طبيب ولادة سيدة مصر للطيران يروي الكواليس: المطبخ تحول لغرفة عمليات

كتبت: لوجين محمد

داخل طائرة مصر الطيران المتجهة للعاصمة البريطانية لندن يوم الثلاثاء الماضي، استعد الركاب للسفر إلى وجهتهم، وجلس الجميع استعدادا للانطلاق، كانت الرحلة تمر بسلاسة عندما اقتربت الطائرة من المجال الجوي الألماني، صرخة ألم شديدة من إحدى الركاب دفعت الجميع للترقب والانتظار واستكشاف ما يحدث، ليعلن المضيفون عن وجود حالة طبية طارئة وعما إذا كان يوجد طبيب على متن الطائرة، ليعلن الدكتور معتز فتحي عامر عن هويته كطبيب أطفال ويعرض المساعدة دون أن يدري أنه سيجري عملية ولادة طارئة في الهواء.

روى الدكتور “معتز” طبيب أطفال وحديثي الولادة بمستشفيات جامعة برستول بإنجلترا، كواليس عملية الولادة التي تمت في الطائرة “أنا لقيت المضيفين بيسألوا لو حد دكتور، قولت أنا طبيب اختصاصي الأطفال وحديثي الولادة، لقيت المضيفة بتقولي إن هو ده التخصص المطلوب، وقابلت فتاة يمنية عندها حوالي 18 سنة وبتتألم وكان معاها أختها حوالي 14 سنة وأخوها حوالي 15 سنة بالإضافة لوالدتهم، حوالي 38 سنة، سألتها عن مكان الألم فين وعرف أنه في الجزء الأسفل من الرحم والظهر والجنب، وأخدت التاريخ المرضي وعرفت منها أنها بتعاني من آلام بقالها أسبوع وأنها في العمر الرحمي 35 أسبوع يعني آخر الشهر الثامن وبحسب السونار الجنين في وضع رحمي ويسمح بالولادة الطبيعية وفقا لكلامها معايا”.

أثناء حديثها مع الطبيب، حرص على طمأنتها والتأكد من أنها لا تعاني من أمراض مزمنة مثل الضغط والسكر وقياس نبضها وحرارتها والكشف بشكل مبدئي، وسألها عما إذا كانت مياه الرحم سالت لتجيبه بالنفي، ما جعله يشعر بالارتياح وأن الوضع مطمئن ولا داعي للخوف أو القلق، وأثناء حديثه معها أخبرته فجأة بأن المياه سالت، وبعد الكشف والتأكد أخبر “معتز” أحد المضيفين بضرورة إبلاغ قائد الطائرة بالهبوط الاضطراري وأنها حالة ولادة مؤكدة وحقيقية وأنها تعاني من ألم ولادة حقيقي وليس كاذبا وسأله المضيف عما إذا كان متأكدا ليجيبه بالإيجاب.

وبدأ بالتعاون مع المضيفين لنقل السيدة إلى الغرفة الخلفية من الطائرة “المطبخ”، وأرقدها على ظهرها وبدأ في وضع بطاطين حولها من الجانبين وأسفلها قبل أن يتناول القفازات المعقمة ويقيس معدلاتها الحيوية باستخدام المعدات الطبية المتوفرة في الطائرة وقياس أيضا نسبة الأكسجين في الدم والسكر، كما طلب من المضيفين إغلاق التكييف بالطائرة تجنبا لعدم انخفاض حرارة الطفلة.

بدأ الطبيب في الضغط على أسفل رحم المريضة التي كانت تتألم في شدة بطريقة معينة وقبل أي من ذلك تأكد من وضعية الطفلة ووجد أن رأسه لأسفل وأخبرته الأم أيضا بمعرفتها بذلك، وبالفعل تمت عملية الولادة بنجاح ليكون أول وجه تراه الطفلة هو وجه الطبيب الذي أتى بها إلى الدنيا وأنقذ والدتها.

“المضيفون كانوا قمة في التعاون”.. هكذا وصف الطبيب تعامل المضيفين وطاقم الطيران معه أثناء الرحلة وخلال عملية الولادة، كما حرص على تزويد الأم بالأكسجين وقياس نبضها باستمرار ومستوى السكر بالإضافة إلى إمداداها بالجلوكوز، وقطع الحبل السري وربطه من خلال المعدات التي كانت متوفرة في حقيبة خاصة بالطائرة: “الطفلة الحمد لله اتولدت سليمة وبتعيط وده دليل أنها كويسة وكشفت عليها وحطتلها جلوكوز في بقها لأن ده بيحميها من خطر انخفاض الحرارة لأني معرفش هي هتروح على المستشفى على طول ولا هتستنى شوية في المطار احتياطيا حبيت أحميها، عملية الولادة أخدت نص ساعة وتمت كلها في الجو، والحمد لله مجرد ما نزلنا في ألمانيا الطيار هبط باحترافية شديدة وكان الطاقم كله غاية في الأدب والتعاون”.

وأبلغ الطبيب بعد ذلك طاقم الإسعاف في ألمانيا بحالة السيدة والطفلة وتفاصيل الولادة، كما أعطى طاقم الطائرة تقريرا مفصلا عما حدث أثناء العملية والتاريخ المرضي للأم، وبعد ذلك نقلت الأم على المستشفى في سيارة إسعاف بعدما أكد عليهم “معتز” بضرورة نقل الطفلة للحضانة للاطمئنان عليها وحمياتها من هبوط درجة حرارة جسمها.

وعن الصعوبات التي واجهها “معتز” فأكد أن الأمر كان مرهونا بحالة الأم وكونه في الهواء وليس في غرفة عمليات معقمة ومجهزة بالأدوات اللازمة، وأنه كان مهتما جدا بالعلامات الحيوية لها أثناء الولادة وخاصة أن ألم الولادة شديد وكان كل خوفه أن تدخل الأم في حالة صدمة من الألم إلا أن ذلك لم يحدث، كما أن استخدام الأدوات الجراحية وتوسيع حول الطفلة وإخراجه وقطع الحبل السري، كان ذلك من أكثر الأشياء صعوبة، وكان  أيضا متخوفا من انخفاض درجة حرارة الطفلة بعد الولادة، حيث إن الأطفال لا يكون لديها دهون تحت الجلد وبالتالي إذا فقد جسم الإنسان درجة حرارة واحدة مئوية سيفقد الطفلة 4 درجات سيترتب على ذلك انخفاض درجة حرارة جسمه، ما يهدد بانخفاض سكر الدم والدخول في مضاعفات عديدة وهو الأمر الذي لم يحدث بفضل الله، كما أنه كان متخوفا بشأن عدوى كورونا وحرص على الالتزام بالتباعد الاجتماعي وضمان أقصى حماية للأم وطفلتها.

وعن رد فعل الركاب بعد عملية الولادة،  فذكر الطبيب “الناس سقفت جامد وكان في تشجيع واحتفاء، وراكب في الكرسي اللي جنبي قالي تسلم إيدك يا دكتور أنت فخر لمصر وشرف ليها، وبعد كده الطيار طلب مني إني أتنقل للدرجة الأولى وفعلا كملت لغاية آخر الرحلة في الدرجة الأولى لغاية الهبوط في لندن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى