المركز القومي للمسرح يكتب تاريخ الفن المصري

كتبت: الدكتورة مروة الشناوي

مدرس الأدب الانجليزى بالجامعة الأمريكية للدراسات المتخصصة عن بعدأيام قليلة ويتم اعادة افتتاح المركز القومي للمسرح و الموسيقى و الفنون الشعبية برئاسة الفنان القدير ياسر صادق. المركز يعد من أهم المنابر التنويرية في مجال الثقافة المصرية الأصيلة فهو جهة توثيقية لجميع الاعمال التراثية الخالدة و الوجهة الأولى لجميع الدارسين و المهتميين بالفن المصري. و لا يقتصر الأمر على المهتمين بالفن المصرى فقط و لكن المركز أيضا قبلة هامة لدارسي الفنون االأوربية من منظور مقارن حيث يحتوى المركز على مكتبة ثرية بها العديد من الكتب القيمة. هذا بالاضافة الى مايقدمه المركز من ندوات لمناقشة الأعمال المسرحية و القرأات النقدية و الحفلات الموسيقية و التكريمات التى تحتفى برموز الفن المصري.

للمركزتاريخ طويل داعم للثقافة المصرية منذ انشاؤه في فترة الثمنينات حيث تعاقبت عليه العديد من القيادات و الأسماء الفنية البارزة التى ساهمت في تطويره. ولكن و بكل تأكيد يشهد المركز هذه الفترة انطلاقة جديدة تحت قيادة الفنان القدير ياسر صادق التى تعد فترة تولية بارزة مضيئة في تاريخ المركز تتلائم و رؤية الحكومة المصرية الحالية، و التى تهدف الى تدشين الجمهورية الجديدة المتمثلة في تطوير الرؤية و الرسالة على مستوى جميع القطاعات و اهمها على الاطلاق القطاع الثقافي الذى يعد القوة الناعمة للمجتمع المصري.

على المستوى الانشائي شهد المركز طفرة غير مسبوقة من حيث الاهتمام بالبنية التحتية و الاعمال الانشائية و التطوير الشامل لمدخل و أروقة المركز خاصة و أن المركز يقع في أحد الفلل العريقة في حي الزمالك و التى كانت تملكها الأميرة رقية حليم حفيدة محمد على. لذلك كان الهدف الأول من عملية التطوير الانشائي هو الحفاظ على الروح العريقة للمكان و الحفاظ على هويته التاريخية كما أرتئى رئيس المركز بعين الفنان الذى يدرك بحق قيمة التراث. لكن ابرزما يميز التطويرات الانشائية هو أسوار المركز الخارجية و ساحة استقباله التى عجت بصور ة و تماثيل أعلام الفن المصري التى اهتم المركز باضاءتها لتمثل تحفة فنية في قلب جزيرة الزمالك .

على المستوى الفنى أهتم الفنان ياسر صادق بتطوير المتحف ليكون ذاكرة مصر الثقافية. ورغم انشاء المتحف منذ عام 2013 الا أن الفنان ياسر صادق برفقة فريق العمل من موظفي و موظفات المركز الدؤؤبين على رأسهم الأستاذ فارس عبد المنعم المدير الادارى للمركز نجحوا في تحويل المتحف من مجرد صالة عرض باهتة الى مكان حي يشهد على تاريخ الفن المصري. المتحف في تطوراته الحالية يعد مزارا سياحيا هاما لا يمكن اغفاله حيث تم اعادة عرض المقتنيات بشكل يتناسب مع توجهات العرض الحديث في جميع المتاحف السياحية و الاهتمام بتسليط الضؤ على المقتنيات كل على حدة للحفاظ على قيمة و خصوصية المعروضات التى تحكى عن كثب تاريخ مصر الثقافي.

يتكون المتحف من قاعة بالدور الارضى . تضم هذه القاعة صالة وغرفتان ملحقتان بهم بوسترات لرواد المسرح أمثال نجيب الريحانى ،على الكسار ،وتوفيق الحكيم،..وغيرهم..كما يضم نصوص مسرحية تراثية،كتب للموسيقى، بروجرامات،ملابس مسرحية كرسى الاعتراف للفنان يوسف وهبى . كما يضم المتحف العديد من الماكيتات منها: ماكيت دار الاوبرا المصرية،المسرح القومى قبل التجديد، ماكيت مسرح سيد درويش. غرفة المقتنيات تضم أيضا فاترينة خاصة بالفنان سيد درويش بها(عود- طربوش- صورة من عقد زواجه من جليلة- جزء من عصا الفنان والمصنوعة من الابنوس وكذا صورة بروتوبه). كما تضم القاعة صور لأهم الشخصيات المسرحية التراثية بالاضافة الى صورة أول دفعة من خريجى التمثيل عام1930.

شهد المركز أيضا طفرة في النشاطات و الأعمال التوثقية لاستعادة مكانته و تأثيره في نشر الثقافة المسرحية حيث حرص رئيس المركز على استئناف مشروع النشر المتخصص بطباعة عدد من الاصدارات خلا العام هذا بالاضافة الاى عدد من الأفلام التسجيلية المترجمة للعديد من اعلام الفن المصري. كما أولى المركز اهتمام خاص بتوثيق فعاليات مهرجنات المسرح المختلفة في دوراتها الأخيرة. كما ان المركز كان حريصا على التكريمات الفنية و الاحتفاء بكبار النجوم.

أما على المستوى المهنى فقد كان للفنان ياسر صادق بصمة بارزة في تطوير الحياة المهنية في المركز حيث قام بتوفير العديد من الدورات للموظفين لتنشئة كادر متخصص في التوثيق يالأساليب الحديثة يتناسب مع التطورات التكنلوجية المتلاحقة على يد أساتذة متخصصين.

ان عملية تطوير المركز القومي للمسرح جاءت بالفعل متكاملة و تنم عن رؤية شاملة تراعى الجوانب الفنية و الانشائية و المهنية وتؤكد أيضا على رغبة صادقة في احياء هذا المنبر الثقافي و افتتاحه للجمهور في شكل مشرف يليق باسم وزارة الثقافة المصرية. الأهم من ذلك أن عمليات التطوير لم تغفل النواحي الجمالية فمن اشد ما لفت نظري هو الاهتمام بأحد الأشجار العريقة بمدخل المركز و احاطتها بالأنوار لابراز جمالها و عظمة الخالق في صنعها. ولكن و بكل تأكيد فان اهم ما يميز عملية تطوير المركز أنها جاءت على يد فنان قدير مثل الفنان ياسر صادق الذى يقدر الجمال و قيمة و عظمة و أهمية التراث حيث أراد أن يختتم مسيرته الادارية باهداء مثل هذا الصرح في ثوبه الجديد لجميع عشاق الفن المصرى في مصر و الوطن العربي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى