أقيم عصر اليوم، الاثنين، “ماستر كلاس للممثل محمود حميدة” رئيس شرف المهرجان، ضمن فعاليات الدورة الثالثة عشرة من مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، وذلك بحضور السيناريست سيد فؤاد، مؤسس ورئيس المهرجان، والمخرجة عزة الحسيني مدير المهرجان، والفنان صبري فواز، وعدد كبير من ضيوف المهرجان وشباب وطلبة مدينة الأقصر الذين حرصوا على حضور المحاضرة.
في البداية قال محمود حميدة: “أنا تعلمت مناهج التمثيل وأنا في عمر 18 عاما، ومنها اكتشفت بعض الجوانب الشخصية لديّ مثل حركة الجسد والصوت، وكننت أشاهد الممثلين العالميين وأذاكر أدوارهم بشكل جيد وأقارن بين ما أقدمه وما شاهدته من هؤلاء النجوم”.
وتابع: “التمثيل في المسرح يختلف عن التمثيل في السينما، وأتذكر في بداياتي شاهدت عرضا مسرحيا لممثل كنت أراه للمرة الأولى وانبهرت حينها بأدائه، لكنني حينما شاهدته بعد ذلك اختلف أداؤه، لأن الممثل عندما يصعد على خشبة المسرح للمرة الأولى يكون لديه شغف ورهبة من الجمهور، لكنه مجرد ما يعتاد على الجمهور ويتخلص من الرهبة بداخله يتغير أداؤه إلى حد كبير. بينما العمل في السينما يختلف عن المسرح، لأن بعد التصوير تتم عملية المونتاج ويتم خلالها تقطيع المشهد إلى عدة لقطات تقدم تعبيرات مختلفة، بينما في المسرح لا يوجد مجال لاستخدام تعبيرات الوجه أو الجسد إلا مرة واحدة، ولذلك فإنه من المفترض أن يقوم الممثل برسم الشخصية ويركز في تفاصيل كل مشهد”.
واستطرد “حميدة”: “المسرح يحتاج من الممثل صدقا كاملا لفترة معينة من الزمن، وأتذكر في بداياتي، أنني كنت عندما أدخل المسرح أظل في غرفتي أذاكر دوري وأركز فيه فقط، ولم تكن علاقتي بالزملاء متوطدة، لكن الوضع في السينما مختلف، لابد أن تكون هناك علاقة ود بين الممثل والمخرج والمونتير والمصور لتظهر روح العمل في السينما بشكل متكامل”.
وأضاف: “الإخلاص في الفن والعمل الذي يقدمه المخرج هو طريقه في الحياة، والفنان عندما يقدم دورا ينحي تمامًا أي مطالب شخصية عندما يقبله”. معترفًا أن “هناك أعمال قد تكون لم تحقق النجاح وهذا موجود في مسيرة أي فنان”.
وأوضح “حميدة”: “لابد أن نراجع أنفسنا دائما، ولابد أن ننتقد أنفسنا كذلك حتى نصل إلى نسخ أفضل”. لافتا إلى أن: “التدريبات في التمثيل تتبع علم الحركة، لأننا لابد أن نتعلم كيفية تغيير الصوت والنبرة التي نتحدث بها، لأن الصوت صادق عن الممثل نفسه، وكيفية تلوين الصوت حسب النص من العناصر الهامة للغاية، بل إنه لا يقل أهمية عن لغة الجسد”.
وأضاف: “كل شخصية ترسمها لابد أن تدرك أن الصوت فيها له أهمية لا تقل عن أهمية لغة الجسد، ولكي تدرب نفسك على تغيير نبرة الصوت لابد للممثل أن يقوم بتكرار كلمة معينة بل ويحاول أن يعكسها ليدرب نفسه على جميع المصطلحات. ولابد كذلك على الممثل أن يأتي بالنص ويعيده بصوت عال في أماكن مختلفة بجميع الطرق، مثل أن يقرأ بطريقة ساخرة مرة ومرة أخرى بطريقة جادة ومرة أخرى بطريقة شخص مندهش وهكذا، لأن التلون في الصوت هام للتعرف على الصوت. والطريقة الوحيدة لتحسين صوتك هي صوتك، لأن صوتك على القياس العلمي أنت لم تسمعه، ولكن المستمع هو الوحيد الذي يسمعه، وكل الناس موهوبة بالفطرة وكل شخص حسب شخصيته”.
وتابع “حميدة”: “هناك خوف من الجمهور لأي فنان يصعد على المسرح، وهذا ليس خاصا بالمسرحيين فقط، ولكن خاص بالرياضيين أيضا، ومن الممكن أن يصاب بمتلازمة الخوف من الجمهور، وحتى نتفادى الخوف من المسرح لابد من التدرب على الاسترخاء وعمل تمارين النفس.”
واستكمل: “إن البحث عن المصادر المعرفية له ضرورة في تطوير موهبة التمثيل، وأنا أشير للقادمين الجدد بأن التمثيل علم وله مصادر معرفية، وأرى أنه لم يستقر لدينا تعليم التمثيل كما ينبغي حتى الآن”.
وعن علم التمثيل أكد “حميدة”: “التمثيل يتبع علم الحركة وهناك أشخاص لديهم مناهج في تعليم الأشياء عن طريق التعبير الحركي مثل الفنون القتالية وفنون التمثيل، وعلم الحركة هو مجموعة حركات معينة تؤدي إلى إيصال المعنى كما يجب أن ينبغي. ولأن الطفل موجود بداخل المبدع دائما فأنا أعترض على لقب نضج فني، لأنه من المهم أن يظل المبدع طفلا كما هو، ولا يترك نفسه للعجز. مثل المخرج يوسف شاهين، كنت أنظر في عينيه أرى الطفل الذي يبلغ من العمر 5 سنوات مازال يبدع، وحكاية أن ينضج الممثل ماهي إلا أكذوبة، وأنا أرى أن البشر خلقوا لأجل التمثيل، والإنسانية كلها تتلخص في التشخيص أو السلوك الإنساني، وكل فرد ممثل بطبيعته وموهوب في ذلك، ولكن عندما يتربى في بيئة ويكبر وينشأ فقدراته تتعطل وكلما يكبر أكثر قدراته تقل أكثر بسبب تأثيرات المجتمع”.
ونصح “حميدة” الشباب الذي يبدأ حياته فنيا، قائلا: “إخلاصك وتعليمك هو الشيء الوحيد المنقذ بالنسبة لك، القراءة والإخلاص والتعلم هو مفتاح النجاح في كل مجال، وكيفية جعل الممثل حقيقيا على المسرح هو أن تظل داخل الحدث على خشبة المسرح ولا تعبره عبر الحائط، ولا تنشغل بالمتفرج، بل تنشغل بالذي يحدث على خشبة المسرح فقط، المحيط الذي تجسد فيه شخصيتك داخل العمل وإذا انشغلت بالمتفرج والمتفرج انشغل بك ستكون مزيفا”.
وشدد: “كل ما كان الممثل منشغل بالحدث الموجود على المسرح سيكون ممثلا حقيقيا، لأن العقد الذي تم عقده بينه وبين المتفرج هو الحدث، ونحن في فنون التمثيل نهتم بالتدريب على الحركة لأجل أن يظل الوعي بالجسد موجودا طوال الوقت، لأن حركة الجسد تحقق الجدل مع الفراغ”.
واختتم “حميدة”: “أنا من جيل يعتبر صناعة الفيلم عملا جماعيا يقوده رب العمل وهو المخرج، فـ”فن صناعة اللقطة” يكون الممثل فيها هو الظاهر فقط، لكن هناك أفرادا كثيرة لكل واحد منهم دور مهم في خروج اللقطة في أحسن صورة، بداية من مهندس الديكور ومدير التصوير والمونتير وغيرهم، والجمهور أصبح واعيا جدا في معرفة صناع السينما وليس الممثل فقط، ولابد أن يوطد الممثل علاقته مع جميع أفراد العمل”.