تلقى نحو 560000 طفل دون سن العاشرة التطعيم ضد شلل الأطفال خلال الجولة الأولى من حملة تطعيم طارئة أجريت على ثلاث مراحل في الفترة من 1 إلى 12 أيلول/ سبتمبر 2024 في قطاع غزة.
وقدمت الحملة التي استمرت 12 يومًا لقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النمط 2 إلى 558963 طفلًا، بعد تخطيط وتنسيق دقيقين. وشمل ذلك استخدام شبكة واسعة من الفِرَق، وإجراء التطعيم في مواقع ثابتة مختارة في المرافق الصحية والمواقع الميدانية. وقد عملت الفِرَق المتنقلة وفرق تطعيم الأطفال العابرين بنشاط لإيصال التطعيمات إلى الأسر التي تعيش في دور الإيواء والخيام ومخيمات النازحين، إلى جانب تواصل العاملين في مجال صحة المجتمع مع الأسر لزيادة الوعي قبل الحملة وأثناءها. وفي كل مرحلة، جرى الاتفاق على تنفيذ هُدنة إنسانية خاصة بكل منطقة لمدة تسع ساعات يوميًا، لضمان سلامة المجتمعات المحلية والعاملين الصحيين، وتمكين تنفيذ جهود التطعيم.
وقال الدكتور ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة: “أظهر العاملون الصحيون والعاملون في مجال صحة المجتمع عزيمة مذهلة، ونفّذوا هذه الحملة على نطاق وسرعة غير مسبوقين في ظل أصعب الظروف في غزة. ويُعدّ التحرك السريع للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال – من لحظة اكتشاف الفيروس إلى إطلاق حملة التطعيم – دليلاً على فعالية برنامج استئصال شلل الأطفال. وفي المناطق التي نُفذت فيها الهُدنات الإنسانية، لم تجلب الحملة اللقاحات فحسب، بل جلبت أيضًا لحظات من الهدوء. وبينما نستعد للجولة القادمة بعد أربعة أسابيع، يحدونا الأمل في أن تستمر هذه الهُدنات، لأن هذه الحملة أظهرت للعالم بوضوح ما يُمكن تحقيقه عندما تُتاح فرصة للسلام”.
وقالت جين غوه، الممثلة الخاصة لليونيسف في دولة فلسطين: “كان من الضروري تنفيذ هذه الحملة الطموحة بسرعة وأمان وفعالية لحماية الأطفال في قطاع غزة والبلدان المجاورة من فيروس شلل الأطفال الذي له القدرة على تغيير مجرى حياتهم. ويُعتبر التقدم المحُرز في الجولة الأولى مشجعًا، لكن المهمة ما زالت بعيدة عن الإنجاز. ونحن مستعدون لإكمال المهمة وندعو جميع الأطراف المعنية إلى ضمان تمكيننا من ذلك في الجولة المقبلة بعد أربعة أسابيع، حرصًا على مصلحة الأطفال في كل مكان”.
ويعترف الشركاء على جميع المستويات بالتحديات التنفيذية المشتركة التي واجهوها خلال تنفيذ هذه الجهود، ويشمل ذلك تدمير البنية التحتية، من المرافق الصحية إلى الطرق، والعدد المحدود من العاملين المدربين في مجال الرعاية الصحية، ومشاكل الوصول الناجمة عن انعدام الأمن، والكمية المحدودة من الوقود اللازم للمولدات المستخدمة لتخزين اللقاحات وتجميد عبوات الثلج بأمان، والتنقلات المستمرة للسكان. ومع ذلك، عولجت هذه المسائل في الوقت المناسب، بدعم رئيسي من وزارة الصحة الفلسطينية والأونروا، لتمكين أنشطة التطعيم المخطط لها.
وعلى الرغم من هذه التحديات والظروف التي تحملتها الأسر في قطاع غزة على مدى الأحد عشر شهرًا الماضية، توافدت الأسر إلى المرافق الصحية لتطعيم أطفالها. وقد يعزى ذلك إلى السلوك الإيجابي الذي لطالما عُرف به الشعب الفلسطيني نحو التماس الرعاية الصحية وإلى تنفيذ حملة مؤثرة لإذكاء وعي الجمهور وحشد تأييده.
وكان الهدف الأصلي للحملة هو تطعيم 640000 طفل، وهو عدد تقديري في ظل غياب مسح دقيق، وقد يكون هذا التقدير مبالغًا فيه نظرًا إلى التنقل المستمر للسكان من مكان إلى آخر، وفرار الناس وتعرضهم للقتل نتيجة للأعمال العدائية الجارية. وخلال الحملة، نُشرت فِرَق رصد مدربة للإشراف على جهود التطعيم. وفيما يتعلق بالخطوات التالية، يجري نشر 65 مراقبًا مستقلًا إضافيًا للتحقق من نسبة الأطفال الذين تلقوا التطعيم في جميع أنحاء قطاع غزة من أجل إجراء تقييم مستقل لمستوى التغطية الذي تحقق في الجولة الأولى. وهم يحتاجون إلى الوصول المأمون دون عوائق حتى يتمكنوا من زيارة المنازل والأسواق ونقاط العبور والمرافق الصحية لفحص الأطفال بحثًا عن الصبغة الأرجوانية البارزة التي تُوسم بها أصابعهم الصغيرة عند حصولهم على التطعيم. وستوفر هذه الجهود مقياسًا مستقلًا للنسبة المئوية للتغطية بالتطعيم التي تحققت وأسباب عدم تطعيم أي طفل.
وسيلي ذلك إجراء جولة ثانية من الحملة، من الناحية المثالية في غضون أربعة أسابيع، لإعطاء جرعة ثانية من لقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النمط 2 للأطفال في غزة لوقف الفاشية ومنع انتشارها دوليًا.
ولتكرار هذا التدخل الطموح، والوصول إلى عدد كاف من الأطفال، والنجاح في وقف استمرار انتقال فيروس شلل الأطفال، تدعو منظمة الصحة العالمية واليونيسف والأونروا جميع أطراف النزاع إلى الالتزام بتنفيذ جولة أخرى من الهُدنات الإنسانية، مع إتاحة الوصول دون عوائق إلى الأطفال في المناطق التي تحتاج إلى تنسيق خاص.
وفي نهاية المطاف، نحن بحاجة إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار، لأن جميع الأسر في قطاع غزة تحتاج إلى السلام حتى تتمكن من البدء في التعافي وإعادة بناء حياتها.
الجدير بالذكر أن هذه الحملة نُفِّذت في إطار استجابة عاجلة وحازمة للمعلومات المؤكدة بشأن سريان فيروس شلل الأطفال من النمط 2 في غزة، حيث اكتُشِف الفيروس في البيئة في تموز/ يوليو 2024، ولدى طفل يبلغ من العمر 10 أشهر في آب/أغسطس 2024. وقد أجرت وزارة الصحة الفلسطينية هذه الحملة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والشركاء. وقد أدى أعضاء المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال والمانحون والدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية والشركاء في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما الشركاء في المجموعة الصحية، دورًا رئيسيًا في تيسير الحملة.
وقد انطلقت الحملة باستخدام 473 فريقًا، وشمل ذلك 230 فريقًا متنقلًا و143 موقعًا للتطعيم في وسط غزة، وتلى ذلك إقامة 91 موقعًا ثابتًا، إلى جانب دعم تكميلي من خلال 384 فريقًا متنقلًا في جنوب غزة. واختُتمت الحملة في شمال غزة، حيث تلقى الأطفال التطعيمات من خلال 127 فريقًا في مواقع ثابتة و104 فِرَق متنقلة. وشملت المواقع الثابتة المستشفيات، والنقاط الطبية، ومراكز الرعاية الصحية الأولية، وأماكن التعليم المؤقتة، والمدارس، ونقاط توزيع الأغذية والمياه. بالإضافة إلى ذلك، دُرّب 749 مسؤولاً من مسئولي التعبئة الاجتماعية ونُشروا للتواصل مع المجتمعات المحلية، قبل الحملة وأثناءها لحث الأسر على تطعيم أطفالهم والتصدي للمخاوف الموجودة لديهم.
ولقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النمط 2 هو لقاح لشلل الأطفال يُستخدَم لوقف انتقال فيروس شلل الأطفال من النمط 2، وهو الشكل الأكثر انتشارًا حاليًا من فيروس شلل الأطفال. ولقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النمط 2 لقاح مأمون وفعال ويوفر الحماية من الشلل ويوقف سريان الفيروس في المجتمع. وهو اللقاح الموصى به عالميًا للقضاء على فاشيات فيروس شلل الأطفال المتحور من النمط 2، وهو النوع الذي اكتُشِفَ في غزة.