا للفصل 84 من الدستور حسب زعمهم حينها أكّد محمد الناصر في كلمة القاها بمقرّ المجلس بباردو إثر اجتماعه مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد انذاك أن الدولة تستمرّ بهذا الإجراء الدستوري !!! و ينصّ الفصل 84 من الدستور التونسي على أنّه « في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية (المفقودة)، أو في حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية (المفقودة) فورا، وتقرّ الشغور النهائي، وتبلّغ ذلك إلى رئيس مجلس نواب الشعب الذي يتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة كما ينصّ الفصل 85 على انّه « في حالة الشغور النهائي يؤدّي القائم بمهام رئيس الجمهورية اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب وعند الاقتضاء أمام مكتبه، أو أمام المحكمة الدستورية (المفقودة) في حالة حل المجلس.
ونذكر ان رئيس الجمهورية قيس سعيد اتخذ هذا القرار بناءا على تفاقم الفوضى و الاحتجاجات المشروعة لشعب مل و كل مراهقة سياسيي السلطة و انعدام ثقته في الاحزاب الحاكمة الكاذبة هذا اضافة الى ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا و عجز و فشل الحكومة في السيطرة عليه اضافة الى ارتفاع منسوب الغضب من الخلل السياسي المزمن والشلل الاقتصادي التي لم تسعى الحكومة لتقديم الحلول المناسبة و مهما كانت قراة الرئيس قيس سعيد و تاويله لفصل 80 تبقى الخطوة التي اقدم عليها تطبيقا لارادة الشعب لكنس البلاد من الشوائب غير نافعة و لاستعاب غضب الشعب المتفاقم …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى