وفاة الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات

كتبت: نورا مروان

أعلنت الرئاسة الإماراتية صباح اليوم وفاة الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات.

الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان (7 سبتمبر 1948- 13 مايو 2022) الرئيس الثاني لدولة الإمارات العربية المتحدة والحاكم السادس عشر لإمارة أبوظبي كبرى الإمارات السبع المكونة للاتحاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، تولى رئاسة الدولة في 3 نوفمبر 2004 خلفًا لوالده الشيخ زايد بن سلطان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة.
ولد الشيخ خليفة بقلعة (قصر) المويجعي في مدينة العين وكان أكبر الأبناء الذكور للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات. عاش الشيخ خليفة مع عائلته في مدينة العين وتلقى تعليمه المدرسي فيها في المدرسة النهيانية التي أنشأها والده، قضى معظم طفولته في واحات العين والبريمي بصحبة والده الذي كان يحكم منطقة العين في ذلك الوقت.

واكب الشيخ خليفة تاريخ الإمارات في جميع مراحله، فقد حرص والده الشيخ زايد على اصطحابه في معظم نشاطاته وزياراته اليومية، وظل ملازماً لوالده في مهمته لتحسين حياة القبائل في المنطقة وإقامة سلطة الدولة، مما كان له الأثر الكبير في تعليمه القيم الأساسية لتحمل المسؤولية والثقة والعدالة.

كان أول منصب رسمي يشغله عندما كان ولي عهد إمارة أبوظبي هو ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها، وكان لهذا المنصب أهمية كبيرة في حياته، وخلال وجوده بمدينة العين أُتيحت له فرصة واسعة للاحتكاك اليومي بالمواطنين، والاطّلاع على أحوالهم، والتعرف على تطلعاتهم وآمالهم.

في 2 نوفمبر عام 2004؛ توفي والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أول حاكم لدولة الإمارات العربية المتحدة بعد قيام الاتحاد عام 1971، وبصفته وليا لعهد إمارة أبوظبي فقد أصبح الشيخ خليفة حاكم الإمارة مباشرة بعد وفاة والده، وفي 3 نوفمبر 2004 انتخبه المجلس الأعلى للاتحاد برئاسة الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة.[4]

ومنذ توليه حكم الإمارة ورئاسة الدولة أشرف وتابع مشاريع التطوير والتحديث التي شهدتها الإمارة كافة، وتولّى الإشراف على ما عُرف بمفاوضات المشاركة النفطية التي أعادت صياغة السياسة النفطية ووضعت الأسس لعلاقة أكثر عدلاً وإنصافاً مع الشركات النفطية العاملة، ومتابعة لهذا الدور تولى رئاسة المجلس الأعلى للبترول، وهو المنصب الذي لايزال يشغله حتى اليوم، كما أسس وترأس جهاز أبوظبي للاستثمار الذي يشرف على إدارة الاستثمارات المالية للإمارة ضمن رؤية إستراتيجية لتنمية الموارد المالية وللمحافظة على مصادر دخل مستقرة للأجيال المقبلة.

أسس الشيخ خليفة (دائرة الخدمات الاجتماعية والمباني التجارية) التي عُرفت بين الناس (بلجنة الشيخ خليفة) حيث قامت بتقديم تمويلات سخية للمواطنين بدون أي فوائد، لإنشاء مبانٍ تجارية تدرّ عليهم عوائد مالية دورية، مما أسهم في زيادة دخول المواطنين ورفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي، كما ساعد في ازدهار النهضة العمرانية في البلاد.

أعطى الشيخ خليفة اهتماماً كبيراً لمشاريع تطوير وتحديث البنية التحتية ومرافق الخدمات المختلفة، وعمل على بناء جهاز إداري حديث، ومنظومة تشريعية متكاملة، باعتبار ذلك أساسا لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أطلق مبادرة لتطوير تجربة السلطة التشريعية لتعديل أسلوب اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بحيث يتم الجمع بين الانتخاب والتعيين كخطوة أولى، تتيح في نهاية المطاف اختيار أعضاء المجلس عبر انتخابات مباشرة.

يعرف عن الشيخ خليفة الدقة في المواعيد، والتزام برنامج عمل يومي صارم يوزعه بين المهام الرسمية العديدة التي يتولاّها وبين اللقاءات مع المواطنين، كما يعرف عنه بأنه مستمع جيد، يمتاز بالدماثة والتواضع في تعامله مع الآخرين مما أكسبه محبة المواطنين واحترامهم، وهو هادئ الطباع وقارئ للتاريخ محب للشعر والأدب.[5]

يحرص الشيخ خليفة على أن تكون دولة الإمارات عنواناً عريضاً في مد يد العون والمساعدة والمساندة إلى كل محتاج من دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الدّين أو الجنس، فأسس (مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية) والتي ساهمت بشكل فعال في المشاريع الإنسانية المختلفة في أكثر من 40 بلداً حول العالم.[5]

في عام 1964؛ تزوج الشيخ خليفة من شمسة بنت سهيل بن حمد المزروعي وأنجبا ثمانية أولاد اثنان من الذكور هما: الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان والشيخ محمد بن خليفة آل نهيان وست من الإناث. يذكر أنه يمارس عدداً من الهوايات، فهو محب لصيد السمك وبارع في هواية الصيد بالصقور التي اكتسبها من والده، كما أسهم شخصياً في رعاية برامج ومشروعات للمحافظة على البيئة الطبيعية في مناطق الصيد، وعلى رأسها تحرير الصقور بإعادتها إلى بيئتها الطبيعة مع نهاية كل موسم صيد وبرامج إكثار طيور الحبارى. يهتم الشيخ خليفة بمتابعة مختلف الأنشطة الرياضية في الدولة لاسيما كرة القدم، حيث يحرص على رعاية وحضور الأنشطة الرياضية الرئيسية، فضلا عن تكريم الفرق الرياضية المحلية التي تحقّق إنجازات أو بطولات محلية أو اقليمية أو دولية.

اعتبرته صحيفة التايمز من القادة الخمسة والعشرين الأكثر تأثيراً في العالم، ويصنف كرابع أغنى ملك في العالم

ممثل المنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها
في أغسطس 1966 انتقل الشيخ زايد إلى مدينة أبوظبي ليصبح حاكم الإمارة، وعين نجله الشيخ خليفة (الذي كان عمره 18 عاماً آنذاك) ممثلاً له في المنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها. سار الشيخ خليفة على خطى والده، واستمر في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى في المنطقة الشرقية، وخاصة تلك التي تهدف إلى تحسين الزراعة. كان نجاحه الملحوظ في العين بداية حياة مهنية طويلة في خدمة الشعب، وبداية تولي دوره القيادي. خلال السنوات التالية، شغل الشيخ خليفة عدداً من المناصب الرئيسية وأصبح المسؤول التنفيذي الأول لحكومة والده وتولى مهام الإشراف على تنفيذ جميع المشاريع الكبرى.[10]

ولياً للعهد
في 1 فبراير 1969 تم ترشيح الشيخ خليفة لمنصب ولي عهد إمارة أبوظبي، وفي اليوم التالي تولّى مهام دائرة الدفاع في الإمارة، أنشأ الشيخ خليفة دائرة الدفاع في أبوظبي والتي أصبحت فيما بعد النواة التي شكلت القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة.[10]

حاكماً لأبوظبي ووزيراً محلياً للدفاع والمالية
في 1 يوليو من عام 1971، عُيِّن الشيخ خليفة كحاكم لإمارة أبوظبي ووزيراً محلياً للدفاع والمالية في الإمارة كجزء من إعادة هيكلة حكومة الإمارة، وفي 2 ديسمبر 1971، أعلن عن قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، ورفع علم الاتحاد في إمارة أبوظبي مباشرة بعد الإعلان عن قيام الاتحاد، توجه الشيخ خليفة يومها إلى ساحة قصر المنهل وأمر برفع العلم الاتحادي على سارية القصر، وقام اثنان من جنود الحرس الأميري برفع العلم ورفع الشيخ خليفة يده بالتحية لعلم الاتحاد الذي رفرف في البلاد لأول مرة،[11] ليعلن بذلك الإمارات السبع دولةً مستقلة والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أول رئيس للبلاد.[10]

نائباً لرئيس الوزراء في مجلس الوزراء الثاني
في 23 ديسمبر 1973 تولى الشيخ خليفة منصب نائب رئيس الوزراء في مجلس الوزراء الثاني، وبعد ذلك بوقت قصير (في 20 يناير 1974) تولّى مهام رئاسة المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، والذي حل محل الحكومة المحلية في الإمارة، أشرف الشيخ خليفة على المجلس التنفيذي في تحقيق برامج التنمية الشاملة في إمارة أبوظبي، بما في ذلك بناء المساكن، ونظام إمدادات المياه والطرق، والبنية التحتية العامة التي أدت إلى إبراز حداثة مدينة أبوظبي.[10]

نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات
في مايو 1976، عُيّن الشيخ خليفة نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، في أعقاب القرار التاريخي للمجلس الأعلى للاتحاد بدمج القوات المسلحة تحت قيادة واحدة وعلم واحد، وانصرف جُلَّ اهتمامه إلى جعل المؤسسة العسكرية معهداً كبيراً متعدد الاختصاصات يتم فيه إعداد كوادر بشرية مدربة، فأنشأ عدة كليات وأمر بشراء أحدث المعدات والمنشآت العسكرية.[10] وفي نفس السنة أمر بتأسيس جهاز أبوظبي للاستثمار بهدف إدارة الاستثمارات المالية في الإمارة، لضمان توفير مصدر دخل ثابت للأجيال القادمة.[10]

قام الشيخ خليفة بإنشاء دائرة أبوظبي للخدمات الاجتماعية والمباني التجارية المعروفة باسم (لجنة خليفة) في عام 1981، ويقدم القسم قروض البناء للمواطنين، كان المنصب المهم الآخر الذي شغله هو رئاسة المجلس الأعلى للبترول في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وشكّلت عملية تطوير المنشآت البتروكيماوية والصناعية في الإمارات جزءاً من برنامج طويل الأمد، يستهدف تنويع اقتصاد البلاد باعتباره من أولوياته، وفي عام 1991 أسس الشيخ خليفة هيئة القروض لتوفير العقارات لمواطني الإمارة لأغراض السكن والاستثمار على حد سواء، وشغل حتى عام 2006 منصب رئيس مجلس إدارة صندوق أبوظبي للتنمية الذي يشرف على برنامج المساعدات الخارجية الإنمائية لدولة الإمارات.[10]

رئاسة الدولة
في 2 نوفمبر عام 2004؛ توفي والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عن عمر يناهز 86 عاماً بعد أن حكم دولة الإمارات لمدة 33 عامًا، فانتخبه المجلس الأعلى للاتحاد (وهو أعلى سلطة لصنع القرار في الدولة ويتكون من حكام الإمارات السبع) برئاسة الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم في 3 نوفمبر 2004 رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة بحسب المادة 51 من دستور دولة الإمارات التي تنص على: «ينتخب المجلس الأعلى للاتحاد من بين أعضائه رئيساً للاتحاد ونائباً لرئيس الاتحاد، ويمارس نائب رئيس الاتحاد جميع اختصاصات الرئيس عند غيابه لأي سبب من الأسباب».[12] وبصفته ولي عهد إمارة أبوظبي فقد أصبح الشيخ خليفة حاكمًا لإمارة أبو ظبي مباشرة بعد الإعلان عن وفاة والده، في حين تولى شقيقه الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان منصب ولي عهد إمارة أبوظبي.[4]

كما ينص دستور دولة الإمارات العربية المتحدة في المادة 52 على أن مدة الرئيس ونائبه خمس سنوات ميلادية، ويجوز إعادة انتخابهما لذات المنصب، لذا أُعيد انتخاب الشيخ خليفة لفترة رئاسة ثانية في نوفمبر من العام 2009،[13] وثالثة في عام 2014 وفترة رئاسة رابعة في عام 2019.
توفي يوم الجمعة 13 مايو 2022،[38] وأعلنت وزارة شؤون الرئاسة الأماراتية الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام لمدة 40 يوماً، وتعطيل العمل في الوزارات والدوائر والمؤسسات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص 3 أيام اعتباراً من يوم الجمعة 13 مايو.[

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى