مصر و صراع الدول الكبرى

بقلم : حسام عيسى

قامت مصر بتحديد الأولوية الاستراتيجية .منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي بانتهاج دعم القوة الرادعة للجيش المصري من أجل حماية ثروات مصر وتعظيم القوة الجغرافية المصرية بالإقليم العربي والدولي، وذلك لتنافس القوة الدولية والإقليمية على ثروات منطقة الشرق الأوسط، متمشية بذلك مع السياسة العالمية بصراع الدول الاقتصادي على المنطقة.

اتخذت مصر في استراتيجيتها تعظيم المكانة الجغرافية في تهيئة مصر لتكون ممرا اقتصاديا عالميا، فكان الاهتمام بالبنية التحتية لمصر من إنشاء الطرق والكباري وتهيئة الأرض لتكون مصر الرابطة بين القارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأوروبا، وبالإضافة إلى التغلب على الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول العظمى على مصر من أجل بسط نفوذهم وسلب الإرادة السياسية المصرية.
من خلال سياسة عالمية من الدولة المهيمنة بفرض الصراع من أجل السيطرة وبسط النفوذ السياسي على الدول منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، بداية من القضاء على النمور الآسيوية في انهيار عملة كل من تايلند وروسيا عامي 1997م و 1998م، إلى أزمة الديون بالاتحاد الأوروبي لليونان وقبرص وأسبانيا وأزمة الرهن العقاري الأمريكي عامي 2007م 2008م، إلى خلق صراع بالإقليم العربي عام 2011م، إلى أن حدثت أزمة كوفيد 19 عامي 2019م و 2020م، وأخير الصراع الروسي الاوكرني 2022م وحتى الآن، بالإضافة إلى تعمد الولايات المتحدة بزيادة الأعباء التضخمية على دول العالم برفع سعر الفائدة على الدولار من صفر إلى 5 % مما أثر على اقتصاديات العالم كافة برفع الأسعار بشكل غير مسبوق، كل ذلك تسعى الدولة المهيمنة إبقاؤها على رأس القوى العالمية من خلال إضافة الدول الأخرى اقتصاديا وتنمويا لتبقي هي الأقوى اقتصاديا وعسكريا.
لقد فرضت السياسة العالمية الصراع الاقتصادي بين الدول الكبرى عن طريق السيطرة على طرق التجارة العالمية، فاتخذت الصين منذ عام 2013م، بإنشاء طرق بمبادرة الحزام والطريق برصد أكثر من ستمائة مليار دولار على هذه الطرق، من أجل امتلاك طريق تجارة يصل بالصين للهيمنة الاقتصادية عام 2030م، وهذا وما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ عام 2014م، بالتركيز على البنية التحتية لمصر والتي كانت متهالكة بشكل كبير، وبذلك تكون مصر تعمل بمواكبة السياسة العالمية تهيئ مصر لتكون مركز استثمار عالمي وممر التجار العالمية العالمية، وان ما تم فعلة منذ 2014م إلى 2023م، من بناء وتشيد هو الذي أجبر دول البريكس على ضم مصر إلى المجموعة الاقتصادية البريكس وفضلوا مصر على أكثر من عشرين دولة، مما يعد ذلك انتصارا للسياسة الاستراتيجية الاستباقية لمصر والتي تم تبنيها منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم مصر.
أعلنت قمة العشرين عن الممر الهندي السعودي الأوروبي للتجارة، في ربط التجارة الهندية بدول الخليج العربي مرورا بالأردن وإسرائيل إلى القارة الأوروبية برعاية أمريكية، فإن ذلك هو محاولة أمريكية هندية بكسر الاحتواء الصيني بسيطرتها بطرق الحزام والطريق، وذلك ما يؤكد هو الصراع على طرق التجارة العالمية، وان ذلك ما هو إلى تأكيد على أن العالم يدار الآن من خلال طرق التجارة الدولية – حيث من يسيطر على طرق التجارة الدولية يسيطر على الاقتصاد العالمي ومن يسيطر على الاقتصاد العالمي يسيطر على العالم.
* وبذلك قد استطاعت مصر باستراتيجيتها أن تعظم من قوتها العسكرية لتحمي ثروات البلاد ومن خلال التشييد والبناء في الطرق والكباري قد عظمت من موقعها الجغرافي، بالإضافة إلى شق قناة إضافية في قناة السويس من أجل سرعة سريان السفن بالقناة، كل ذلك وضع مصر على خارطة العالمية والإقليمية لتكون ممرا للتجارة العالمية ومركزا هاما للدول العظمى.
تحية تقدير لصانع القرار المصري الذي وضع تلك الأولويات في استراتيجيته، تلك القرارات التي استطاعت أن تقف أمام التحديات وتتغلب عليها وتنتصر وتقدر أن تكون دولة محورية في الإقليم العربي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى