الدكتور عادل اليماني يكتب:إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ..
﷽ :
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
تأملِ الإبداعَ في النصِ :
إِنَّ : توكيدٌ وتثبيتٌ .
اللَّهَ : اسمُه الأجلُ سُبحَانَه ، والجملةُ الاسميةُ ، خبريةٌ تقريريةٌ راسخةٌ ، لا تقبلُ شكاً ، ولا تحتملُ تأويلاً ، لا تتغيرُ ، ولا تتعدلُ ، ولا تتبدلُ ..
وَمَلَائِكَتَهُ : جميعاً ، دونَ استثناءٍ ، مَنْ عرَفنا منهم ، و مَنْ لم نعرفْ ، والجمعُ بالعطفِ ، يحملُ أعلي معاني الإجلالِ والتقديرِ ، إذ جُمِعَ في مُقامٍ واحدٍ ، بينَ العُظماءِ ( الملائكةِ ) والأعظمِ ( الله تعالي ) واشتركوا جميعاً في أمرٍ واحدٍ ، الصلاةِ علي النبيِّ ( ص ) ..
يُصَلُّونَ : الديمومةُ والاستمراريةُ ، دونَ توقفٍ ، آناءَ الليلِ ، وأطرافَ النهارِ ..
النَّبِيِّ : ولم يقلِ ( الرسول ) فالنبوةُ له ( ص ) سابقةٌ علي الرسالةِ ، ولو قِيلَ ( الرسول ) فالمعني أنْ بدايةَ الصلاةِ عليه ، من اللهِ وملائكتِه ، كانتْ فقط منذُ كُلِفَ بالرسالةِ .
قالوا : يا رسولَ اللهِ ! مَتى وجَبت لكَ النُّبوَّةُ ؟ قال ( ص ) : وآدمُ بين الرُّوحِ والجسَدِ .. والمعني أنَّ اللهَ والملائكةَ يُصلونَ علي النبيِّ ( ص ) من قبلِ خلقِ آدمَ نفسِه .
يَا أَيُّهَا : نداءُ تعظيمٍ ..
الَّذِينَ آَمَنُوا : تخصيصٌ ، للصفوةِ فقط من المسلمين ، وليسَ للمسلمين جميعاً ..
صَلُّوا عَلَيْهِ : أمرٌ واضحٌ وصريحٌ ومباشرٌ ..
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا : أمرٌ آخرُ من اللهِ ، فالصلاةُ عليه وحدَها لا تكفي ، بل يجبُ أنْ تقترنَ بالسلامِ أيضاً ، والسلامُ نفسُه له شكلُه وإيقاعُه ، ليسَ كأيِّ سلامٍ ، وإنَّما ( تَسْلِيمًا ) أي فيه القدرُ الأكبرُ من التبجيلِ والتقديرِ والعرفانِ بالفضلِ .
ولم يقلْ : صَلُّوا وَسَلِّمُوا عليه ( معاً ) فكأنَّه عندَها أمرٌ واحدٌ ، وإنَّما ، صَلُّوا عَلَيْهِ ( أمرٌ أولُ ) وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ( أمرٌ ثانٍ ) ..
الصلاةُ من اللهِ لها مَعْنيً ، ومن الملائكةِ لها مَعْنيً ، ومن المؤمنين لها مَعْنيً .
والصلاةُ في الأصلِ ، هي الدعاءُ ، والدعاءُ من سائلٍ لمجيبٍ ، وهَذَا المعني لا ينطبقُ علي اللهِ ، لأنَّه جلَّ شأنُه ، هو مجيبُ السائلين .
إذنْ ، الصلاةُ من الله رحمةٌ ، ومن والملائكةِ تسبيحٌ ، ومن المؤمنين استغفارٌ ..
ماذا تفعلُ للصلاةِ علي النبيِّ ؟
ليسَ بمقدورِك القيامُ بالفعلِ منفرداً ! فالأمرُ أعظمُ وأكبرُ من قدراتِك الخاصةِ ، ولذلكَ أنتَ تُوكِلُ الأمرَ للهِ ، فتقولُ : اللَّهُمَّ صلِ علي مُحمدٍ ..
أوامرُ اللهِ مباشرةٌ ، فيما الأمرُ بالصلاةِ علي النبيِّ تحديداً ، وضِعتْ له المُقدماتُ ، ترسيخاً للمعني ، قبلَ التوجيهِ المباشرِ ، لماذا ؟ لأنَّه أمرٌ جدُ خطيرٍ ، يخصُ نبياً جدَ عظيمٍ ..
وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ..
نطفةٌ مباركةٌ ، من أصلابِ الأنبياءِ والمرسلين .
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ..
فلا يُذْكَرُ اللهُ ، في الشهادةِ ، إلا ذُكِرْتَ معه ،
أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّة ِخَاتَمٌ ،
مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ ..
وَضَمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمِهِ ،
إذا قالَ في الخمْسِ المؤذِّنُ أشهدُ ..
وشقَّ له من اسمِه لِيُجِلَّهُ ،
فذو العرشِ محمودٌ ، وهذا محمدٌ ..
لو أتينا اللهَ تَعَاَلي ، من كُلِّ طريقٍ ، واستفتحنا من كُلِّ بابٍ ، لما فُتِحَ لنا حتى ندخلَ خلفَ رسولِ اللهِ ( ص ) .
لما اقترفَ آدمُ الخطيئةَ ، قالَ : يا ربِّ ، أسألُك بحقِّ محمدٍ أنْ تغفرَ ليِّ ، فقالَ : يا آدمُ ! وكيفَ عرَفتَ محمدًا ولم أخلُقْهُ ؟ قالَ يا ربِّ ، لمَّا خلقْتني بيدِك ، ونفختَ فيَّ من روحِك ، رفعتُ رأسيَّ ، فرأيتُ على قوائمِ العرشِ مكتوبًا : لا إلهَ إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ ، فعلِمتُ أنَّك لم تُضِفْ إلى اسمِك ، إلا أحبَّ الخلقِ إليكَ ، فقالَ اللهُ : غفرتُ لكَ ، ولولا محمدٌ ما خلقتُك .
قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْبخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَم يُصَلِّ علَيَّ ..
فرضٌ علينا في العُمْرِ مرةً ، وواجبٌ علينا في كُلِّ مرةٍ ..
اللَّهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ ، الفاتِحِ لِما أُغلِقَ ، والخاتَمِ لِما سَبَقَ ، ناصرِ الحَقِّ بالحَقِّ ، والهادي إلى صِراطِك المُستَقيمِ ، وعلى آلِه ، حَقَّ قَدْرِه ومِقدارِه العَظيمِ ..