أقتصاد

محللون: تعديل “فيتش” شهادة ثقة جديدة تسهم فى جذب الاستثمار الأجنبى

كتبت : صباح فتحى

أكد خبراء اقتصاد ومصرفيون أن تعديل «فيتش» نظرتها المستقبلية للتصنيف الائتمانى لمصر قرار جيد وكان متوقعًا بعد الإصلاحات الهيكلية التى نفذتها الدولة، وأيضًا إقرار البنك المركزى المصرى سعر صرف عادلًا ومرنًا للجنيه، والقضاء على السوق السوداء للدولار.

وأشاروا إلى أن تقرير الوكالة إيجابى فى مجمله، وسيؤدى إلى عودة الثقة فى الاقتصاد المصرى، وسيفتح شهية المستثمرين وصناديق الاستثمار العالمية لضخ مزيد من الاستثمارات المباشرة فى السوق المصرية.

قال الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادى، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن تغيير «فيتش» نظرتها جاء بعد جهود كبيرة من الإصلاحات الهيكلية فى السياسات النقدية والمالية.

وتوقع أن تنتهج مؤسسات التصنيف الائتمانى الأخرى «موديز» و«ستاندرد آند بورز»، نفس الطريق والنهج بإصدار تقارير إيجابية عن مصر خلال الفترة المقبلة، بعد التحسن الكبير وإنهاء أزمة التمويل والنقد الأجنبى، والقضاء على السوق السوداء للدولار بإقرار سعر صرف عادل ومرن.

ورأى «جاب الله» القرار شهادة ثقة جديدة فى الاقتصاد المصرى ويفتح شهية المستثمرين للعمل فى مصر، بشرط استمرار سياسة الدولة فى تذليل العقبات وحل جميع التعقيدات والبيروقراطية أمام المستثمرين، مع اتخاذ سياسات نقدية أكثر تشديدًا وزيادة الإنتاج والاعتماد على رفع الموارد الذاتية للعملة الأجنبية، مثل تحويلات المصريين العاملين بالخارج والسياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة إيرادات قناة السويس وزيادة الصادرات المصرية.

وأضاف أن مشروع تطوير مدينة «رأس الحكمة»، وحصول مصر على ٣٥ مليار دولار قيمة الصفقة على دفعتين، ودخول استثمارات كبيرة تقدر بنحو ١٥٠ مليون دولار، أدت إلى توافر سيولة دولارية كبيرة، فى ظل التعهدات المالية الأخرى من الشركاء الدوليين بقيمة ٢٥ مليار دولار، منها ٨ مليارات دولار من الاتحاد الأوروبى ومثلها من صندوق النقد، إضافة إلى ٦ مليارات دولار من البنك الدولى، مع الاتفاق على مساعدات من اليابان تقدر بنحو ٣ مليارات دولار، كل ذلك أدى إلى تغطية احتياجات مصر الدولارية حتى نهاية عام ٢٠٢٧.

من جانبه، أكد الدكتور محمد سعد الدين، نائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، أن تقرير «فيتش» يمثل خطوة جيدة لاستعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى، ويعكس أننا نسير على الطريق الصحيح، الذى يؤدى إلى زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية فى مصر، بعد دخول شراكات جديدة مع دول الخليج، منها الإمارات والسعودية والكويت وقطر، متوقعًا الإعلان عن صفقات استثمارية كبيرة خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأضاف أن مصر أنهت أزمة التمويل الأجنبى واستطاعت تأمين احتياجاتها من النقد الأجنبى لمدة ٤ سنوات ٢٠٢٤-٢٠٢٧، مشيرًا إلى أن مشروع تطوير رأس الحكمة أكبر استثمار ناجح فى المنطقة العربية.

وأشار «سعد الدين» إلى أن مصر تحصل على ٣٥ مليار دولار، بالإضافة إلى عوائد اقتصادية أخرى تقدر بنفس القيمة من صفقة رأس الحكمة، ومن المتوقع أن يتم ضخ استثمارات تصل إلى ٢٠٠ مليار دولار فى الاقتصاد المصرى، بعد الانتهاء من تطوير المدينة بالكامل، بجانب إتاحة مليون فرصة عمل للشباب، وجذب سياح تتراوح أعدادهم بين ٨ و١٠ ملايين زائر، وتشغيل العديد من الشركات والمصانع المصرية.

وتوقع جذب مصر شراكات استثمارية جديدة من دول السعودية وقطر والكويت خلال الفترة المقبلة، لأن مصر دخلت عهد الشراكات الاستثمارية الكبرى، التى ستحقق طفرة كبيرة فى الاقتصاد المصرى، بعد ضخ استثمارات مباشرة تؤدى إلى نمو كبير وتوفير ملايين فرص العمل، وتحويل مصر إلى أكبر مركز عالمى فى مجال السياحة والضيافة والترفيه بعد الانتهاء من تطوير رأس الحكمة.

وشدد الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادى، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، على أن قرار «فيتش» يعيد الثقة فى الاقتصاد المصرى ويؤدى إلى عودة الاستثمارات المباشرة بكثافة، حيث تعد هذه المؤشرات من أهم العوامل التى يستند إليها المستثمرون والصناديق السيادية عند اتخاذ قرار الاستثمار فى أى دولة، مما يُساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية فى مصر خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى تقليل تكلفة الديون.

وأشار إلى تعديل وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية، مع تأكيد الوكالة تصنيف مصر عند «-B»، يرجع لعدة أسباب، تتمثل فى انخفاض مخاطر التمويل الخارجى على المدى القريب، بسبب الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الدولة ومشروع «رأس الحكمة» مع الإمارات، وزيادة الحصيلة الدولارية، خاصة بعد زيادة تحويلات العاملين المصريين بالخارج بعد اتباع سياسات نقدية مرنة ألغت السوق الموازية للعملات الأجنبية فى مصر.

كما أشار إلى أن السبب الثانى يكمن فى ارتفاع الاحتياطى النقدى لمصر ليتجاوز ٤٠ مليار دولار، وانخفاض عجز الموازنة الكلى فى السنة المالية الجارية ٢٠٢٣/٢٠٢٤ إلى ٣.٩٥٪ من توقعات سابقة عند ٧.٧٪، بعد تحصيل ١٢ مليار دولار لصالح الخزانة العامة من مشروع «رأس الحكمة»، مما ساعد على تحسين المؤشرات المالية للاقتصاد المصرى.

كما رفعت الحكومة توقعاتها لتحقيق فائض أولى بواقع ٥.٧٥٪ فى ٢٠٢٣/٢٠٢٤ من توقعات سابقة عند ٢.٥٪.

وذكر «السيد» أن السبب الثالث يكمن فى قوة الاستثمار الأجنبى المباشر الوارد لمصر خلال الفترة الماضية، والاتجاه نحو جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد اتجاه الدولة المصرية لتشجيع وتمكين القطاع الخاص، سواء من خلال تسهيل إجراءات التراخيص وإجراءات الحصول على الأراضى الصناعية، أو من خلال تقديم حزم تحفيزية للمستثمرين، تشمل إعفاءً ضريبيًا لمدة خمس سنوات، وإعفاءً من سداد نصف قيمة الأراضى الصناعية فى حالة استكمال بناء المشروع خلال الفترة المتفق عليها مع المستثمر.

ولفت إلى أن الخطوات الأولية التى اتخذتها مصر لاحتواء الإنفاق خارج الميزانية ساعدت فى تقليل مخاطر استدامة الدين العام، إضافة إلى تدفق الاستثمارات غير المباشرة فى شراء أدوات الدين المصرية، التى بلغت منذ مارس ٢٠٢٤ حتى ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ أكثر من ١٤ مليار دولار. من جهته، شدد الدكتور أحمد السيد، الخبير الاقتصادى، على أن إعلان «فيتش» خطوة شديدة الأهمية، وتعنى أنه فى أغلب الأحوال هناك فرص متزايدة لرفع تصنيف مصر الائتمانى فى المراجعة المقبلة.

وأضاف: «هذا هو الإعلان الثانى حول تحسن تصنيف مصر الائتمانى، بعد تعديل (موديز) النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى إلى إيجابية، وأتوقع أن تقدم (ستاندرز أند بورز) أيضًا على تحسين تصنيفها الائتمانى لمصر قريبًا». وتابع: «الخطوة ستنعكس على تقليل المخاطر المتعلقة بالديون الخارجية، وهو ما سيساعد على استعادة ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى، وعلى عودة الاستثمارات الأجنبية مرة أخرى خاصة مع اختفاء السوق الموازية، كما سيسهم بشكل كبير فى تخفيض تكلفة التأمين على الديون، وبالتالى تخفيض تكلفة الاقتراض من الخارج، وهو أمر مهم لكل من الحكومة والقطاع الخاص».

وتابع: «من المهم أن نناقش ما ورد فى التقرير من تطورات للاقتصاد المصرى وأسباب تحسن رؤية (فيتش) للاقتصاد، خاصة فيما يتعلق بتوقعات المؤسسة لارتفاع الاحتياطى الأجنبى، مدعومًا بتدفقات مشروع رأس الحكمة إلى ٤٩ مليار دولار خلال العام المالى الحالى، ونحو ٥٢ مليار دولار فى العام المالى المقبل، وهى مستويات قياسية للاقتصاد الذى كان يسجل احتياطيًا لا يتجاوز ٣٥ مليار دولار منذ شهرين فقط».

وأكمل: «هذا سيعطى فى رأيى أريحية كبيرة للاقتصاد المصرى للسيطرة على معدلات سعر الصرف، وكذلك التعامل مع ضغوط أعباء الدين الخارجى خلال العامين المقبلين، حيث أشار التقرير إلى أن تدفقات (رأس الحكمة) ستساعد على تقليل عجز الموازنة خلال العام المالى الحالى، بالرغم من الضغوط التضخمية وتأثيرات التوترات الإقليمية على إيرادات السياحة وقناة السويس».

ورأى أن إتمام صفقات أخرى حتى لو كانت بأحجام أقل مع أطراف أجنبية، وبدء تنفيذ مشروع رأس الحكمة، سيؤدى إلى تدفقات جديدة بخلاف الـ٣٥ مليار دولار التى تم الاتفاق عليها وتسلمتها مصر بالفعل، وكذلك استمرار عودة المستثمرين إلى السوق بشكل يعزز استقرار الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة، بشرط أن نبدأ العمل بشكل سريع لتعزيز موارد مصر الدولارية من قطاعات التصدير والسياحة وقناة السويس والاستثمار الأجنبى.

وواصل: «هذا سيقلل من حدة تأثر الاقتصاد المصرى بالأزمات العالمية والإقليمية، ويساعد على زيادة فرص النمو والتشغيل، وبالتالى شعور المواطن العادى بتأثير الإصلاحات الاقتصادية التى يتم تطبيقها».

وعن تأثيرها على البورصة، أشار إلى أن البورصة المصرية لا تتأثر سلبًا أو إيجابًا كثيرًا بالتصنيف الائتمانى، مدللًا على ذلك بتسجيلها ارتفاعات قياسية خلال ٢٠٢٣ وبداية ٢٠٢٤، بالرغم من التخفيضات التى تمت على التصنيف الائتمانى خلال تلك الفترة.

وأشار إلى أن عدم عودة المستثمرين الأجانب إلى السوق المصرية بشكل كامل، يتطلب بذل المزيد من الجهد لتهيئة الأوضاع الاقتصادية لاستعادة ثقة المستثمرين، لافتًا إلى أن إجراءات مثل تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة خطوة هامة، ولكن تحتاج إلى المزيد من الجهد وربما مزيد من التأجيل حتى تستقر السوق بشكل تام، كما أنه من المهم سرعة الإعداد لبرنامج الطروحات الحكومية من خلال البورصة، واستغلال معدلات السيولة المرتفعة لطرح شراكات قوية وواعدة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى