حركة النهضة الإسلامية تسعى لإحياء التوافق مع حركة نداء تونس

كتب- محمد عيسى:
التقى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بالرئيس السبسي مساء الاثنين، وجدد راشد الغنوشي “الحرص على خيار التوافق والتشاور في المشهد السياسي، وخاصة بين المؤسسات التنفيذية للدولة بما يعزز فرص تجاوز التحديات وتوفير المناخات المناسبة لإنجاز الاستحقاق الانتخابي في أحسن الظروف”.
وشدد السبسي على حرصه على الإعلاء من شأن الدولة، ورعاية المصلحة العامة وإعلاء القانون، واستيائه من كل انفلات أو تجاوز، كما عبر عن انشغاله الشديد بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تجتازها البلاد، وضرورة تضافر كل الجهود للتخفيف منها، كما جدد السبسي “احترامه لكل مكونات الساحة السياسية ومنها حركة النهضة.
وتسعى حركة النهضة الإسلامية لإحياء التوافق مع حركة نداء تونس بعد أن أعلن مؤسسها الرئيس الباجي قائد السبسي انتهاءه.
وقبل ذلك، أكد رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني أن مجلس شورى النهضة الذي انعقد في الحمامات السبت والأحد دعا إلى تثبيت التوافق والتشارك خيارا استراتيجيا يشمل كافة القوى الوطنية لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والسير بالبلاد نحو الانتخابات في موعدها المحدد.
وقال في مؤتمر صحافي الأحد إن مجلس شورى الحركة دعا إلى الحفاظ على علاقة إيجابية مع الرئيس الباجي قائد السبسي وإلى مواصلة التفاوض مع رئيس الحكومة لاستكمال الشروط الضرورية للشراكة مع الحرص على إيجاد علاقة بناءة مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
لكن حركة نداء تونس (أسسها السبسي) اعتبرت أنّ التوافق الذي تم العمل به بين رئيس الجمهورية ونداء تونس من جهة، وحركة النهضة من جهة أخرى، منذ انتخابات 2014، منته.
وتابعت في بيان أصدرته عقب لقاء الشيخين أن الحكومة الحالية هي حكومة حركة النهضة، وعليه فإنها (نداء تونس) غير معنية بدعمها سياسيًا، ومازال نداء تونس يحتفظ بوزرائه في الحكومة. وقال نهاية الشهر الماضي إنه يدرس إمكانية سحبهم بعد فشل مساعيه في إسقاط حكومة يوسف الشاهد. وأواخر سبتمبر الماضي، قال السبسي إن حركة النهضة أنهت توافقا معه دام 5 سنوات.
حركة نداء تونس تؤكد أن الحكومة الحالية برئاسة الشاهد هي حكومة حركة النهضة، وعليه فإنها غير معنية بدعمها سياسيا
وجاء إعلان السبسي لينهي فترة توافق بين حزبي نداء تونس والنهضة، وهما الحزبان الرئيسان في الائتلاف الحاكم، بدأت قبل خمس سنوات وجنبت تونس السقوط في أتون العنف، واتفقا خلالها على حكومة تكنوقراط وصياغة دستور حداثي وتنظيم انتخابات حرة في 2014.
وقال السبسي في حوار تلفزي نهاية سبتمبر الماضي قررنا الانقطاع بطلب من النهضة، هي تريد التوافق مع الحكومة التي يرأسها يوسف الشاهد، العلاقات بين الباجي قائد السبسي والنهضة انقطعت، وتابع السبسي لم يعد هناك توافق للتواصل بين الباجي والنهضة، بسعي منها، النهضة نفضت يدها من الباجي واختارت طريقا آخر، إن شاء الله يكون موفقا، ولكن لا أظن ذلك.
وأضاف الرئيس التونسي أنه بإنهاء التوافق مع النهضة دخلنا مغامرة جديدة أنا منها براء، كما أكد أنه دافع عن خيار عدم إقصاء النهضة، وشدد على أن ذلك كلفه غاليا، من دون تفاصيل، وفسّر السبسي دفاعه عن التوافق بأن له التزام بالوطن.
وتعيش تونس منذ أشهر على وقع أزمة سياسية بسبب خلافات بشأن مصير حكومة يوسف الشاهد، ففي حين تتشبث حركة النهضة بدعمه يطالب اتحاد الشغل وحزبه نداء تونس بضرورة رحيله.
وفازت حركة نداء تونس في انتخابات 2014، بالمرتبة الأولى بعد حصولها على 86 نائبا (من إجمالي 217)، لكن كتلتها البرلمانية تدحرجت إلى المرتبة الثالثة حاليا بـ39 نائبا، خلف حركة النهضة (68 نائبا)، وكتلة الائتلاف الوطني (47 نائبا).
ولم يتوقف نزيف الاستقالات من الحركة منذ 2015، وامتد التوتر من البرلمان والحزب ليصل إلى قصر قرطاج. وأفادت تقارير إعلامية الثلاثاء باستقالة المستشار ورئيس الديوان السياسي للرئيس الباجي قائد السبسي وسط أزمة صامتة تحيط بالرئاسة.
وأوردت التقارير أنباء عن استقالة المستشار سليم العزابي أحد أبرز القياديين بحزب حركة نداء تونس. ولم يتسن الحصول على تعليق من الرئاسة التي التزمت الصمت، كما لم تقدم على الفور معلومات أو تفاصيل عن أسباب الاستقالة. وأثار البيان الذي حمل توقيع النائبة عن حركة نداء تونس أنس الحطاب استغراب المتابعين الذين اعتبروه محاولة للتدخل في شؤون مؤسسة الرئاسة.
وذكرت مصادر إعلامية أن استقالة العزابي جاءت احتجاجا على البيان الذي أصدرته حركة نداء تونس عقب لقاء الغنوشي وقائد السبسي، وتحيط بقصر الرئاسة أزمة لم تعد خافية منذ إعلان السبسي في سبتمبر الماضي نهاية التوافق مع حزب حركة النهضة الإسلامية الشريك في الحكم، على خلفية تضارب وجهات النظر حول مصير الحكومة الحالية.
ويبدو أن تيارا داخل قصر قرطاج يرفض فك التحالف بين نداء تونس والنهضة ويسعى لتهدئة الوضع حتى إجراء الانتخابات خريف العام المقبل.
لكن المتحكمين في الحزب وفي مقدمتهم المدير التنفيذي ونجل الرئيس حافظ قائد السبسي يسعون للانسحاب من الائتلاف الحاكم والتركيز على بناء جبهة إنقاذ جديدة، تحاكي تلك التي تم إنشاؤها في 2013 للتصدي لحركة النهضة في الانتخابات القادمة، وهو ما يعكسه تشبثهم بإنهاء التوافق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى