أفغانستان تتقدم في “سهولة أداء الأعمال”

تقرير – محمد عيد

تحتل أفغانستان عادة صدارة دول العالم في عدد ضحايا العمليات الإرهابية أو الحصول على المعونات أو في تجارة المخدرات أو في مؤشر الدول الفاشلة، هذا بالإضافة إلى موقعها التقليدي في قمة ترتيب الدول العالم “أبجديًا” في كل التقارير الدولية، ولكن في الأسبوع الماضي تصدرت أفغانستان دول العالم في تقرير سهولة أداء الأعمال الصادر عن البنك الدولي، كونها أكثر دول العالم إصلاحًا.

يقيم التقرير مدى سهولة أداء الأعمال في الدولة في مقياس من 100 نقطة، وقد قفزت أفغانستان 10.64 نقطة، لتصل إلى 47.77 نقطة، احتلت بها المرتبة 167 عالميًا، من بين 190 دولة شملها التقرير.

الدول النامية بالطبع لديها مساحة كبيرة للنمو على عكس الدول المتقدمة (التي نمت بالفعل)، ولكن هذا ليس فقط سبب الظاهرة الأفغانية، والدليل على ذلك أن قائمة العشرة الأكثر إصلاحًا، التي تتصدرها أفغانستان، تضم دول ضمن الخمسين الأفضل في أداء الأعمال (أذربيجان 25 ورواندا 29 وتركيا 43 والصين 46) بالإضافة إلى كينيا والهند وجيبوتي وكوت دي فوار وتوجو.

السبب الرئيسي في هذا التقدم أن أفغانستان نفذت إثنى عشر إصلاحًا دفعة واحدة، مقابل 5 إصلاحات في مصر، التي تنفذ برنامج إصلاحي عنيف.

وقامت أفغانستان على سبيل المثال بتعزيز كبير لحقوق المساهمين الأقلية، وتحتل في هذا المجال المرتبة 26 عالميًا، بينما تحتل مصر المرتبة 72.

واصدرت أفغانستان قانون جديد لتنظيم المسؤولية المحدودة للمساهمين خفض بشكل كبير من مخاطر تضارب مصالح كبار المستثمرين، وعزز حوكمة الشركات، واتباع هياكل إدارية تحمي حقوق الصغار، بالإضافة إلى ذلك ، تم تعديل قانون الإجراءات التجارية لمنح صلاحيات أكبر للمساهمين الصغار لمنع المعاملات المرفوضة من جانبهم، وألزم القانون مجالس إدارة الشركات بمعدلات إفصاح وشفافية أعلى.

كما اعتمدت أفغانستان إطارا قانونيا جديدا للإفلاس في عام 2018.

كما حققت الحكومة الأفغانية انخفاضًا في الوقت اللازم لإعداد وثائق تأسيس الشركات بعد برامج التدريب المُكثفة على نُظم التنفيذ الآلي، كما اتبعت  نظام لإدارة البيانات الجمركية طورته منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).

ويحتاج تأسيس الشركة في أفغانستان مدة وتكلفة أقل من مصر بفارق واضح، رغم التطور الذي شهدته مصر في تأسيس مراكز خدمات المستثمرين العام الحالي.

هذا في مجال إجراءات تأسيس وعمل الشركات، من ناحية أخرى شهد عامي 2017 و2018 نشاط ملحوظ في جذب الاستثمارات الصينية والهندية لأفغانستان.

في عام 2017، ساعد معرض مومباي على تعزيز الروابط التجارية بين الهند وأفغانستان، وجذب هذا الحدث التجاري أكثر من 1000 تاجر هندي لإبرام التعاقدات، والشراكات، والبحث عن فرص الاستثمار المختلفة مع أكثر من 240 شركة ومؤسسة من القطاع الخاص الأفغاني.

ورغم رفض باكستان فتح طريق بري يصل نيودلهي بقندهار، خشية تفوق الهند على الهيمنة الباكستانية في مجال التجارة مع الجانب الأفغاني، ولكن نجحت الهند وأفغانستان في تجاوز الهيمنة التجارية الباكستانية عندما توجها للتجارة عبر ميناء تشابهار في إيران.

تزامنا مع ذلك، تعمل أفغانستان أيضا على صعيد بدء طريق الشحن الجوي لنقل المنتجات الأفغانية مباشرة إلى الأسواق الصينية، بالإضافة إلى استغلال الموانئ الإيرانية، وتعتبر الصين من الأسواق الجيدة لمنتجات الزعفران، والصنوبر، والأحجار الكريمة الواردة من أفغانستان، رغم قلة إنتاجها

هذا كما تعهدت أوزبكستان بتوفير 500 مليون دولار لإنشاء خط سكك حديدية من مدينة مزار شريف حتى محافظة هيرات الأفغانيتين، ومن شأن الخط المقترح أن يكون امتدادا لمسار بطول 75 كيلومترا من الحدود الأوزبكية حتى مزار شريف الأفغانية، وسوف يتصل في محافظة هيرات بخط سكك حديدية آخر قيد الإنشاء حاليا من إيران. ومن شأن هذه الخطط أن توفر طريق العبور من آسيا الوسطى، وربما الصين، حتى إيران ثم إلى أوروبا.

وترى غرفة التجارة الصناعة الأفغانية أنه «من خلال توسيع علاقات التجارة والعبور مع الصين، ستصير أفغانستان جزءًا من المشروعات الكبرى التي تنفذها الصين في المنطقة».

وتعمل الصين بالطبع على إضافة أفغانستان إلى قائمة طموحاتها الإقليمية ضمن «مبادرة الحزام والطريق» الشهيرة.

هذه المبادرات والتحركات مُجتمعة من المرجح أن تؤدي إلى مزيد من التقدم في ترتيب أفغانستان في المؤشرات الاقتصادية الدولية، وبالتالي خسارة صدارتها العالمية في كل ما يتعلق بالإرهاب وتجارة الممنوعات والفشل عمومًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى