حينما تتولى السوشيال ميديا مهمة إنسانية.. ابحث معايا عن ضحية

كتبت: منار نعيم

“صلوا نلاقي أمي”.. كلمات دونتها مارينا سامي عبر حسابها الخاص بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، نابعة من الذعر الذي دب داخلها بعد أن فقدت الأمل في إيجاد والدتها فور رؤيتها نيران تشتغل في محطة مصر بشتى وسائل الإعلام صباح اليوم. ظلت تدوينه الفتاة العشرينية تجول صفحات الموقع، بينما كانت الأبنة تبحث عن جسد أمها الضائع بكل ما تبقى لها من أمل.

فيما يضرب قلب مارينا جدارن صدرها بشدة مع كل وميض يصدر عن هاتفها الذي تنتظر من خلال معرفة إين والدتها، كانت منار محمد تنشر اسماءً لضحايا كتب لهم القدر النجاة في اللحظات الأخيرة من حادث محطة مصر، قائلة: اللي من الأقصر ويعرف أهل الناس دي يبلغهم أنهم بخير وموجودين في دار الشفا، وهما: منى عبدالفتاح أحمد من شارع التلفزيون، وسوسالي الأمير- الأقصر السواقي”.

بعد 5 ساعات من الحادث، تداول عدد من مستخدمي الموقع صورة للأم الضائعة، وعلق من وجدها “ماما ايفون موجودة في دار الشفا الدور الخامس ومصابة بحروق بسيطة”، هدأت ملامح وجه مارينا قليلًا، فأحدهم طمأنها أن والدتها مازالت بخير على قيد الحياة، سارعت إلى المكان المذكور لكن للحظة اختل توازنها وملئت الدموع وجهها، فعادت لبداية الخيط من جديد، وعلقت لكل من تداول أنباء على إيجاد والدتها “ماما ايفون مش في دار الشفاء اللي هناك دي من الأقصر واسمها سوسنه هما رابطنهم ببعض مش أكتر”.

 

كثيرة هى الضحايا التي دفعت ثمنًا غاليًا لأهمال مسؤول ترك غرفة القيادة، فزحف جرار قطار بكل ما أوتى من سرعة نحو جدار خرساني، لكن ذوي هولاء كانت لهم الضربة الأقوى، فمنهم من فقد أمً وأبً وأخً، وأيضًا زوجًا، فمن فقدوا حياتهم 20 ومن أصيبوا 40- حسبما أكدت وزارة الصحة في بيان رسمي.

فشلت محاولات اسماء في معرفة ما وقع لزوجها الشاب، فنشرت صورته عبر حسابه الشخصي، علها تصادف من عثر عليه في الحادثة. مر الوقت ببط كاد يقتل روحها في كل دقيقة، إلى أن دونت شابة في أحد الجروبات أن الزوج متواجد في مستشفى الدمرداش “هو هناك لكن قالوا انه من المنيا”.

 

سابقت خطوات اسماء دموعها المنهمرة إلى المشفى، لكن الصدمة التي تلقتها مارينا تكررت مرة آخرى مع الزوجة، حينما وجدت أن المريض ليس هو حبيبها، فعادت تكتب على صفحات الموقع أن الشاب المتواجد ليس زوجها، لتبدأ رحلة البحث من الجديد “أصعب احساس يكون حتة منك ضايعة لا عارف عايش والا ميت ونار جوه قلبك مش عارف تطفيها.. يارب”- حسبما كتبت على حسابها الشخصي.

على إحدى صفحات طلاب المدينة الجامعية بجامعة الأزهر، نشر أحدهم صورة بطاقة تعود إلى إبراهيم خلف محمد، وعلق قائلًا: ده توفى في حادثه القطار ومش عارفين اهله وهو في مستشفى القبطي برمسيس شير كتير خلينا نوصل لاهله ربنا يرحمه يارب”، كانت الاستجابة لذلك المنشور في غاية السرعة، فخلال دقائق انتشرت البطاقة مدعومة بخبر الوفاة على صفحات الـ”فيس بوك”، أملًا في انقاذ روح ذويه من الألم.

 

الكل يتسابق لنشر أماكن تواجد الضحايا، علها تكون لحظة نجاة ذويه من خوف حاوطهم من ظهر اليوم، وعلى الجهة الآخرى، ألقت قوات الشرطة القبض على سائق قطار محطة مصر، علاء فتحي، بعد هروبه لمحافظة المنوفية بسبب حادث القطار، واعترف بتركه جرار القطار على وضع التشغيل.

وأضاف “فتحى”، خلال حواره ببرنامج “كل يوم”، مع الإعلامى وائل الإبراشى، عبر فضائية “ON E“: “أنا مسئول مسئولية كاملة عن الحادث عشان سبت الجرار ونزلت أتخانق مع زميلى”.

السرعة العالية التي دخل بها الجرار على محطة مصر، ترتب عليه تصادم قوي وانفجار في تانك السولار، راح ضحيتها 20 متوفي وأكثر من 40 مصابًا، واحتراق مكاتب برصيف 6 و8 والمحصورة بين أرصفة بحرى وقبلى .

بعد نقل المصابين إلى المستشفيات “دار الشفا- معهد ناصر”، وغيرهم- طبقًا لتوجيهات وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، امتلاء بنك الدم الهلال الأحمر برمسيس، بمئات الشباب المتبرعين بالدماء إلى ضحايا الحادث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى