بعد سلسلة ثورات واعتقالات.. سعد زغلول يُشكل أول وزارة شعبية في مصر 28 أكتوبر 1924

كتب – محمد عيد:
في 28 أكتوبر 1924 شكل سعد باشا زغلول، مؤسس الوفد المصري، أول وزارة شعبية في مصر بعد انتخابات فاز فيها مناصروه بمعظم مقاعد البرلمان، وذلك استكمالًا لمطالب الشعب المصري بتحقيق حلم الاستقلال.
كان سعد سعد زغلول، ابن الشّيخ إبراهيم زغلول عميد القرية، وأمه بنت الشيخ عبدو بركات، ولد في أول يونيو من عام 1859م في قرية إبيانة التّابعة للمديريّة الغربيّة، تُوفّي والده وهو في عمر 6 سنوات، فتولّى أخوه الأكبر أمر رعايته، وأرسله إلي كُتّاب القرية لتعلُّم القراءة والكتابة، ثم ذهب إلى دسوق لتعلُّم تجويد القرآن، عندما بلغ الحادية عشرة بُعث إلى الأزهر، وواظب على حضور الدّروس هناك.
شغل العديد من الوظائف، ساعدته أن يكون شخصية نضالية مدافعة عن الوطن، حيث عمل كصحفي مشهور في مجال الإعلام العربي الواقعي، وتعلم اللغة الإنجليزية والفرنسية؛ حتى يستطيع التكلم بلغة أعداء الوطن؛ ليتسنى له الدفاع عن مطالب الشعب المصري، والاستقلال الذي كان حلم كل مصري،
في مايو 1882 أوكلت إليه الحكومة منصب معاون نظارة الداخلية للاستفادة من مواهبه القانونية، وبعد خروجه من السجن أسّس مكتبًا للمُحاماة بالتعاون مع صديقه حسين صقر، لكنّهما اعتُقِلا في عام 1884م بتهمة تأسيس جماعة سريّة تحت مُسمى جماعة الانتقام، غرضها تحرير الوطن وطرد الإنجليز من الوظائف التي استولوا عليها.
كان سعد زغلول، ذا أثر واضح في العمليّة التعليميّة بمصر، إذ ساهم في إنشاء الجامعة المصريّة بالتّعاون مع كل من الشّيخ محمد عبده وقاسم أمين ومحمد فريد.
كما أنشأ مدرسةً للقضاء الشرعيّ، ورفع ميزانيّة التّعليم إلى أكثر من ضعفها، واهتمّ بمُحاربة الأميّة فقام بزيادة عدد الكتاتيب في القرى الصّغيرة، ورفع المعونة المُخصّصة لها لأكثر من الضعف، بالإضافة إلى عودة التعليم باللّغة العربيّة إلى بعض المواد. ثم تولّى بعد ذلك وزارة الحقائيّة، إلا أنّ كثرة اصطداماته مع الاحتلال اضطرّته إلى تقديم استقالته.
تمّ عقد العديد من اللّقاءات للبحث في الشأن المصريّ بعد الحرب العالميّة الأولى، فتأسّس حزب الوفد وضمّ العديد من الشخصيّات، كسعد باشا زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي الشعراويّ، وقاموا بجمع التواقيع من أصحاب الشّأن تتضمّن توكيلهم بالإنابة عن المصريّين للسّعي بالطّرق السّلمية إلى تحقيق استقلال مصر. فأثار الموضوع غضب الاحتلال، واعتُقل سعد زغلول ونُفِي إلى جزيرة مالطة في البحر المُتوسّط مع مجموعة من أصدقائه، فعمل غيابه على إحداث الكثير من الاضطرابات، ممّا أدّى إلى قيام ثورة عام 1919م.
بعد نفي سعد زغلول ورفاقه انطلقت المُظاهرات في المدارس العليا، حيث شارك في الاحتجاج كافة الطّلبة ومن ضمنهم طلبة الأزهر، وخلال عدة أيام انطلقت الثورة في العديد من القرى والمدن؛ ففي القاهرة أضرب عُمّال الترام مّا أدّى إلى شلل حركة النقل، ونتيجةً لإلحاق السّلطات البريطانية جنودًا في التدريب لتعويض غياب العمال المصريين في حال إضرابهم، عَجّل عمّال سكة الحديد الإضراب، كما هاجم البدو في الفيوم قوّات الشّرطة والقوات البريطانيّة عند اعتدائهم على المُتظاهرين، وحفر سُكّان الأحياء الفقيرة الخنادق لمواجهتهم، وهاجموا بعض المَحلات التّابعة للبريطانيين.
تُوفّي سعد زغلول عام 1927، وقرّرت حكومة عبد الخالق باشا ثروت إقامة ضريح كبير له، فدُفِن بشكل مُؤقّت في مقبرة الإمام الشافعيّ، ثم نُقل عام 1931م إلى ضريحه بجوار بيت الأمة، وشُيِّدَ له تمثالين؛ أحدهما في القاهرة، والآخر في الإسكندرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى