“القضاء على التمييز”.. العالم يطالب بتغيير قوانين  مرضي نقص المناعة البشرية 

يحيي برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) غدا الجمعة حملته العالمية “يوم القضاء علي التمييز” والتي تنطلق هذا العام تحت شعار” تغيير القوانين التي تميز ضد مرضي الإيدز”، حيث تهدف الحملة هذا العام إلى تغيير قوانين التمييز ضد مرضي نقص المناعة البشرية في بلادهم.

ففي العديد من البلدان تؤدي القوانين إلى معاملة هذه الفئة من الأشخاص بطريقة مختلفة أو استبعادهم من الخدمات الأساسية أوالتعرض لقيود لا داعي لها، وذلك بسبب ما بهم من مرض، ومثل هذه القوانين التمييزية تحرمهم من حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية.

ويعيش ما يقرب من 40 مليون شخص في العالم وهم مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية الذي يسبب (الإيدز)، ويسعى برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز إلى تحقيق هدفه بمكافحة المرض ودعم أنشطة البلدان لمعالجته.

وكانت الأمم المتحدة قد احتفلت لأول مرة بيوم القضاء علي التمييز في 1 مارس 2014، بعد أن أطلق برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) حملة “عدم التمييز” في اليوم العالمي للإيدز في ديسمبر 2013.. ولا يزال التمييز يقوض الجهود الرامية إلى تحقيق عالم أكثر عدلا وإنصافا ويسبب الألم والمعاناة للكثيرين.

ويمارس التمييز أشكالا متعددة، من التمييز العنصري أو الديني، إلى التمييز القائم على نوع الجنس أو التوجه الجنسي أو العمر، والبلطجة في المدرسة أو في العمل.

وقد خلق الدعم الذي حظي به يوم عدم التمييز، حركة عالمية للتضامن لإنهاء التمييز الذي لا يزال واسع الانتشار.. ويتعرض الملايين من النساء والفتيات في كل منطقة من مناطق العالم للعنف والاعتداء، ولا يستطيعن ممارسة حقوقهن أو الحصول على خدمات الرعاية الصحية أو التعليم أو العمل. فالتمييز في العمل والمدرسة والرعاية الصحية وغيرها من البيئات يقلل من قدرة الناس على المشاركة الكاملة والمفيدة في المجتمعات وتوفير الرعاية لهم ولأسرهم.

وعلى الصعيد العالمي، يفرض نحو 38 بلدا وإقليما ومنطقة شكلا من أشكال تقييد دخول الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية وإقامتهم.. علاوة على ذلك، لا تزال البيئات القانونية والاجتماعية تفشل في معالجة وصمة العار والتمييز ضد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والأشخاص الأكثر تعرضا للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.

وقد أظهرت دراسة مشتركة أجرتها منظمة العمل الدولية والشبكة العالمية للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية لعام 2018، تحت عنوان “وصمة العار والتمييز ضد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية في عالم العمل”، أنه وعلى الرغم من التقدم المحرز في العلاج الذي يمكن المصابين بالفيروس من العمل، فإنهم لا يزالون يواجهون التمييز عندما يبحثون عن عمل وعندما يحاولون الحفاظ على وظائفهم والتقدم في حياتهم المهنية.. وقد استند التقرير إلى دراسات استقصائية أجراها 13 فريقا قطريا في جميع أنحاء العالم، مع أكثر من 100 ألف شخص متعايش مع فيروس نقص المناعة البشري “الإيدز”.

وقدم التقرير موجزا بشأن أحدث البيانات حول الفيروس والتمييز في مكان العمل، مشيرا إلى أن هناك نسبة كبيرة من المصابين به عاطلون عن العمل، تتراوح بين 7% من الذين شملهم المسح في أوغندا، و61% في هندوراس. فيما سجلت 10 من أصل 13 بلدا معدلات بطالة بين المصابين بنسبة 30% أو أعلى.

ولفت التقرير إلى أن العديد من المتعايشين مع الفيروس لا يزالون يفقدون وظائفهم جزئيا أو كليا. وتراوحت نسبة الأشخاص الذين كانوا يعملون ولكنهم فقدوا وظائفهم أو مصادر دخلهم نتيجة للتمييز من جانب أرباب العمل أو الزملاء من 13% في فيجي إلى 100 % من الذين شملهم الاستطلاع في تيمور الشرقية.

أما عن نسبة البطالة في أوساط الشباب المتعايشين مع الفيروس، فكانت أعلى بكثير، حيث تراوحت بين 11% في كوريا الجنوبية، و61% في اليونان. وفيما يتعلق بالنساء المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشرية، فقد ذكر التقرير أن نسبة حصولهن على الوظائف أقل من نسبة نظرائهن الرجال بسبب مسؤوليات الرعاية غير مدفوعة الأجر.

كما أورد التقرير شهادات مجهولة المصدر من مصابين بالإيدز واجهوا تمييزا في العمل، كهذه الشهادة من أوكرانيا.. حيث قال المصاب: “عندما وصلت معلومات عن وضعي إلى مديري في العمل، دعاني إلى الاجتماع معه في مكتبه وأخبرني بأن أدائي سيء وأن عملي قليل. ثم طلب من يتقديم استقالتي دون أي تفسير جدي”.

ودعا التقرير الحكومات والوكالات الدولية إلى زيادة الجهود للالتزام بتوصيات منظمة العمل الدولية المتعلقة بالدعوة إلى توفير عمل لائق ومنتج للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية. وقد أشارت “شونا أولني” رئيسة قسم النوع والمساواة بين الجنسين والتنوع بمنظمة العمل الدولية، إلي أن المتعايشين مع الفيروس لهم كامل الحق في العمل ولا يجوز لأحد حرمانهم من ذلك.

وفي الوقت نفسه، كشفت دراسة أجرتها “الشبكة العالمية للمصابين بفيروس (إتش آي في) في 9 بلدان، ذكر العديد ممن شاركوا في تلك الدراسة من حاملي هذا الفيروس، أنه رفض توظيفهم بسبب إصابتهم بالفيروس.. ويقول الخبراء “إن ذلك التمييز في المعاملة هو أحد الحواجز التي تحول دون تقليل مستوى الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية”.

ويتجنب بعض أرباب العمل توظيف حاملي فيروس نقص المناعة المكتسبة، لأنهم يخشون أن تكون نفقات التأمين مكلفة للغاية، وأن هؤلاء العاملين غالبًا ما سيتغيبون عن العمل لأسباب صحية، وأنهم قد يتسببون في شعور بعدم ارتياح لدى بقية الموظفين.

وفي استطلاع للرأي في الولايات المتحدة أجرته مؤسسة (كايزر فاميلي فاونديشن) وصحيفة واشنطن بوست، ذكر “أن خمس الأمريكيين سيشعرون بعدم ارتياح، إذا ما عملوا مع شخص حامل لفيروس نقص المناعة المكتسبة، أو شخص مصاب بمرض الإيدز”.

وأوضح الاستطلاع أن 26 % من الأمريكيين يشعرون بعدم ارتياح إذا كان مدرس أحد أبنائهم حاملا للفيروس، وعبر 44 % عن نفس الشعور إذا كان طعامهم سيعده شخص حامل للفيروس.. كما توصلت الدراسة إلى أن 27 % من الناس لم يعلموا أن الفيروس لا ينتقل باستعمال كأس الماء نفسه، بينما لم يعلم 17 % إنه لا يمكن انتقال العدوى إليهم بمجرد لمس مقاعد المرافق الصحية التي يستخدمها المصابون بالفيروس.

ويسود التمييز في المعاملة بشكل خاص في شركات الرعاية الصحية، وشركات إعداد الأطعمة.. فعلى سبيل المثال، وافقت شركة للرعاية الصحية في تكساس، خلال الشهر الماضي، على تسوية مالية قدرها 70 ألف دولار أمريكي، بعد إقامة دعوى ضدها لطردها مساعد ممرض، يحمل فيروس نقص المناعة المكتسبة.

 وفي اليونان، أقيمت دعوى ضد شركة لتصنيع المجوهرات بعد فصلها أحد العاملين بسبب حمله لفيروس نقص المناعة المكتسبة. وقد أخطأ ذلك الرجل بإخبار أحد زملائه العاملين معه بحالته تلك، مما جعلهم يطلبون على الفور فصله من الوظيفة، واستقدمت الشركة طبيبًا مختصًا بالصحة المهنية ليحاول تهدئة روع العاملين من خلال توعيتهم بطرق انتقال فيروس نقص المناعة المكتسبة في أماكن العمل، ولكن ذلك لم يهدئ من مخاوفهم.

 وفي نهاية المطاف، استسلم المديرون بالشركة لضغوط العاملين المتزايدة وفصلوا الموظف من الشركة.. وأقام الموظف دعوى قضائية ضد الشركة، انتهت بكسب القضية عندما قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن فصله من الوظيفة جاء مخالفًا لمادتين من مواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وهما: حق احترام الحياة الخاصة والعائلية، وحظر التمييز في المعاملة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى