إرث السرطان.. “القاتل الصامت” اختطف الزوج ودمر الزوجة والأبناء

كتبت – حنان صلاح

“الحياة تأتي ومعها الكثير من التحديات”.. هكذا عبرت الفنانة  العالمية “أنجلينا جولي” عن أصابتها بمرض السرطان، حقاً فإن هذا الصامت القاتل من أصعب التحديات التي تأتي بها الحياة  فمجرد أن تسمع أسمه فقط يقشعر بدنك، و تشعر وقتها أن الدنيا أخذتك لمنفي يأوي بك بعيدًا، تجد نفسك عنوة في معركة شرسة مع ذاتك..  إما أن تحارب وتصمد وإما أن تستلم وتنتظر صعود روحك الي جوار ربها وذلك في حد ذاته أصعب ما يكون من الموت نفسه.

السرطان أشبه ما يكون باللص الذي يتسلل إليك خيفة وغدر متنكرًا في ثياب أبسط الأمراض، ليضرب ضربة موجعة غدرًا.. لا يرحم فيها صغيرًا و لا كبيراً، حتي الجنين في بطن أمه ، يشير إليه الاطباء بالقاتل الصامت الذي ينتشر ويتكاثر بكل هدوء دون ظهور أي أعراض تكون بمثابة جرس إنذار لصاحبه، فقط  الآم مجهولة وخوف واحد من مصير مشابه يتوقعه كل مصاب بذلك المرض اللعين .

ملامح بريئة لا تملك سوي ابتسامة صافية ونظرات حائرة لا تستطيع تفسيرها، تسأل نفسك بعدها، هل يكمن  وراءها قوة أم انها ضعفا وقلة حيلة؟ .. بداخل منزل صغير تجلس “ام محمد”  تلك السيدة التي لم يتجاوز عمرها الأربعون عاما.. تحتضن أبنائها  الثلاثة بكل حسرة وألم، لا تريد من الحياة  إلا أن تعيش فقط لتطمئن علي أطفالها،  تروي بصوت ممزوج  بالحزن والآسي قصتها مع مرض السرطان الذي اخترق جدران منزلها وأصاب معظم أبنائها .

البداية كانت  بإصابة زوجي بمرض السرطان، ولكن للأسف اكتشفنا المرض  في مراحلة الأخيرة، وفي الوقت الذي كان يلتقط فيه زوجي أنفاسه الاخيرة اكتشفت أيضا إصابة ابني “مروان” ببؤر سرطانية في الرئة نتيجة جينات وراثية من والده.

واستكملت: ‘توفي زوجي بعد أن قمنا ببيع كل ما نملك من أجل العلاج عليه، وأثناء مرافقتي لأبني للعلاج بمستشفى 57357 ، بدأت “سلسبيل” أبنتي تعاني من بعض التشنجات وظهور بقع داكنة في أجزاء من رأسها أدت لسقوط  شعرها مرة واحدة بهذه الاجزاء”.

وتابعت: “في البداية اعتقدت أنه مرض جلدي ولم يخطر لي علي بال أن “سلسبيل” أيضا مصابة بجينات سرطانية، وأن المرض في مرحلته الرابعة، وسيطر علي خلايا السمع والبصر، رفضت بعض المستشفيات استقبالها لوصولها لمرحلة متأخرة وبعد معاناه بدأت تتلقي العلاج الاشعاعي بالقصر العيني”.

سألناها كيف كانت رحلتها مع علاج أبنائها.. فقالت: “أثناء ترددي بين مستشفيات الأورام  ب “مروان وسلسبيل”  التي أصبحت مسكني  فوجئت أن أبني الأخر “محمد ” يعاني بشكل مستمر بفقدان الوعي والهزل اعتقدت أنها قلة تغذية وقلة اهتمام مني بسبب انشغالي بأخواته “مروان وسلسبيل”، اتجهت به الي المستشفى واكتشفت  أنه مصاب بفشل كلوي، شعرت بقلة الحيلة وبحمل تعدي طاقتي.. لم أسمع وقتها سوي تردد صوت داخل جدران المستشفى من طبيب يصرخ في وجهي قائلا اتركيهم لدار الايتام تراعهم ، كلمات خرجت منه كطلقات رصاص اخترقت قلبي”.

كيف تجرأ هذا الطبيب على التخلي عن رسالته  وتوبيخي؟.. هكذا سألت “أم محمد” نفسها وهي تروي حكايتها  داخل دهاليز المستشفي قائله.. “لم يكن يقدر هذا الطبيب حجم المعاناة التي كنت أعيش بها ، لم يكن يعرف أنني أوشكت أن أنسي بيتي بسبب إقامتي فترة طويلة بالمستشفيات.. لم يعلم أنني منذ 5 سنوات أقاتل بمفردي مرض لعين سرق زوجي وأراد أن يأخذ ورثي منه في هذه الحياة”.

بصوت نحيب يعبر عن إنسان محطم يغتاله اليأس ، قالت “أم محمد”: كأن رحلتي في الحياة أوشكت علي الانتهاء ، كثرة الضغوط أثرت علي صحتي، وأصبحت مريضة قلب وسكر، ليس فحسب ولكن بدأت أشعر بألم بمنطقة الحوض و انتفاخ بالبطن يزداد مع مرور الوقت مع صعوبة في التبول الي أن وصلت لحالة استسقاء شعرت عقبها بالخوف اتجهت الي المستشفى وبعد إجراء التحاليل والاشاعات تبين أن هناك أورام علي الرحم  شعرت بالعجز وأصبحت أقاتل في جبهتين السرطان والخوف.

“كان لا يشغل عقلي سوي أطفالي ورعايتهم من يكون معهم في حالة انتكاستهم ، من يتولى أمرهم ، ليس لنا إلا الله واصبحت أتودد الي الله أن يبقيني علي قيد الحياه ل 5 سنوات فقط يكونوا فيها وصلوا لبر الامان وانتصروا علي هذا المرض اللعين الذي اقسم ألا يتركنا  وشأننا”.

مطالبها كانت بسيطة بعد أن اختتمت قصتها قائلة لا أستطيع دفع إيجار بيتي، ليس معي ما يكفل مصاريف علاجي أنا وأطفالي، لكن حاجتي الكبيرة هي الدعاء لي ولأطفالي بالشفاء وأن ينصرنا الله علي المرض، فالفقر الحقيقي في الحرمان من الصحة وليس المال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى