“الإنترنت”.. صوت المعارضة لنشر عنف قوات الأمن لفض التظاهرات بالسودان

كتبت سعاد محمد 

على الرغم من حملة قمع متواصلة في السودان، وجد معارضو الرئيس عمر البشير فرصة لإسماع صوتهم عبر الإنترنت، مستخدمين مواقع التواصل الاجتماعي لنشر دعوات الى التظاهر في أنحاء مختلفة من البلاد وصور حول استخدام العنف من جانب قوات الأمن لكبح هذه التظاهرات.

ويشهد السودان احتجاجات بدأت سلمية في عدد من مدنه في 19 ديسمبر بعد قرار الحكومة رفع سعر الخبز ثلاث مرات في بلد يعاني من ركود اقتصادي.

إلا أن هذه التظاهرات السلمية تحولت إلى مواجهات مميتة بين المتظاهرين وقوات الأمن أدت إلى مطالبات بإسقاط الرئيس الذي يحكم البلاد منذ ثلاثة عقود.

ويقول ناشط يبلغ من العمر 24 عاما لوكالة فرانس برس عبر تطبيق “واتساب”، إن “مواقع التواصل الاجتماعي مهمة للغاية من أجل الحراك”.

وخلال الأسابيع الأربعة الماضية، قام الناشطون بتوثيق المواجهات وإغراق مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو مصور يقولون فيه إنهم “يفضحون” حكومة البشير.

وشهدت المدن الرئيسية في البلد العربي الواقع في شمال افريقيا احتجاجات شملت العاصمة ومدينتها الشقيقة أم درمان، ما يشكّل، بالنسبة الى محللين، أكبر تحدّ للبشير منذ بدء حكمه.

ويقول المتظاهر البالغ من العمر 24 عامًا والذي لا يريد الكشف عن اسمه حرصا على أمنه، إنه يعرف بأمر التظاهرات عبر الإنترنت. ويؤكد أن الغضب من مقاطع الفيديو “الرهيبة” للمواجهات مع قوات الأمن يدفع الكثير من الناس إلى الخروج إلى الشوارع.

ويظهر أحد المقاطع عربة تقدّم على أنها تابعة للأمن السوداني تقوم بمطاردة المتظاهرين من أجل دهسهم، بينما تسمع أصوات طلقات نارية في الخلفية.

ويظهر مقطع آخر أشخاصا يندفعون في محاولة لإزالة جثة أحد المتظاهرين المغطاة بالدماء بعد أن أطلقت عليه النيران.

وتمت مشاهدة المقطعين مئات المرات.

وتقول السلطات إن 24 شخصا على الاقل قُتلوا في الاشتباكات، بينما تقول منظمتا حقوق الإنسان “العفو الدولية” و”هيومان رايتس ووتش” إن عدد القتلى بلغ 40 شخصا، وتمّ اعتقال أكثر من ألف شخص.

ويظهر شريط فيديو تم تداوله بشكل واسع أيضا على الإنترنت حشودا غاضبة تنادي إمام مسجد ليقود الاحتجاجات ضد البشير خلال صلاة الجمعة.

ولم يتسن لفرانس برس التحقق بشكل مستقل من صحة ما نُشر من مقاطع الفيديو.

وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي صورًا عديدة لما بدا ضربا يقوم به أفراد الأمن ضد المتظاهرين بالهراوات.

ويقول ناشط آخر يقيم في الخرطوم “نحن شعب لا يرضى الظلم وما يتعرض له المتظاهرون من غاز مسيّل للدموع أو رصاص حي هو ظلم واضح”. ورفض ذكر اسمه خوفا من التعرض لإجراء انتقامي.

ويضيف “أي تظاهرة يحدث فيها انتهاك (من جانب الأمن) تتبعها عادة احتجاجات أكبر”.

ويقود التظاهرات “اتحاد المهنيين” الذي يضم أطباء ومهندسين ومعلمين وأساتذة جامعات ويعلن بانتظام عبر الإنترنت عن المسيرات مستخدما وسم مدن لسودان تنتفض وتسقط بس.

وتقول المؤرخة البريطانية ويلو بيريدج الخبيرة في شؤون السودان والمحاضرة بجامعة نيوكاسل الانكليزية إنه بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، “تمّ التنبّه الى الانتفاضات في المدن الإقليمية بسرعة أكبر بكثير”.

وتتابع أن هذا “كان له تأثير على ما يحدث في الخرطوم بسرعة أكبر بسبب الطبيعة المتغيرة للتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي”.

وبينما لا يبدو أن الاحتجاجات في طور الانحسار، يقول ناشطون ومحللون إن الحكومة السودانية تسعى إلى الحد من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

وأبلغ مستخدمو الإنترنت عن صعوبات تواجههم في الاتصال بمواقع مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”واتساب” منذ الأيام الأولى للاحتجاجات. وهي ممارسة عادية بين الحكومات المتسلطة.

ففي يناير 2011، أقدمت الحكومة المصرية على قطع الاتصالات والإنترنت عن المتظاهرين في احتجاجات أسقطت في وقت لاحق الرئيس حسني مبارك.

وتدفع المخاوف من قطع الإنترنت الناشطين السودانيين الى البحث عن بدائل، بينها استخدام خدمات الشبكة الافتراضية الخاصة (في بي ان) لتجاوز القيود.

ويقول المحلل السوداني مجدي الجازولي من معهد “ريفت فالي”، “إن منع الاتصال بمواقع الإنترنت أثبت أنه مهزلة”.

ويضيف “على الفور تقريبا، كان معظم مستخدمي الإنترنت السودانيين عبر الإنترنت من خلال في بي أن.”

ويرى النشطاء أن تحرك الحكومة السودانية غير فعال. ويقول ناشط بالغ من العمر 25 عاما، إن ردّ فعل الحكومة “أعطى الناس إشارة بأنها خائفة”.

ويتابع “لقد عزز روح الثورة في الناس، وأظهر أننا نسير على الطريق الصحيح”.

فيما يعتقد الناشط الأول أن القيود المفروضة على وسائل الإعلام عبر الإنترنت “غير مجدية”، ولا تؤثر على التظاهرات.

وصنف السودان في المرتبة 174 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة العالمية من 2015 إلى 2018.

في عام 2018 ، أقر السودان القانون الخاص بجرائم الإنترنت وتعديلات على قانون الإعلام ترى مجموعات حقوق الإنسان أنه يهدف إلى تشديد القيود على الإنترنت.

ووفقاً لتقرير صدر نوفمبر عن مؤسسة “فريدوم هاوس” التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها ، فإن شخصًا واحدًا على الأقل قد سُجِن بسبب “تعليق ناقد على مواقع التواصل الاجتماعي” في السودان، واعتقلت السلطات “العديد من الصحافيين والنشطاء بسبب جرائم الإنترنت المزعومة”.

لكن جيزولي يرى إن محاولات الحكومة لسحق المعارضة على الإنترنت كانت “بلا جدوى”.

ويضيف أن “هذه الإجراءات عززت من الغضب الشعبي تجاه قيام الحكومة بفرض قيود أمنية على الإنترنت”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى