الدكتور عادل اليماني يكتُب : ورقةُ التوت

سُئِلَ الإمامُ الشافعيُ ، عن الدليلِ علي وجودِ الله ؟

فأجابَ : ورقةُ التوت !!

قالوا : كيفَ ذلكَ ؟ قالَ : ورقةُ التوت ، طعمُها واحد ، لكن إذا أكلَها دودُ القز ، أخرجَ حريراً

وإذا أكلَها النحلُ ، أخرجَ عسلاً

وإذا أكَلها الظبيُ ، أخرجَ مِسكاً .

فمَنْ الذي وحدَ الأصلَ ، وعددَ المخارج ؟!

لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ .

كيف نُدركُ مَنْ خلق ؟ وقد عجزنا عن إدراكِ ما خلق ! بل عجزنا عن إدراكِ تفسيراتٍ كثيرةً ، تقعُ أمامَنا كلَ يومٍ ، اللهُ وحدَه يعلمُ حكمتَها ، والناسُ جميعاً لا يعلمون !

في وقتٍ يقولُ فيه بعضُهم :

 نحنُ لا نؤمنُ بوجودِ إله ، تقولُ الفطرةُ السَوية : ربُنا اللهُ الإله ، واحدٌ جلَ عُلاه .

يقفُ أمامَك المُلحدُ مُختالاً ، بجسدٍ وهيئةٍ وتكوين ، كلُها إبداعاتُ خالقٍ مقتدر ، ليسألَك بذكاءٍ خارق ! أينَ الدليلُ علي وجودِ الخالق ؟! فلا تدري ، في هذا المقامِ ، أيَ الجوابين أنسبُ ؟ وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ، أم : قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ !

لقد أكدتِ الأبحاثُ العلمية ، والتجاربُ المعمليةُ ، أن المُلحدَ عندما يُذكرُ أمامَه ، اسمُ اللهِ ، يتوهجُ في دماغِه مركزُ الخوف .

إذن هو يؤمنُ في قرارةِ نفسِه بوجودِ الله ، لكنه ظاهرياً ، يجحدُ ذلك : وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُم .

سُئِلَ أعرابيٌ : بم عَرَفت ربك؟ فقال : الأثرُ يدلُ على المسير ، والبَعْرَة تدلُ على البعير ، فسماءٌ ذاتُ أبراج ، وأرضٌ ذاتُ فجاج ، وبحارٌ ذاتُ أمواج ، ألا يدلُ ذلك كلُه على السميع البصير ؟!

وسألوا الإمامَ أبا حنيفة : مَنْ كانَ قبلَ الله ؟! قالَ : ماذا قبلَ الأربعة ؟ قالوا : الثلاثة ، قالَ : وماذا قبلَ الثلاثة ؟ قالوا : الاثنان ، قالَ : وماذا قبلَ الاثنين ؟ قالوا : الواحد ، قالَ : وماذا قبلَ الواحد ؟ قالوا : لاشئ .

قال : إذا كان الواحدُ الحسابي ، لا شئَ قبلَه ، فكيفَ بالواحدِ الحقيقي .

قالوا : في أي جهةٍ يتجهُ ربُك ؟

فقالَ لو أحضرتم مصباحاً في مكانٍ مظلم ، في أي جهةٍ يتحركُ نورُه ؟ قالوا : في كل مكان ، فقالَ : إذا كان هذ النورَ الصناعي ، فكيف بنورِ السماءِ والأرض .

ثم قالوا : قُلْ لنا شيئاً عن ذاتِ ربك ، أهي صُلبةٌ كالحديد ، أم سائلةٌ كالماء ، أم غازيةٌ كالدخان .

قال : هل جلستم مع مريضٍ في النزعِ الأخير ؟ قالوا : نعم .

هل أصبحَ يُحدثُكم بعدَ موتِه ؟ قالوا : لا .

هل كانَ يُحدثُكم قبلَ موتِه ؟ قالوا : نعم .

إذن ما الذي تغير ؟

قالوا : خرجت روحُه .

قالَ : وأنتم جالسون معه .

قالوا : نعم ..

قالَ : صفوا لي هذهِ الروحَ ، أهي صُلبةٌ كالحديد ، أم سائلةٌ كالماء ، أم غازيةٌ كالدخان ؟

قالوا : كيفَ لنا أن نراها ؟

قالَ : وكيفَ لكم أن تصفوا ذاتَ ربِكم ، وقد عجزتم عن وصفِ الروح ، وهي مخلوقٌ من مخلوقاته .

تحدي أحدُ المُلحدين ، علماءَ المسلمين ،فاختاروا أذكاهم ، ليردَ عليه ، وحددوا لذلك موعداً .

وفي الموعدِ المحددِ ، ترقبَ الجميعُ ، وصولَ العالِمِ ، لكنه تأخر !

فقالَ المُلحدُ : لقد هربَ عالمُكم ، وخافَ ؛ لأنه عَلِمَ أنني سأنتصرُ عليه ! وإذا بالعالم يصلُ ، ويبدأُ مُعتذراً : وأنا في الطريقِ إليكم ، لم أجدْ قارباً ، أعبرُ به النهر ، وانتظرتُ علي الشاطئ ، وفجأةً ، ظهرت ألواحٌ من الخشب ، وتجمعتْ مع بعضِها ، بسرعةٍ ونظام ، حتي أصبحت قارباً ، ثم اقتربَ القاربُ مني ، فركِبتُه وجئتُ إليكم .

قالَ المُلحدُ متعجباً : إن عالمَكم يهذي ، إذ كيفَ يحدثُ ما يقولُ ، دونَ أن يصنعَه أحدٌ ؟ دونَ أن يُحركَه أحدٌ ؟

تبسمَ العالِمُ ، وقال : وماذا تقولُ عن نفسِك ، وأنت تزعمُ أن هذا الكونَ العظيمَ الكبيرَ ، بلا إله !

اللهم ثبتْ قلوبَنا علي الإيمانِ بك ..

اللهم آمين ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى