زيادة هرمون الإستروجين تسبب سرطان الثدي
يتعرض الكثير من الأشخاص لكمية كبيرة من هرمون الإستروجين؛ نتيجة عدة عوامل؛ منها: وجوده الطبيعي في الجسم، وما نتناوله من أطعمة؛ مثل: اللحوم والدواجن والطيور عموماً والحليب ومنتجاته المختلفة، إضافة إلى انتشاره في التربة ومياه الشرب.
يمثل هذا الهرمون حصاراً كبيراً لنا من كل مكان، ويصبح في غاية الخطورة والضرر إذا زاد في الجسم على المعدلات الطبيعية؛ لأنه يقود إلى حدوث خلل في الخلايا، ويسبب الإصابة بأنواع من السرطانات القاتلة.
هذا ما يفسر لنا انتشار سرطان الثدي بهذه الأعداد الكبيرة بين السيدات على مستوى العالم؛ لأن غالبية حبوب منع الحمل تحتوي على هذا الهرمون، وكذلك العلاجات مثل أدوية الهرمونات التعويضية تعد مصدراً لهذا الهرمون.
وغالباً ما يستمر هذا العلاج لسنوات عدة، ما يؤدي إلى حدوث خلل كبير في هذا الهرمون داخل الجسم، ويفقد الشخص التوازن الطبيعي لهذا الهرمون، وبالتالي تحدث مشاكل واضطرابات كبيرة تقود إلى سلسلة من المتاعب والأنشطة الخبيثة داخل الجسم.
وتعاني الكثير من السيدات، مشكلة سيادة الإستروجين داخل الجسم؛ نتيجة فرط الزينو-إستروجينات الموجود في الطبيعة، ومصادر الغذاء، وحبوب منع الحمل، والعلاج التعويضي.
وهذا التعرض المستمر يسبب لها الكثير من الأعراض والمشاكل الصحية المزمنة؛ ومنها على سبيل المثال: زيادة الوزن بشكل غير صحي، وهشاشة العظام والأورام الخبيثة في المبايض والثدي، ومتلازمة ما قبل الحيض المرهقة والمتعبة.
وفي هذا الموضوع، سوف نقدم بالتفاصيل وجود كل أشكال هرمون الإستروجين في الطبيعية والحيوانات والنباتات والأدوية، والضرر الذي يلحقه بالجسم البشري، وفائدة بعض الأنواع والدراسات، التي تمت في هذا الموضوع؛ للوقوف على الحقيقة ومعرفة أضرار بعض العلاجات والأدوية.
فرط الإستروجين والسرطان
يؤدي تعرض خلايا الثدي إلى هرمون الإستروجين إلى مضاعفة معدلات تكاثرها الطبيعي؛ ولذلك فإن فرط التعرض لهذا الهرمون والمواد الكيميائية المشابهة له، يعد من العوامل، التي تلعب دوراً كبيراً في تحفيز ظهور الأورام السرطانية المتعلقة بالهرمونات.
وفي النهاية، توصلت عدة دراسات إلى نتيجة واحدة؛ وهي أن التعاطي المزمن لأدوية الهرمونات التعويضية سواء كان الإستروجين أو البروجستين يؤدي إلى ارتفاع فرص ونسب الإصابة بخطر مرض سرطان الثدي.
ويرجح الباحثون، أن السبب الأساسي لسرطان الثدي هو فرط الإستروجين النسبي، إضافة إلى بعض العوامل الأخرى، التي تعزز هذا الاتجاه بقوة، ومنها على سبيل المثال زيادة معدل زينو استروجينات؛ وهي الاستروجينات الغريبة الخارجية، التي تدخل الجسم من البيئة المحيطة، ولها القدرة على إحداث تلفيات في الأنسجة بشكل كبير، كما تقود إلى ارتفاع نسب الإصابة بأمراض السرطان في المستقبل.
وهناك العوامل الوراثية والغذائية، التي تملك جزءاً من التأثيرات الضارة، وكذلك الضغوط العصبية المتلاحقة، التي تؤدي إلى زيادة معدلات الكورتيزول في الجسم، الذي يتنافس مع البروجيسترون على حجز أماكن المستقبلات.
والغريب في الأمر أن عدداً كبيراً من الأطباء ما زالوا يصفون الأدوية الإستروجينية للنساء، ومن ثم ارتفاع نسبة هذا الهرمون في الجسم بصورة متراكمة ومتزايدة بشكل نسبي، وبالتالي يعضد من اتجاه المسببات والعوامل السابقة في تحفيز ظهور مرض سرطان الثدي لدى السيدات، وأنواع أخرى من الأورام السرطانية.
الطعام والملوثات
تعد الأغذية مصدراً طبيعياً للحصول على الاستروجينات؛ حيث يحتوي اللبن ومشتقاته على الإستروجين وأيضاً اللحوم، ومعظم اللحوم التي يتم استهلاكها تكون من مصدر حيواني.
ومعظم غذاء هذه الحيوانات يعتمد بشكل أساسي على هرمونات؛ لأن القائمين على تربية هذه الحيوانات يستعينون بهذه الهرمونات إلى جانب البروتينات؛ للتعجيل من سرعة نمو الحيوان، وبالتالي زيادة كبيرة في الأرباح تدخل إليهم.
إضافة إلى أن الطرق الجديدة المبتكرة في تربية هذه الحيوانات توصلت إلى إمكانية حلب الجاموس والأبقار والأغنام طوال العام، حتى في مرحلة حملها، وأثناء هذا المرحلة ترتفع مستويات الإستروجين في اللبن بصورة تفيد العجول الصغيرة.
وعلى جانب آخر، تصبح هذه اللحوم ومنتجات الألبان مكاناً تتراكم فيه أنواع من السموم، التي تدخل أجسام الأشخاص المستهلكين وتخزن بداخلها؛ نتيجة صعوبة التخلص منها فتتراكم باستمرار؛ حيث تنتشر ملايين الأطنان من المواد الكيميائية الملوثة للبيئة من مادة «دي د تي» وغيرها من المواد السامة، ويصل إلى المياه عموماً وتتغذى الكائنات على الأعشاب المروية بهذا الماء الملوث، كما تتغذى الأسماك والطيور والكائنات الحية على طعام ملوث بهذه المواد الضارة.
ويدخل إلى الأجسام البشرية في النهاية عن طريق الماء أو الحيوانات، التي نتغذى عليها أو الطيور، ويفشل جسم المواشي والأغنام في التخلص من هذه المواد الكيميائية؛ فتتراكم في الأنسجة الدهنية لجسمه، وبالتالي تصل إلى الجسم البشري عند تناول هذه اللحوم أو الطيور أو الألبان وتتراكم فيه.
في النهاية يصل جسم الشخص كميات من الإستروجين الزائد عن طريق الأطعمة المختلفة، إضافة إلى الملوثات الكيميائية، وهو ما يساهم في الضغط المستمر على بعض الخلايا وتحفيزها على ظهور الأورام السرطانية، التي تجد بيئة مناسبة وتحفيزاً مستمراً لحدوث خلل في الخلايا.
النبات
يظن البعض أن الإستروجينات يقتصر وجودها على الأدوية التعويضية أو حبوب منع الحمل وفي اللحوم والألبان ومياه الشرب؛ لكن يتواجد في النباتات أيضاً بعض المركبات الطبيعية، التي تشبه الإستروجين، التي يطلق عليها الفيتو-إستروجينات، وتوجد في البرتقال واليوسفي والليمون والفواكه التي تتصف بالحموضة عموماً، وكذلك في القمح وفول الصويا وعرق السوس والصفصفة والشمر والكرفس.
وتعد الصويا ولبن الصويا من أغنى مصادر هذه المركبات؛ لكن المدهش في الأمر أن هذه الفينو- إستروجينات تقلل من خطر الإصابة بأمراض السرطان؛ وذلك عكس تأثير المواد الكيميائية الإستروجينية السابقة الموجودة في الأدوية والحيوانات والألبان.
وبيّنت دراسة حديثة أن زيادة كمية الأيزوفلافونات في الأطعمة مثل فول الصويا أدى إلى انخفاض الإصابة بسرطان الثدي لدى الحيوانات بمقدار 50% لدى حيوانات التجارب، وتعد الأيزوفلافونات هي المادة الفاعلة الموجودة في فول الصويا، كما تناقص عدد الوفيات نتيجة الإصابة بمرض سرطان البروستاتا لدى الذكور.
وقاية
كما أفادت دراسات لاحقة أن تناول الأيزوفلافونات بكمية بسيطة في الفترة الأولى بعد الولادة تؤدي إلى انخفاض نسبة الإصابة بسرطان الثدي في المستقبل بمعدل يصل إلى حوالي 65%، ورغم ذلك ليس هناك أي توضيح أو تفسير لهذا التضاد بين ما تسببه الإستروجينات العلاجية والحيوانية من أضرار، وفوائد المركبات النباتية وهي الفيتو- إستروجينات؛ لكن التفسير الافتراضي وهو القائم على ترجيح أن الفيتو- استروجينات تساعد الجسم على التأقلم وضبط مستوى الهرمونات داخل الجسم بشكل جيد وفاعل، وهناك تفسير آخر يستند إلى أن هذه المركبات لا تتسبب في توقف عمل الإستروجينات البيئية السامة الأخرى، ويمكن أن يكون ذلك نتيجة عدم احتلالها أماكن المستقبلات الإستروجينية.
وتشير الدراسات إلى أن تناول الفيتو-إستروجينات يمكن أن يكون مفيداً للأشخاص البالغين؛ لكن هناك الكثير من التخوف من بعض الأضرار عند استعماله للأطفال في هذه المرحلة بصورة مفرطة، التي تتمثل في الرضاعة الصناعية باللبن الذي يعتمد في صناعته على الصويا، وحتى الآن ليست هناك أي تأكيدات أو نفي لوجود سلبيات وأضرار أو وجود فوائد وإيجابيات، تطرأ على صحة الصغار؛ وذلك فيما يرتبط بحالة الصحة الهرمونية للطفل في السنوات المستقبلية من حياته؛ بعد استهلاك هذه المركبات.
العلاج الهرموني التعويضي
أظهرت دراسة هولندية حديثة أن احتمالات الإصابة بسرطان الثدي، يرتفع بدرجة كبيرة عندما تستخدم النساء العلاج الهرموني التعويضي لفترة أكثر من 5 أعوام، وتبين كذلك أن درجة الخطورة تزيد بصورة كبيرة إذا كان هذا العلاج التعويضي يحتوي على البروجستينات، وهي أدوية من فصيلة البروجيسترون الطبيعي البشري.
وكشفت دراسة واسعة أن السيدات في مرحلة سن اليأس اللاتي كن يستخدمن العلاج الهرموني التعويضي لفترة زمنية وصلت إلى 5 سنوات وأكثر، أصبح لديهن ارتفاع كبير في فرص الإصابة بمرض سرطان الثدي بنسبة تصل إلى حوالي 73%، وترتفع احتمالات الإصابة بهذا الخطر كلما زادت مدة تعاطي الأدوية الهرمونية التعويضية.
وبينت الدراسة أن هناك نسبة 34% زيادة في احتمالات الإصابة بين السيدات اللاتي استعملن الدواء التعويضي الإستروجيني بشكل عام، ونسبة 43% زيادة عند السيدات اللاتي تعاطين العلاج التعويضي الإستروجيني والبروجيستيني، وذلك عند المقارنة بالسيدات اللاتي ابتعدن عن هذه الأنواع من الأدوية التعويضية بشكل قطعي، وتابع الباحثون في دراسة أمريكية أخرى واسعة الملفات والسجلات الصحية لحوالي 243 ألف سيدة، وذلك لفترة وصلت إلى 9 سنوات من المراقبة المستمرة، وتبين وجود زيادة في فرص الإصابة بمرض سرطان المبيض بنسبة وصلت إلى 74% عند النساء اللاتي تعاطين الدواء التعويضي الإستروجيني.